من خلال التخلى عن الصفقة النووية وإعادة فرض العقوبات على طهران دون دعم دولى، يختبر ترامب مدى قدرة واشنطن على تحقيق نتيجة بمفردها والنتائج الأولية تشير إلى أنه سيكون ناجحاً.
فى الفترة التى سبقت العقوبات المتوقعة، انهار الريال الإيرانى فى السوق السوداء؛ حيث انتقل من حوالى 40 ألف ريال إيرانى مقابل الدولار فى سبتمبر 2017 إلى أكثر من 140 ألف ريال فى شهر فبراير الماضى.
وانسحبت العديد من الشركات الغربية مثل توتال وديملر التى خططت للاستثمار فى صناعتى السيارات والبترول وغيرهما من القطاعات التى فرضت عليها العقوبات بسرعة من البلاد بعد أن أعلنت واشنطن العقوبات.
وحصلت مجموعة من الدول على استثناء من الولايات المتحدة حول تقييد صادرات البترول الإيرانية؛ حيث استفادات منه ثمانى دول لمواصلة استيراد الخام لمدة ستة أشهر فى وقت وصل فيه سعر البترول إلى 85 دولاراً للبرميل، وراقبت واشنطن أسعار البترول منذ ذلك الحين والتى انخفضت بنهاية العام الماضى بمقدار الثلث تقريباً، فى حين أن ارتفاع إنتاج الخام الأمريكى العام الجارى يمكن أن يمنح البلاد مساحة للضغط على عملاء البترول الإيرانى، وقد افتخر “ترامب”، فى تصريحاته مؤخراً، أن بلاده أكبر دولة منتجة للطاقة فى العالم.
فى النهاية، بالنسبة لأى شركة تقرر ما إذا كانت تعطى الأولوية للوصول إلى سوق إيران أو النظام المالى الأمريكى، هناك إجابة واحدة فقط وبالتأكيد ليست الأولى.
من المؤكد، أن الولايات المتحدة لم تصل إلى الحد الأقصى لديها فى العقوبات على إيران وحتى العقوبات التى استهدفت المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئى اعتبرها غير ذات قيمة؛ لأنه لا يملك أصولاً فى الخارج على حد قوله.
وفى أكتوبر الماضى، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 20 شخصاً وكياناً إضافياً لدورها فى شبكة تقدم الدعم المالى إلى قوات “الباسيج”، وهى جماعة شبه عسكرية تقع تحت قيادة الحرس الثورى الإيرانى.
ويصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بشكل روتينى هذه الأنواع من القرارات عندما يكشف عن شبكة جديدة أو حلقة تدعم مجموعة حددتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
وفى هذه الحالة، رفع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية درجة التنبيه إلى الحد الأقصى من خلال فرض عقوبات على بنك بارسيان، أهم بنك إيرانى خاص على صعيد تسهيلات التجارة الإنسانية والطبية، ليس لأنه دعم أنشطة الباسيج مباشرة، ولكن لأنه قدم خدمات إلى شركة لها اتصال غير مباشر للغاية مع الباسيج.
هذا القرار بمثابة إعلان من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بأن أى شركة عالمية تفكر فى التعامل مع إيران، فهى تصبح هدفاً للشبكة الثانوية الواسعة من العقوبات الأمريكية، ومما لا يثير الدهشة، أن هذا سيكون له تأثير مخيف على المؤسسات المالية العالمية التى تبحث العمل مع إيران.