قالت شركات عاملة بقطاع تصنيع الآلات والمعدات فى مصر، إنَّ انخفاض مبيعاتها، وانخفاض النمو، يرجعان إلى قلة ثقة المستهلك المحلى فى المنتجات المستوردة، وضعف التسويق لمنتجاتها، بالإضافة إلى ارتفاع الجمارك على مكوّنات الإنتاج مقارنة بالماكينات تامة الصنع.
كما رهنت نمو القطاع، بالبدء فى ضم الشركات العاملة بالقطاع غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية لإيجاد عدالة فى المنافسة بينهما، فضلاً عن استقرار أسعار المكوّنات المحلية.
قال محمود شامات، رئيس مجلس إدارة شركة الشهباء لتصنيع خطوط إنتاج الآيس كريم، إنَّ صناعة الآلات والمعدات ما زالت محدودة فى السوق المحلى.
وأضاف لـ«البورصة»، أنَّ المنافسة دائماً لصالح المنتج المستورد، خصوصاً المنتج الإيطالى والألمانى، فى حين أن المنتج الصينى ينافس من حيث السعر فقط.
وأوضح أن الصناعة المحلية تواجه مشكلتان رئيسيتان، هما نقص السيولة النقدية لدى الشركات التى تشترى خطوط إنتاج الآيس كريم، ما يضطرهم إلى التقسيط، فضلاً عن عدم ثقة البعض فى المنتج المحلى وتفضيله المنتج المستورد.
وتابع: «عدم توافر السيولة النقدية لدى الشركات، يجعلها تعتمد على شراء الماكينات المستوردة ذات الجودة المنخفضة بسعر مرتفع من المستوردين».
ولفت إلى أن الشركات المحلية المنتجة للآلات والمعدات لا تستطيع مواكبة هذا النهج لضعف السيولة النقدية لديها، فضلاً عن مشكلات التحصيل من العملاء وتأخرهم فى السداد.
وفيما يخص المنافسة السعرية، أشار «شامات» إلى أن سعر المنتج المحلى أقل بنحو %50 من سعر المنتج الأوروبى ومطابق له فى الجودة.. لكنه يرتفع بنسبة %30 عن المنتج الصينى فى مقابل الجودة المرتفعة للمحلى.
وأكد أهمية تشجيع المنتج المحلى وإعطاء الأولوية له فى السوق كبديل للمستورد لرفع القيمة المضافة له، إذ استفادت الشركات المنتجة للآلات والمعدات من قرارات وزارة التجارة والصناعة لترشيد الاستيراد ورفعت طاقتها الإنتاجية.
وأصدر المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة السابق، قراراً برقم 43 لسنة 2016، لتسجيل المصانع الموردة لمصر بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، لحماية السوق من المنتجات الرديئة وترشيد الاستيراد والحفاظ على الحصيلة الدولارية، وهو ما انعكس إيجاباً على اتجاه الشركات للمنتج المحلى وإحلال بعض البدائل المحلية للمستورد فى مختلف القطاعات.
قال «شامات»، إنَّ الفترة الأخيرة شهدت عودة الشركات للاستيراد بكميات كبيرة من الصين، إذ سيكون لذلك تأثير على المصانع المحلية ويضعف طاقتها الإنتاجية.
أكد أهمية دعم التصدير لزيادة الصادرات إلى الدول العربية والأفريقية، خلال الفترة المقبلة، من خلال إعداد منظومة شحن جيدة للوصول إلى السوق الأفريقى باعتباره سوقاً واعداً أمام المنتج المحلى.

وأشار إلى أن الشركة تسعى للتوسع فى طاقاتها الإنتاجية، خلال الفترة المقبلة، تزامناً مع زيادة الطلب عليها، فضلاً عن تصنيع بعض المعدات والماكينات الحديثة لخطوط إنتاج الآيس كريم.
وقال ناجى يوسف أنطون، العضو المنتدب لشركة يونيتل للآلات والمعدات، إنَّ القطاع لم يستفد بالشكل الأمثل من قرار تحرير سعر الصرف، إذ كان من المنتظر زيادة المبيعات بعد ارتفاع سعر الدولار وانخفاض الواردات.
وأضاف أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم ارتفاع المبيعات هو استيراد معظم مكوّنات إنتاج المصانع المحلية، ما يؤدى فى النهاية إلى ارتفاع أسعار المنتج تام الصنع.
وتابع: «واجهت المصانع مشكلة أخرى تتمثل فى ارتفاع الجمارك على مكوّنات الإنتاج فى الوقت الذى تنخفض فيه تلك النسبة على الآلات والمعدات تامة الصنع».
وأوضح «أنطون» الذى يشغل عضوية مجلس إدارة شعبة الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية، أن الشعبة خاطبت مصلحة الجمارك لإزالة تلك التشوهات الجمركية، لكن لم تتلق ردا.
