
الشركات تهرب مؤقتاً للدول النامية باستثمار مليارات الدولارات
السعودية تطبيق ضريبة 50% على المشروبات المحلاة نهاية العام
%50 من الشركات البريطانية خفضت السكر فى مشروباتها
45 مليون طن توفير باستهلاك السكر سنوياً فى المملكة المتحدة
%28 حصة “بيسبى” فى سوق المشروبات الغازية فى الصين
17 مليار دولار استثمارات “كوكاكولا” فى أفريقيا خلال 2010-2020
حملات للتصدى لإعلانات وسائل التواصل الاجتماعى الموجهة للأطفال
استشارات مجانية للمعلنين لوضع خطط دعاية ملتزمة بالمسئولية الأخلاقية
%25 من مشاهدى الإعلانات فى سن الطفولة
فرض التشريعات يحمى أصحاب المبادرات الطوعية من خسارة العملاء
فرضت دول عديدة ضريبة السكر ولحقت بها مؤخراً المملكة المتحدة، واضطرت الشركات إلى إعادة صياغة الأسعار أو تعديلها لتجنب الخسائر ومع تزايد هذه الضرائب فى أنحاء كثيرة من العالم من الصعب ألا نتساءل عما إذا كانت الصناعة ستضطر إلى تغيير جذرى فى علاقتها بالسكر.
وباختصار فإن النظر إلى مخاطر تناول المشروبات المحلاة والمشروبات الغازية بات لا يقل عن مخاطر تناول المشروبات الكحولية بحسب تقرير موقع “درينكانسيت نيتويرك”، مما دفع الغالبية العظمى من الشركات إلى تقديم مزيج منخفض السعرات الحرارية ومضاف إليه عناصر صحية مثل الفيتامينات والزنجبيل لمواجهة تحول الجمهور العدائى تجاه السكر.
وما يمنع انهيار مبيعات المشروبات المحلاة هو حيرة المستهلكين بين البحث عن مشروبات صحية دون المساومة على المتعة أكثر من اللازم وهو ما يفسر استمرار الإقبال الكبير على مشروب الصودا رغم أوجاع زيادة الضرائب عليها.
ويقول مايك سبيرلينج الشريك الإدارى فى بارفلاى، إن ضريبة السكر البريطانية حتى الآن أدت إلى خفض أكثر من 50% من الشركات المصنعة لمحتوى السكر من المشروبات منذ الإعلان عنها فى مارس 2016 أى ما يعادل 45 مليون كيلوجرام من السكر كل عام.
وأضاف أنه مع ذلك توجد بعض الشركات لم تعيد ترتيب أوضاعها ويجب الآن تصعيد الضريبة على هذه المشروبات كما حدث بصورة تدريجية لضريبة التبغ بحيث تخفض الحكومة الحد الحالى البالغ 5 جرامات و8 جرامات لكل 100 مل تدريجياً وتزيد مبلغ الرسوم المدفوعة تدريجياً أيضاً، كما يجب أيضاً إدخال اللبن المخفوق بنسبة سكر عالية مثله مثل عصائر الفاكهة إذا لم يتم تقليل نسبة مواد التحلية بحلول عام 2022.
ويعد استهلاك مشروبات الطاقة فى المملكة المتحدة مشكلة متنامية أيضاً، خاصة بين الأطفال والمراهقين بين فئة 10 و14 عامًا، والتى تحتوى على مستويات مذهلة من السكر والكافيين المرتبط بفقدان النوم المزمن والإدمان بدرجة قد تصل إلى تسمم الدم.

وحظرت العديد من محلات السوبر ماركت الكبرى بيع مشروبات الطاقة إلى الأطفال دون سن 16 عاماً، لكن المتاجر الصغيرة تبيع كميات كبيرة وتدعو منظمات الصحة الإنجليزية إلى إصدار قانون ملزم بحظر بيعها لأقل من 16 عاماً من جميع المنافذ.
وبالنسبة لكوثر هاشم أخصائية تغذية فى شركة بيلفوير فإن أهم مميزات ضريبة السكر أنها فرضت على الشركات علاقة خاصة مع المستهلك حيث باتت احتياجاته وصحته لها أولوية.
وتنتج شركو بيلفوير مشروبات غازية عالية الجودة لأكثر من 30 عاماً، لكنها لم تلجأ يوماً للمحليات الصناعية المضرة وفى نفس الوقت تسعى حالياً إلى الاستجابة لاتجاه تقليل السكريات رغم أنها تحسن من التذوق وتحافظ على النكهة لكن يجب البحث عن حلول للقيام بذلك دون التنازل عن الذوق أو الجودة بحسب هاشم.
