كان «ناجيون هو فيوك»، الذى يدير شركة «كومو» لتسويق المنسوجات فى مدينة «هو تشى مينه»، الفيتنامية، غاضبًا للغاية، عندما أعلن الرئيس الامريكى دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ، عام 2017.
ولكن بعد عامين تغير الموقف تمامًا، وأصبح «فيوك»، فى مزاج جيد.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن قسم صناعة الملابس فى شركة «كومو» يخطط لمضاعفة عدد موظفيه إلى أكثر من 1000 موظف بحلول نهاية العام الحالى، بسبب زيادة الطلب على القمصان والسراويل وملابس النوم وغيرها من المنتجات.
وقال فيوك، إنه ينبغى أن يشكر ترامب، على شن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لأنها تعود بالفائدة على فيتنام أكثر من أى دولة أخرى فى آسيا.
فالمزيد من المصنعين والمشترين والمستثمرين، يقومون بتغيير سلاسل الإمداد بعيدًا عن الصين.
أوضح فيوك، أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين يمكن أن تجعل الأمور أفضل بالنسبة لفيتنام.. ليس فقط فيتنام ولكن تايوان وكوريا وميانمار ولاوس بالاضافة إلى كمبوديا وبنجلاديش التى تجيد عملية تصنيع المنسوجات أيضًا.
أضافت الصحيفة البريطانية، أن واردات الولايات المتحدة من فيتنام ارتفعت بنحو %40 فى الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالى مقارنة بالفترة نفسها من 2018. وكان هذا أكبر ارتفاع بين أكبر 40 مستوردًا للولايات المتحدة.
وخلال الفترة نفسها، انخفضت الواردات الأمريكية من الصين بنسبة %13 وهو ثانى أكبر انكماش منذ عام 2009.
وأشارت «فاينانشيال تايمز»، إلى أن هذا التحول يرفع المبيعات بين المصنعين والموردين الفيتناميين ليس فقط فى مجال المنسوجات، ولكن فى مجموعة من القطاعات الأخرى التى تتراوح بين المأكولات البحرية إلى أشباه الموصلات.
وحققت القطاعات التى فرضت فيها الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على نظيراتها الصينية أكبر المكاسب.
وفى الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالى، زادت واردات الولايات المتحدة من الهواتف المحمولة من فيتنام بأكثر من الضعف على أساس سنوى، فى حين تقلصت الواردات من الصين بنسبة %27.
وخلال الفترة نفسها، ارتفعت واردات الكمبيوتر الأمريكية من فيتنام بنسبة %79 مقابل انخفاض بنسبة %13 فى الواردات الصينية.
وقال المدير القطرى فى فيتنام لدى «جلوبال سورز»، فو نجوك خيم، إنه فى الوقت الحاضر يبحث كثير من المشترين من الصين وباقى العالم عن مصادر بديلة من فيتنام ودول أخرى منها كمبوديا.
وأضاف خيم، أن تجار التجزئة فى الولايات المتحدة وأوروبا مثل «زارا» و «تارجت» يكثفون فى الوقت الحالى مشترياتهم فى فيتنام من خلال مجموعة منتجات تشمل الحقائب والملابس والأحذية والصلب والألومنيوم.
وبالنسبة للعديد من الشركات الفيتنامية، فإن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستخلق العديد من الفرص لتوسيع أعمالهم.
وقال المحللون، إن المنافسين الصينيين اعتادوا على استيراد المنتجات الخام من فيتنام والهند لمعالجتها محليًا وتصديرها إلى الولايات المتحدة.. لكنهم توقفوا عن القيام بذلك منذ فرض ترامب، التعريفات الجمركية.
وارتفعت واردات الولايات المتحدة من الأسماك من فيتنام بأكثر من %40 فى الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالى فى حين تراجعت الواردات من الصين.
أوضحت «فاينانشيال تايمز» أن فيتنام تستفيد بشكل خاص لأنها تبيع العديد من المنتجات التى تضررت من الرسوم الجمركية.
وتوقع بنك التنمية الآسيوى، أن فيتنام ستحقق مكاسب تراكمية تصل إلى %2 من الناتج المحلى الإجمالى على مدار 3 سنوات حال تصاعد النزاع التجارى بين الولايات المتحدة والصين.
وتسارعت الحرب التجارية فى اتجاه طويل الأمد،إذ أنشأت بعض الشركات الصينية والأمريكية وغيرها، مصانع فى فيتنام للهروب من ارتفاع الأجور ونقص العمالة والأنظمة البيئية المشددة فى أماكن أخرى.
وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى فيتنام رقماً قياسياً، مسجلة 18 مليار دولار فى العام الماضى بزيادة تقارب 20 نقطة مئوية لتصل إلى %58 من الناتج المحلى الإجمالى متجاوزةً معظم دول جنوب شرق آسيا.
وقال مدير شركة «جرين يارن»، كوتش كين لان، وهو منتج النسيج الفيتنامى الذى يواجه طلبيات متزايدة بسبب زيادة تعريفة المنسوجات الأمريكية على الصين، إن المزيد من العملاء الأجانب يفكرون فى التحول نحو فيتنام فى الوقت الحالى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ارتفع فيه الفائض التجارى ابين الولايات المتحدة وفيتنام بنسبة %43 خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالى، لتأتى فى المرتبة الثانية بعد الصين والمكسيك واليابان وألمانيا.
وفى الوقت نفسه، سعى بعض المصدرين إلى الاستفادة من مكانة فيتنام كملاذ آمن نسبى من خلال إعادة تسمية البضائع الصينية باسم «صنع فى فيتنام»، وهى ممارسة تعهدت بها إدارة الجمارك الفيتنامية فى وقت سابق من الشهر الحالى لاتخاذ إجراءات صارمة.
ورغم المكاسب، فإن تحقيق التوازن بين العلاقات مع القوتين العظميين هو شاغل للمصنعين الفيتناميين الذين يشعرون بالقلق من عدم القدرة على التنبؤ بالحرب التجارية، وخصوصا فى ظل عدم وجود اتفاق تجارى بين الولايات المتحدة وفيتنام.