وأكد ضرورة التسويق الجيد لمنتجات القطاع من قبل الشركات والجهات الحكومية: «يصل الأمر إلى أن بعض الجهات الحكومية لا تعلم شيئاً عن منتجات شركات الآلات والمعدات.. على وزارة التجارة والصناعة تبنى عملية التسويق بين المصانع».
وتنتج شركة يونيتل للآلات والمعدات، خطوط تجميع وخطوط فرز وتعبئة الحاصلات الزراعية، إذ بدأت الشركة مؤخراً التوسع فى التصدير عبر دخول السوق الأردنى، بالإضافة إلى دراسة دخول السوقين الأفريقى والعربى بشكل أكبر المرحلة المقبلة من خلال المشاركة فى المعارض والبعثات الخارجية.
وقال وجدى مجدى، عضو مجلس إدارة شعبة الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ مبادرة البنك المركزى لتمويل شراء الآلات والمعدات بنسب 5 و%7 لم تفد مصنعى الآلات و المعدات.
وأوضح أن الشركات التى تحصل على قروض ضمن المبادرة تستورد الآلات والمعدات، فى الوقت الذى كان يجب على الحكومة أن تشترط قيامها بالشراء من شركات محلية لزيادة نسبة المكون المحلى؛ لأن المبادرة فى الأساس كانت لخدمة القطاع الصناعى بشكل كامل.
وقال «مجدى»، إن زيادة عدد شركات القطاع غير الرسمى العاملة بالقطاع، تعد من أبرز العوائق التى تواجه الشركات؛ نظراً إلى عدم عدالة المنافسة بينهما، إذ تدفع شركات القطاع الرسمى ضرائب وجمارك وتأمينات وغيرها من الالتزامات الرسمية، فى الوقت الذى لا تدفع فيه مصانع القطاع الموازى أى رسوم.
وأكد عضو مجلس إدارة شعبة الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، ضرورة تبنى الحكومة خطة لإدراج تلك المصانع ضمن القطاع الرسمى عبر تقديم بعض الحوافز لها.
أضاف أن أحد أسباب ارتفاع أسعار المنتجات المحلية هو عدم ثبات أسعار الخامات المحلية ومنها الألومنيوم والحديد والنحاس، ما يضعف تنافسية الشركات أمام منتجات الدول المنافسة عند التصدير.
وأضاف أن الأسوأ من ارتفاع أسعار مكوّنات الإنتاج وعدم ثباتها، هو انخفاض جودة تلك المنتجات مقارنة بمثيلتها المستوردة.
وقال معتز القناوى، عضو مجلس إدارة شعبة الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ القطاع يواجه مشكلة تتمثل فى ندرة العمالة الفنية المدربة.
وطالب «القناوى»، الشركات الكبرى بتبنّى تدريب الخريجين بدلاً من الحصول عليهم مُدرّبين، متابعاً: «العامل العادى فى شركات الآلات والمعدات يتميز بخبرات كبيرة تمكنه من العمل فى قسم إدارة الصيانة فى شركات أخرى براتب أعلى».
قال »القناوى«، إن القطاع يواجه مشكلة رئيسية تتمثل فى صعوبة المنافسة مع المنتجات المستوردة؛ نظراً إلى ارتفاع جمارك مكوّنات إنتاج الآلات والمعدات إلى ما بين 10 و%30 فى الوقت الذى تدخل فيه الماكينة تامة الصنع بجمارك منخفضة بين صفر و%5.
وتابع: «دخول المنتجات مفككة ومحاولة تجميعها فى مصر تعد بمثابة محاولة أولى لبدء التصنيع محلياً.. وتزمّت الجمارك فى دخولها بجمارك منخفضة يحول دون استكمال تجربة التصنيع».
وقال إبراهيم عبدالعال، عضو مجلس إدارة شعبة الآلات والمعدات بغرفة الصناعات الهندسية، إنَّ تميز الصين عن مصر فى قطاع الآلات والمعدات يأتى توفيرها لعدة مستويات من الماكينات بأسعار مختلفة تتيح للمصانع الاختيار من بينها، عكس الشركات المحلية.
وأضاف أن الشعبة عند اجتماعها بالشركات أعضاء باقى الغرف الصناعية، تتلقى شكاوى من أن المنتجات المحلية مرتفعة السعر مقارنة بالمستوردة، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع أسعار مكوّنات الإنتاج المستوردة.
أوضح «عبدالعال»، أن الشعبة تسعى إلى التسويق لمنتجاتها عبر التواصل مع الغرف الصناعية الأخرى، كما أعدت موقعاً ومجلة خاصة بشركات الشعبة تتضمن إنتاج كل شركة تم توزيعها على السفارات الأجنبية فى مصر والشركات أعضاء الغرف.