ويعتقد جريج ستيلتينبول، المدير التنفيذى ومؤسس مزارع كاليفورنيا أنه على قطاع المشروبات أن يتكيف مع الضرائب التى تنتشر كالنار فى الهشيم منتقداً افتقاره إلى التشاور بين شركاته.
وأضاف أن إحداث التوازن بين الضرائب ونسبة السكر فى المشروبات هو الأمثل فكل شىء يتميز بالاعتدال والتوازن يكون مفيد للجميع والسكر ليس استثناء فى ذلك.
ويشير تقرير لموقع “داون إيرث” إلى أن شركات المشروبات الغازية تستثمر بكثافة فى البلدان النامية منذ عام 2016 وهى سياسة تبنتها الشركات متعددة الجنسيات بالاتجاه إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مع تباطؤ المبيعات فى أمريكا الشمالية وأوروبا.
ويقول تقرير جديد صادر عن مركز العلوم فى المصلحة العامة الأمريكية إن المنتجين متعددى الجنسيات والمحليين من المشروبات المحلاة بالسكر يستثمرون بكثافة فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فى أعقاب انخفاض المبيعات بالبلدان الغنية.
وآوضح التقرير، أن الشركات تنفق مليارات من الدولارات سنوياً فى دول مثل البرازيل والصين والهند والمكسيك لبناء مصانع تعبئة الزجاجات وإنشاء شبكات توزيع والإعلان عن منتجاتها لزيادة المبيعات إلى أقصى حد.
وسبقت شركات التبغ فى هذا النهج منذ سنوات طويلة فعندما تراجعت مبيعات السجائر فى الولايات المتحدة ودول أخرى من خلال برامج قوية لمكافحة التبغ سرعان ما ركزت شركات القطاع على العالم النامى للحفاظ على أرباحها بحسب رئيس مركز العلوم مايكل جاكوبسون.
وأضاف أن شركات المشروبات الغازية تجد أن نفس الاستراتيجيات تعمل على زيادة مبيعاتها فى هذه البلدان التى تتمتع بزيادة عدد السكان وتحسن مستوى الدخل بشكل متزايد وفى نفس الوقت، فإن الحكومات فيها أقل رغبة فى تبنى استراتيجيات عدوانية للحد من استهلاك المشروبات المحلاة.
وأشارت دراسة للمركز إلى أن الولايات المتحدة شهدت انخفاض استهلاك الفرد من المشروبات المحلاة بالسكر بنسبة 25% بين عامى 1998 و2014، وانخفضت المبيعات فى أمريكا الشمالية وأوروبا بنسب قريبة، بينما انخفض الاستهلاك الأمريكى 10% العام الماضى فى المناطق التى تطبق ضريبة السكر والصودا.
وتشير التوقعات إلى أن مبيعات الصودا فى آسيا والمحيط الهادئ ودول الشرق الأوسط وأفريقيا فى تزايد مستمر حيث يصل متوسط استهلاك الفرد إلى نص لتر يومياً فى أمريكا اللاتينية على سبيل المثال.
وبحسب مركز العلوم الأمريكى، فإن صناعة المشروبات الغازية الهندية لديها أعمال سنوية تبلغ 10 مليارات دولار وتنمو بمعدل يتراوح 6-7% سنوياً.
وتعتبر “Thums Up” وهى العلامة التجارية المحلية التى اشترتها شركة كوكا المشروب الغازى رقم واحد فى الهند، لكن هناك 51 مليون هندى بالفعل يعانون من مرض السكرى وتتوقع مؤسسة علاج السكرى الهندية أن يرتفع هذا العدد إلى 80 مليون بحلول عام 2025.
وفى الصين تشير التقديرات إلى تخطى مبيعات المشروبات الغازية 16 مليار دولار العام الماضى، مما يمثل زيادة بنسبة 30% منذ عام 2013.
وشهدت الفترة بين عامى 2009 و2011 استثمار شركة كوكاكولا حوالى 3 مليارات دولار هناك ثم استثمرت أكثر من 4 مليارات دولار أخرى بين عامى 2015 و2017.
وفى المقابل عززت شركة بيبسى استثماراتها فى الصين لدعم حصتها السوقية هناك حيث تمتلك 27% من سوق المشروبات الغازية مقابل 58 % لكوكاكولا واستثمرت 2.5 مليار دولار على مدى الفترة من 2013-2016.

