ليس من المستغرب أن المملكة العربية السعودية بدأت أخيراً خفض معدل البطالة بين المواطنين، بعد أن بلغت ذروتها آخر العام الماضى عند 13%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقد الزمان.
ولكن كما ذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، فإن هذه هى النقطة التى تنتهى عندها الأخبار السارة.
فرغم تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى 12.5% فى الربع الأول، فإنَّ أعداد المواطنين العاملين فى القطاع الخاص تراجعت بالفعل.
وأضافت حكومة المملكة أكثر من 20 ألف وظيفة للسعوديين، منذ الربع الثالث من العام الماضى، عندما بدأت هيئة الإحصاء، فى الإبلاغ عن تفاصيل القطاع.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين فى بنك أبوظبى التجارى، إنَّ المملكة عادت، إلى حد ما، إلى نموذج أقدم للعمالة والنمو المدفوعين من الدولة.
وأضافت «مالك»: «الانتعاش الذى نتوقعه فى النشاط غير النفطى العام الحالى يعود إلى حد كبير، لارتفاع الإنفاق الحكومى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر«.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن البطالة هى واحدة من أكبر التحديات التى تواجه جهود الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى منذ 3 سنوات لتنويع اقتصاد أكبر دولة مصدرة للبترول فى العالم.
وتمثل البطالة المستمرة تهديداً كبيراً، إذ تختبر صبر الشباب السعودى الذى ينبغى أن يدخل سوق العمل.
ورغم أن مخطط الأمير محمد، لعصر ما بعد البترول كان يعتمد على خفض الرواتب العامة، إذ أقر فى مقابلة فى أكتوبر الماضى مع وكالة »بلومبرج«، بأن التوظيف الحكومى يمكن أن يكون جزءاً من الحل.. لكنه أضاف: »خلق فرص العمل فى القطاع الخاص سينمو أيضاً مع مرور الوقت«.
يأتى ذلك فى الوقت الذى انخفض فيه عدد المواطنين العاملين فى القطاع الخاص بنسبة 2% خلال العام الماضى، وهو تأثير جانبى من الركود الاقتصادى الذى أحبط سنوات من الجهود الرامية إلى إلزام الشركات على توظيف المزيد من المواطنين السعوديين. وشملت المبادرات المعروفة باسم »السعودة«، التدابير الأخيرة التى حصرت عدداً كبيراً من الوظائف للمواطنين.
ومع ذلك، فإن الأجانب يتركون وظائفهم بمعدل أسرع من أن يحل السعوديون محلهم.
وذكرت »بلومبرج«، أن محنة الشركات تفاقمت؛ بسبب سلسلة من الإصلاحات المالية مثل الضرائب والرسوم الجديدة، كما تأثرت ثقة رجال الأعمال بالأحداث السياسية.
وقال محمد أبوباشا، رئيس تحليل الاقتصاد الكلى فى المجموعة المالية »هيرميس«، إن الاقتصاد السعودى لم يخلق فرص عمل على وجه العموم، إذ إن نفس القطاعات التى يفقد فيها الوافدون الوظائف، يفقد فيها السعوديون وظائفهم أيضاً.
وتمثلت النقطة المضيئة فى ارتفاع عدد النساء السعوديات العاملات، إذ خصص الملك الراحل عبدالله، بعض وظائف التجزئة للنساء السعوديات فى حين أنهى الأمير محمد، حظراً طويلاً على قيادة المرأة للسيارة.
ويستمر معدل بطالة الإناث فى الارتفاع أكثر من 30% على خلفية معدل مشاركة أعلى، ما يعنى أن المزيد من النساء يبحثن عن عمل.
وفى المقابل، توسع تراجع عدد الوظائف للرجال فى سوق القوى العاملة حتى وإن كان بشكل طفيف رغم انخفاض معدل البطالة إلى 6.6% للرجال السعوديين خلال العام الماضى.
وقالت »مالك«: »هناك عدد أقل من الرجال يبحثون عن عمل. ورغم أن الاتجاه الرئيسى أظهر بعض التحسن، فإنه لا يزال وضعاً صعباً للغاية”.