سيتعين على رئيس وزاء اليونان الجديد، كيرياكوس ميتسوتاكيس، التحرك بسرعة لمعالجة مجموعة كبيرة من المشكلات الاقتصادية العالقة.
ويتوقع المستثمرون، أن يثبت ميتسوتاكيس، زعيم حزب “الديمقراطية الجديدة” البالغ من العمر 51 عامًا والذي حصل على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات الوطنية التي أجريت الأحد الماضي، أن سمعته الصديقة للأعمال ستدعم النمو.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن رئيس وزراء اليونان الجديد سيحتاج إلى الوفاء بتعهداته لمعالجة القضايا الشائكة، بما في ذلك المالية الحكومية والقروض المتعثرة والبيروقراطية فى ظل القيود المالية المشددة التى وضعها الدائنون على البلاد.
ورغم أنه ورث اقتصاداً فى حالة تحسن، وسوقاً للأوراق المالية يرتفع، إلا أنه ينبغى عليه ضمان أن تتمكن اليونان من جذب الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها، وخلق فرص عمل فى وقت تتخلص فيه البلاد من أزمة مالية استمرت أكثر من عقد من الزمن وأثرت على مستويات المعيشة.
وقال المصرفى السابق ومستشار شركة “ماكينزى” ووزير الإصلاح الإدارى، ميتسوتاكيس، فى خطاب النصر الذي ألقاه فى أثينا ليلة الأحد الماضى، إن “عبء المسئولية ثقيل ولكنى على وعي تام بالوضع في البلاد”.
وكشفت بيانات الوكالة الامريكية أن الاقتصاد اليوناني نما بنسبة 1.9% العام الحالى، وهو يسير على الطريق الصحيح لتسجيل نسبة نمو تبلغ 2% العام الحالى.
وتخطط اليونان لبيع سندات جديدة بحلول نهاية الشهر، للاستفادة من حالة الزخم المحيطة بالنمو لضمان الوصول المستدام إلى الأسواق المالية التى فقدتها في عام 2010.
وكشفت “بلومبرج” عن 5 قضايا رئيسية سيتعين على حكومة ميتسوتاكيس، الجديدة التعامل معها منذ اليوم الأول
أولاً: الاستقرار المالى
من المقرر أن يضع وزراء مالية منطقة اليورو الذين يجتمعون للمرة الأخيرة قبل عطلتهم الصيفية، اليونان على جدول أعمالهم، إذ يرغب دائنو البلاد فى تقديم رسالة واضحة مفادها أنه يتعين على أثينا الالتزام بتحقيق فائض أولى بنسبة 3.5% سنويًا حتى عام 2022.
وأثار قرار رئيس الوزراء المنتهية ولايته الكسيس تسيبراس، بتوزيع الإعانات على المواطنين قبل الانتخابات الأوروبية، شكوكا حول قدرة اليونان على تحقيق أهدافها المالية.
وتقدر المفوضية الأوروبية، أن الإعانات المجانية ستؤدي إلى تكلفة مالية تبلغ 1% من الناتج المحلى الإجمالي لليونان لعامى 2019 و2020 مما يعني أن الدائنين قد يطلبون من الحكومة الجديدة اتخاذ تدابير تقشفية إضافية.
وكانت حكومة تسيبراس، المنتهية ولايتها قد ذكرت أن اليونان ستفى بوعودها العام الحالى، ولكنها قد تفوت هدف عام 2020 بنحو 400 مليون يورو وهو ما يعادل 452 مليون دولار.
ويخطط رئيس الوزراء الجديد، لسن تشريع سريع للتخفيضات الضريبية التي ستدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من عام 2020 لتحفيز النشاط الاقتصادى وإظهار المستثمرين أن اليونان تخلق بيئة أكثر أمانًا للمستثمرين.
ويبقى أن نرى كيف سيكون رد فعل الدائنين، بالنظر إلى أنهم يريدون حماية الإنجازات التى تحققت حتى الآن بشأن الأهداف المالية.
ثانيًا: القروض السيئة
قالت “بلومبرج”، إن مواجهة حوالى 80 مليار يورو فى صورة قروض متعثرة يمثل إرث الأزمة وأكبر تحد فى البلاد.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يعمل فيه المقرضون على تسريع جهودهم لخفض الديون.. ولكن ربما يحتاجوا إلى مزيد من الأدوات لتحقيق أهدافهم الطموحة.
ورغم ارتفاع المؤشر المصرفي اليونانى القياسى بنسبة 90% العام الحالى، إلا أن المستثمرين يخشون أن يؤدى الفشل فى تقليص القروض المعدومة إلى دفع بعض البنوك نحو طلب رأسمال إضافى.
ثالثًا: الاستثمارات
يسعى رئيس الوزراء الجديد إلى مضاعفة معدل النمو في اليونان إلى 4% عام 2020، ومن أجل تحقيق ذلك يحتاج إلى الاستثمارات، لإقناع المستثمرين أنه بإمكانهم الوثوق بالبلد مرة أخرى، ولذلك يرغب فى المضى قدمًا فى مشروع “هيلنيكون” الذى طال انتظاره.
ويهدف المشروع الرئيسى، لتحويل موقع مطار أثينا السابق – أى أكثر من ضعفى مساحة حديقة سنترال بارك في نيويورك- إلى حديقة حضرية تضم فنادق فاخرة وكازينو وشقق سكنية، ولكن هذا لن يكون كافيا، إذ سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع الروتين والنظام القضائ البطىء والفساد، وكذلك تسريع عمليات الخصخصة، خاصة فى قطاع الطاقة.
رابعًا: الفوضى المحيطة بشركة “بابليك باور”
تكافح شركة “بابليك باور” المسؤولة عن توليد ثلثى الطاقة وتقريباً كل إمداد البلاد من الكهرباء، بعد أن تساءل مدققو الحسابات فى أبريل عن قدرة الشركة الحكومية على مواصلة عملياتها إثر خسارتها التى تجاوزت 500 مليون يورو فى 2018.
واستمر اتجاه الخسائر في الربع الأول من العام الحالى مع ارتفاع الخسائر الصافية إلى 205.1 مليون يورو من 12.6 مليون يورو في الفترة المقابلة من 2018، وقال نائب رئيس حزب “الديمقراطية الجديدة”، أدونيس جورجيادس ، في يونيو الماضى إن المشكلة الأولى التي تخلفها الحكومة المنتهية ولايتها هي “بابليك باور” ، إذ إنها ليست مجرد شركة مضيفًا ان فشل الشركة يعنى فشل البلاد.
وقال رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي، إيمانويل باناجيوتاكيس، للمساهمين في أواخر يونيو: “يتعين على الحكومة اليونانية الجديدة السماح لشركة بابليك باور بالعمل وفقًا لمعايير العمل البحتة مضيفًا أن دخول الشريك الاستراتيجى هو خيار للشركة لتحقيق إمكاناتها الكاملة.
خامسًا: الإدارة والأمن
أشارت “بلومبرج” إلى أن أول مشروع قانون ميتوتاكيس، سيكون حول هيكل وأداء الحكومة وسيشمل أيضًا نقض التشريعات التي تسمح للشرطة بدخول المواقع الجامعية وهذا من شأنه أن يحطم أحد المحرمات، حيث يُمنع من الوصول إلى مواقع التعليم العالي بعد انتفاضة الطلاب ضد الحكام العسكريين في عام 1973، ومن المتوقع أن يسن أيضًا التشريع الخاص بتطبيق تخفيضات الضرائب بعد فترة وجيزة قبيل إغلاق البرلمان لفترة قصيرة فى أغسطس المقبل.