وتعتبر شركة كوكاكولا أكبر شركة توظيف فى إفريقيا حيث يعمل لديها أكثر من 65 ألف موظف و160 مصنعاً وهى أرقام مناسبة مع وضع الشركة خطة لاستثمار 17 مليار دولار بين عامى 2010 و2020 فى القارة السمراء.
ورغم تعهد بيبسى وكوكاكولا بتبنى سياسة إعلانية لا تخاطب الأطفال تسويقياً لكن التعهدات مليئة بالثغرات فمن الواضح أن الشركتين تستهدفان الأطفال، وكذلك المراهقين، وذلك باستخدام شخصيات الرسوم المتحركة والمشاهير وترابط الموسيقى ووسائل التواصل الاجتماعى للوصول إليهم، كما تظهر إعلاناتهما على مداخل المدارس فى جنوب أفريقيا وغانا.
وفى الهند، ترعى شركة كوكاكولا مسابقة “كأس كوكاكولا” وهى بطولة للكريكيت للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً وتكافئ بيبسى عمليات الشراء برصيد مجانى للهاتف فى نيكاراجوا وتستخدم المشاهير الشباب مثل دانييل باديلا وكاثرين برناردو للوصول إلى الشباب الفلبينيين.
ويمكن تفسير هروب الشركات الكبرى إلى الدول النامية من خلال مراجعة آثار ضريبة السكر فى استراتيجياتها بالدول المتقدمة خاصة على صعيد سياسات التسويق.
ومن الواضح أن هناك حجج قوية تؤيد تقليل كمية السكر التى يستهلكها الناس، فكما يقول جيمى أوليفر، رئيس الطهاة ورجل الأعمال فى بريطانيا، الذى دأب منذ فترة طويلة على تشجيع مثل هذه الضريبة فإن هذه الخطوة كانت “مهمة ورمزية” فى الكفاح من أجل حماية الأطفال من الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائى مثل السكرى والسمنة.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن السمنة تقتل سنوياً من البشر 3 أضعاف ضحايا مرض السرطان المميت، لكن شركة مثل كوكاكولا واجهت أول يوم تطبيق للضريبة فى بريطانيا بإطلاق حملة إعلانية جديدة ويبرز الإعلان حقيقة أن وصفة تركيبة مشروباتها ظلت بدون تغيير تقريباً منذ 132 عامًا.
وبالنسبة لقطاع الإعلان فإنه يتخذ خطوات لدعم التحرك نحو حماية المستهلك بشكل أكبر من المنتجات الغذائية غير الصحية.
وفى عام 2007، أدخلت هيئة معايير الإعلان البريطانية قواعد لتقييد جدولة الإعلانات التى تروج للمنتجات التى تحتوى على نسبة عالية من الدهون والملح والسكر فى وسائط الأطفال وهو إجراء صارم بالنسبة لشركات المشروبات الغازية والمشروبات المحلاة.
وفى العام الماضى، وسع القانون المنظم لهذه القواعد ليشمل الأنشطة الإعلانية المرتبطة بغير البث مثل وسائل التواصل الاجتماعى ويوتيوب التى تجاوزت التلفزيون من حيث كيفية استهلاك هذه الجماهير للمحتوى.
ويشمل ذلك أيضاً إعلانات الشركات على مواقعها الإلكترونية الخاصة ومساحات التواصل الاجتماعى.
وتدعم هذه القواعد الجهود الأوسع نطاقاً للتصدى لسمنة الأطفال والاستجابة لواقع حياة الوسائط المتعددة للأطفال.
وتراجع تعرض الأطفال لجميع إعلانات التلفزيون والمشروبات الغازية فى بريطانيا حالياً بنسبة 40% عما كان عليه فى عام 2010، ومع ذلك لم تنخفض معدلات السمنة فى مرحلة الطفولة بنفس المستوى.
وتشير الدراسات إلى أن التعرض للإعلان هو واحد فقط من بين عدة عوامل مثل اختيار الوالدين والسياسات المدرسية، وعدم ممارسة الرياضة.
وبشكل عام تواجه شركات المشروبات الغازية والمحلاة بيئة إعلانية صعبة بسبب تزايد القيود سواء من خلال اللوائح الجديدة أو المبادرات الاجتماعية.
