غالباً ما يشير الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إلى صادرات الصين الضخمة للولايات المتحدة باعتبارها ظلماً خطيراً يدور حول الاقتصاد العالمى، لكن فى الآونة الأخيرة، من المفيد النظر إلى الواردات الصينية عند توضيح الآلام التى تسببها حروبه الجمركية فى النمو العالمى.
قالت وكالة أنباء “بلومبرج”، إن الصين أكبر دولة تجارية فى العالم شهدت الشهر الماضى انخفاضًا فى حجم الواردات من اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة بشكل حاد مقارنة بمستويات العام السابق.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أنه ربما لا يكون الانخفاض بنسبة 27% من الولايات المتحدة مفاجئًا فى ظل الرسوم الجمركية لكن انخفاض بنسبة 16% من اليابان و 18% من كوريا الجنوبية يعد سببًا للنظر فى الآثار الأوسع لمعارك ترامب، التجارية.
وتوضح هذه البيانات سبب احتلال التجارة قائمة جدول أعمال محادثات “مجموعة العشرين” المقرر عقدها الأسبوع الحالى فى اليابان والتى تضم القادة الذين يرأسون أكثر من 3 أرباع الاقتصاد العالمى.
وعلى الرغم من أن معظم التركيز سيكون على قدرة ترامب، ونظيره الصينى الرئيس الصينى شى جين بينغ، على استئناف المحادثات التجارية فإن القادة الآخرين الحاضرين لديهم مصالحهم الخاصة.
وقال المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، روبرتو أزيفيدو، إن التجارة العالمية تتعرض لقيود تجارية جديدة على مستوى عالٍ من الناحية التاريخية، مما يشير إلى زيادة التدابير الحمائية التى اتخذتها بلدان “مجموعة العشرين” محذرًا من أن ذلك سيكون له عواقب فى حالة عدم اليقين المتزايدة وانخفاض الاستثمار وضعف نمو التجارة.
وتراجعت صادرات مجموعة من المنتجات الصينية التى تأثرت بالتعريفة الامريكية حيث انخفضت بنسبة 26% من قيمة صادراتها إلى الولايات المتحدة فى الربع الأول العام الحالى.
واشارت الوكالة الامريكية إلى أن هذا التراجع كان قبل الانهيار الأخير للمحادثات بين الولايات المتحدة والصين.
وأضافت الوكالة أن بيانات التجارة الشهرية متقلبة لكن أرقام واردات الصين الشهر الماضى أعطت كبير الاقتصاديين فى منظمة التجارة العالمية روبرت كوبمان، دليلاً على أن حروب ترامب، التجارية قد امتدت عبر سلاسل الإمدادات ودفعت الاقتصاد العالمى للتراجع.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تتباطأ فيه الاقتصادات الكبرى أيضًا مثل الاتحاد الأوروبى والصين والولايات المتحدة لأسباب تتراوح بين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى إلى التصنيع المتعثر فى الصين وسياسة التحفيز المالى.
وذكرت “بلومبرج”، أن ارتفاع حالة عدم اليقين بشأن اتجاه الاقتصاد العالمى والتجارة التى تثبط الاستثمار تزيد الشعور بالقلق.
ويصر ترامب، ومساعديه على أن دفعه لتقييد صادرات الصين من خلال تهديد الحلفاء مثل الاتحاد الأوروبى واليابان بتعريفة السيارات يهدف إلى إعادة توازن العلاقات الاقتصادية الأمريكية.
وأوضح المحللون، أن هذه الإجراءات لا علاقة لها بالتباطؤ الحالى فى الاقتصاد العالمى على الرغم من أن مؤسسات مثل صندوق النقد الدولى، قد وصفت التوترات التجارية المتصاعدة بأنها أكبر خطر على الاقتصاد العالمى.
وقال روبرت لايتيزر، كبير المفاوضين التجاريين لدى الإدارة الأمريكية “لا أعتقد أن ما نفعله سيكون له تأثير سلبى كبير على النمو الاقتصادى”.
وأشار إلى نمو الاقتصاد الأمريكى بوتيرة أسرع من أقرانهم فى مجموعة العشرين حيث يتباطؤ الاقتصاد فى الكثير من البلدان الأخرى.
وأفاد توم أورليك، المحلل لدى وحدة “بلومبرج إيكونوميكس”، إن الاقتصاد الأمريكى يعانى بالفعل لأن التعريفة الجمركية الصينية تضرب مبيعات المنتجات الزراعية.
وأضاف أن عدم القدرة على سد الفجوة التى خلفتها المنتجات الصينية يعنى ضربة ثانية، لأن شركات التصنيع الأمريكية تفتقد المدخلات الأساسية فى عملية الإنتاج.
وأوضح روبن بروكس، كبير الاقتصاديين فى معهد التمويل الدولى، أنه من السابق لأوانه فى الحروب التجارية إلقاء اللوم على أى اتجاهات اقتصادية واسعة.
وقال خبراء اقتصاديون، إنه من الصعب تحديد مقدار الإجراءات التى يتحملها ترامب، بسبب التباطؤ، ولكن لا شك فى أن تحركاته تغير التدفقات التجارية.
وأشار المحللون لدى “بلومبرج” إلى أن الإنتاج ينتقل إلى بلدان أخرى بدلاً من السوق المحلية، حيث كشفت البيانات أنه فى الربع الأول من عام 2019 ارتفعت مبيعات تايوان إلى الولايات المتحدة من المنتجات التى تضررت من تعريفات ترامب، فى الصين بنحو 30% عن العام السابق فى حين قفزت مبيعات كوريا الجنوبية بنسبة 17%.
وأفاد محللى معهد “بيترسون” إلى أنه حتى فى الوقت الذى قامت فيه الصين بفرض ضرائب الاستيراد على المنتجات الأمريكية ورفعها قامت الحكومة أيضًا بتخفيض الرسوم على البضائع من بقية العالم.
ومع ذلك، أظهرت بيانات الصين الشهر الماضى أنه ليس من الواضح أن الاستراتيجية أدت إلى زيادة كبيرة فى التجارة غير الأمريكية حتى الآن.
وخلص التقرير إلى أنه مهما كانت نتائج محادثات “ترامب”، و”شى” فى مجموعة العشرين فإن الاضطرابات المبكرة قد تترك مشكلات دائمة.
وأشار تورستين هيفر، كبير الاقتصاديين فى “دويتشه بنك” إلى أنه حتى لو حصلنا على اتفاق فى اجتماع “مجموعة العشرين” فقد نستخف بالضرر الذى لحق بالفعل بالتخطيط الرأسمالى وشعور الشركات بالحرب التجارية.