«الوزراء» يشكل لجنة لتنظيم طلبات المستوردين وفقاً لاحتياجات السوق
أدى نمو واردات الماشية الحية لتراجع أسعار البيع فى السوق المحلى، ما دفع المربين إلى تقديم شكاوى لوزارة الزراعة ومجلس الوزراء، الذى شكل لجنة لمراجعة الطلبات التى يُقدمها المستوردين وتنظيمها وفقًا لاحتياجات السوق.
وقال محمد العراقى، مستورد ومربى ماشية، إن أعداداً كبيرة من الماشية المستوردة دخلت السوق منذ بداية العام الماضى، خاصة من سوق البرازيل.
أضاف أن زيادة الواردات انعكست على السوق المحلى بوفرة فى المعروض، ما تسبب فى تراجع أسعار الماشية الحية “القائم” و”التربية” لمستويات أضعف من أن تُحقق مكاسب مقبولة للمربين من الفلاحين ومزارع الإنتاج، مُقابل تكلفة الإنتاج المتنامية.
أوضح العراقى، أن استيراد كميات كبيرة من الماشية، خطوة استفاد منها بعض مُربى الماشية المستوردة محليًا؛ عبر ارتفاع مُعدلات نموها مقارنة بالماشية البلدية، والذى يبلغ الضعف تقريبًا، مدعومة بتمتعها بالتحصينات اللازمة فى دول المنشأ، وهو ما يدعم مكاسب مربيه بعكس “البلدى”.
ورغم ذلك لم تتراجع أسعار بيع اللحوم للمستهلكين، وهو ما فسره المستوردين بثبات الأسعار لدى الجزارين، وعدم وجود رقابة لحساب تكلفة الإنتاج وأسعار البيع من المربين والمزارع، وارتفاع الحلقات الوسيطة وصولاً إلى الجزارين.
وأرجع رُشدى هلال، مستورد ماشية حية، انخفاض أسعار الماشية الحية إلى أسباب عدة بدأت بتراجع مشتروات المستهلكين، مع دخول كميات كبيرة من الماشية المستوردة، بخلاف رغبة صغار المربين فى التخلص من الماشية لديهم بعد ارتفاع التكلفة وزيادة أسعار الأعلاف.
وقال إن 80% من تربية الماشية البلدية يملكها صغار المربين، وتوقع تصاعد أسعار اللحوم مرة أخرى بعد انتهاء عيد الأضحى بسبب توقف أعداد كبيرة من صغار المربين عن العمل، وضعف الواردات خلال الشهور الأخيرة على خلفية “التحجيم” الذى تُجريه الحكومة حاليًا.
وشكلت الحكومة لجنة لتنظيم عملية استيراد الماشية بعد ارتفاع أعداد الواردات خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالى، الأمر الذى أثر على أسعار بيع الماشية الحية.
وقال أحمد عبدالكريم، رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطرى، إن الوزارة استقبلت عدة شكاوى من مزارع التربية وصغار المربين، تٌفيد بتضررهم من نمو الواردات، ما أثر على الأسعار فى النهاية وجعل العديد منهم يتوقفون عن العمل بسبب الخسائر المتلاحقة.
أضاف أن الشكاوى وصلت مجلس الوزراء، ما دفعه لتشكل لجنة لتنظيم الواردات عبر الطلبات التى تستقبلها الإدارة من شركات الاستيراد وفقًا لحاجة السوق والمواسم التى يرتفع فيها الطلب.
ويظهر تأثير اللجنة فى أعداد الواردات خلال شهرى مايو ويونيو الماضيين، حيث بلغت أقل مستوى لها فى الشهر الماضى بواقع 9274 رأساً فقط، مُقابل 46 ألفًا فى أبريل، و45 ألفًا فى مارس، و31 ألفًا فى فبراير، و40 ألفًا فى يناير.
وأصدرت وزارة الزراعة الأمريكية تقريراً عن السوق المصرى بداية العام، توقعت فيه نمو واردات اللحوم الحية بواقع 90 ألف رأس خلال 2019، لترتفع إلى 340 ألف رأس مُقابل 250 ألفًا فى 2018، وأرجع التقرير ارتفاع الاستيراد إلى استقرار سعر صرف الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية، بخلاف توجهات المستهلكين نحو المنتجات المستوردة لرخص أسعارها مقابل اللحوم المحلية.
.. و«الأعلاف» أكبر أعباء المربين
يُمثل تضخم أسعار الأعلاف منذ بداية أزمة العملة الصعبة منتصف العام 2016، شكوى طالت مربى الثروة الحيوانية من الفلاحين ومزارع الإنتاج، فى ظل تدنى الأسعار لمستويات لا تتناسب مع التكاليف، والتى مثلت أزمة أجبرت المزارع على خفض أعداد التربية تدريجيًا منذ بدايتها، وغلق مزارع أخرى عدة.
قال بُرعى أبوالمجد، تاجر ماشية إن الأعلاف تُمثل حجر العثرة الأكبر أمام تنمية الإنتاج الحيوانى، والتى تضاعفت منذ منتصف العام 2016 بما يزيد على %150 بموجب تحرير أسعار الصرف وخسارة الجنيه أكثر من %50 من قيمته أمام الدولار.
وخلال نوفمبر 2016، حرر البنك المركزي أسعار صرف العملة المحلية أمام سلة العملات الأجنبية، ليرتقع سعر صرف الدولار أمام الجنيه من 8.88 جنيه إلى 18 جنيهًا، قبل أن يتراجع نسبيًا الأسابيع الأخيرة إلى 16.50 جنيه تقريبًا.
أوضح أن أسعار أعلاف الماشية قبل قرار تحرير أسعار العُملة كانت تتراوح بين 2000 و2500 جنيهًا للطن على أقصى تقدير، وبعض الأنواع تنخفض إلى 1800 جنيه، لكنها بعد القرار تضاعفت لتصل إلى 5200 جنيه للطن فى المتوسط.
قال محمد زايد، تاجر أعلاف، إن أزمة الأعلاف تزامنت مع أزمة ارتفاع أسعار الصرف فى السوق السوداء وقتها، مع عدم قدرة البنوك على توفير كامل احتياجات مصانع الأعلاف لاستيراد خامات التصنيع من الذرة الصفراء والفول الصويا والإضافات.
وتُقدر احتياجات مصانع الأعلاف من خامات التصنيع سنويًا بنحو 7 ملايين طن من الذرة الصفراء ومليون طن من الفول الصويا، وهى فى تزايد مستمر مع تنامي أعداد المصانع الصغيرة الجديدة.
تكمن الأزمة فى اعتماد المصانع على خامات مستوردة بما يزيد على %90 من الاحتياجات السنوية، ما يضع المنتج محليًا تحت طائلة الأسعار العالمية في بورصة شيكاجو للحبوب، والتى ترتفع وتنخفض بحسب المعروض العالمى أمام الطلبات الدولية والأسعار المحلية للدولار.
أضاف زكريا السيد، صاحب مزرعة، إن ارتفاع تكلفة تربية الثروة الحيوانية مع بقاء أسعار البيع عند مستويات متدنية رفع من الأعباء على المربين، وتعظم الخسائر، ما أجبر العديد من المزارع على الخروج من السوق، وبالتالى تراجع الإنتاج المحلى.