وعلى المستوى التشريعى باتت شركات مشروبات الطاقة فى مرمى النيران ففى نقاش جرى مؤخراً فى مجلس العموم، أبدى النواب مخاوف بشأن بيع مشروبات الطاقة للشباب، مما زاد من احتمال أن تكون هذه الفئة من المشروبات هى التالية فى تلقى ضربات الرسوم العقابية، ولم يفلت دور التسويق من خلال التغليف والعلامات التجارية والترويج من التدقيق وصدرت دعوات لإيجاد طرق لتعزيز اللوائح حول هذه المنتجات.
بينما من المحتمل أن يتم الاحتفال بإدخال ضريبة السكر على أنها نجاح فى الصحة العامة، إلا أن الوقت سوف يحدد كيف ستؤثر هذه الخطوة على الموارد المالية للعلامات التجارية المعنية.
ويبدو بالتأكيد أن هناك حاجة إلى نهج تشريعى لإقناع الصناعة باتخاذ إجراء مناسب حيال استخدام السكر فى المشروبات لكن الآن الكرة تتدحرج، ومع ذلك يجب على شركات التسويق حماية نفسها من تراجع العائدات بالبحث عن مزيد من التدخل الحكومى الذى يهدف إلى إجبار العلامات التجارية على حماية صحة العملاء والالتزام بالقيود الإعلانية على المواد الضارة.
ويدعم التدخل الحكومى فرض سريع لمتطلبات المسئولية الأخلاقية من جانب الشركات ومثل هذه القواعد رغم أنها صعبة إلا أنه يمكن التعامل معه إذا أصبحت أمر واقع والأفضل من ذلك أن تبادر الشركات طوعاً بدلاً من انتظار ظهور المنظمين وجعل حماية العملاء أولوية قصوى.
ويعنى وجود تنظيم فعال توفير فرص متكافئة للجميع وهذا أمر مناسب لحماية المنافسة فأولئك الذين لا يلتزمون بالقواعد طوعاً يواجهون عواقب خسارة العملاء للمنافسين الآخرين، ومن خلال ضمان معايير أعلى فإن التنظيم الفعال يمنح الناس ثقة أكبر فيما تقدمه الشركات.
وتقدم الشركات الإعلانية حلول لمساعدة الشركات فى صياغة حملات إعلانية ذات صلة بقضايا الصحة العامة أو حماية الطفل خاصة السجائر الإلكترونية والكحول والطعام والمشروبات الغازية التى تحتوى على نسبة عالية من الدهون والملح والسكر.
وبالفعل تقدم هيئة معايير الإعلان البريطانية المساعدة فى وضع حملات إعلانية بشكل صحيح فى المقام الأول من خلال خدمة الاستشارة المجانية للنسخ والمعلومات المجانية عبر الإنترنت كما تدير دورات تدريبية وتعلم إلكترونى، بما فى ذلك الإعلان عن الأطعمة والمشروبات الغازية، وتوجد معلومات متاحة فى هذا الصدد على موقع الهيئة الإلكترونى.
وتوجد قواعد صارمة لحماية الأشخاص، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال، وعلى سبيل المثال، لا يمكن استهداف الأطفال بالكحول أو إعلانات المقامرة فى وسائط الأطفال أو أى وسائط حيث يشكل الأطفال 25% من الجمهور.
بعد آخر من الازمة يأتى من انتقال عدوى الحرب على السكر إلى الدول فى الشرق الأوسط وأفريقيا مثل السعودية فبحسب الهيئة العامة للزكاة والدخل فإن تطبيق الضريبة سيكون على سعر بيع التجزئة النهائى بما فى ذلك أى مشروب يحتوى على مواد تحلية أو سكر أو سوائل مركزة أو مسحوق أو خلاصات تستخدم فى صناعة المشروبات.
وستبدأ المملكة العربية السعودية تطبيق ضريبة 50% على المشروبات المحلاة ديسمبر المقبل.
وقالت الهيئة إن هذه المواد أثبتت ضررها على الصحة العامة للمواطنين وأنها تشجع الناس على الاتجاه لتناول الفاكهة والعصائر الطبيعية الغنية بالفيتامينات.
وسيتم إعفاء عدد من المنتجات من بينها تلك التى تمثل الألبان فيها 75% من حجم العبوة مثل ألبان الأطفال والمشروبات التى تحتوي سكر طبيعى مثل عصير الفاطهة غير المحلاة والمشروبات المستخدمة لأغراض طبية.
ويبدو أن علاقة شركات المشروبات بالسكر التى وصلت لحد الإدمان تلفظ أنفاسها فى ظل حصار مجتمعى وتشريعى فى الدول المتقدمة كما أن الهروب إلى الدول النامية يبقى حل مؤقت.