فى سابقة هى الأولى من نوعها بغرفة الصناعات المعدنية، والثانية فى أروقة اتحاد الصناعات بعد «استقلال شعبة الملابس عن غرفة النسيج» انقسم منتجو الحديد فى الغرفة المعدنية، ووصل الخلاف بين الطرفين إلى ساحات المحاكم فى ظل صمت تام من مجلس إدارة الصناعات لاسيما لانشغال أعضائه بأشياء أخرى أهم من حل أزمات الأعضاء قبل وصولها للمحاكم وعلى صفحات الجرائد.
مجلس إدارة اتحاد الصناعات لم يعقد اجتماعاً واحداً أو يصدر بياناً يوضح من خلاله دوره أو ما يقوم به لحل الأزمة بين طرفى إنتاج حديد التسليح فى السوق المحلى (المصانع المتكاملة ومصانع الدرفلة).
اﻷزمة بدأت فى منتصف أبريل الماضى، عندما أصدر المهندس عمرو نصار، وزير الصناعة، قراراً بفرض رسوم على واردات حديد التسليح من جميع الدول بقيمة 25%، وعلى خام البيليت، وهو الخام الأساسى لمصانع الدرفلة 3 و15% على حسب السعر العالمى.
قرار الوزير جاء بطلب من مصانع الدوره المتكاملة التى قدمت مستندات توضح من خلالها تضررها من استيراد البيليت والذى ينخفض سعر استيراده عن تكلفة إنتاجه محلياً، وتؤكد وجود زيادة متعمدة فى الواردات من الشركات العالمية للإضرار بالمنتج الوطنى.
ومن هذه اللحظة، بدأ الانقسام بين أعضاء الغرفة الواحدة بل والصناعة الواحدة والتى تضم عدداً من المصانع تتجاوز استثماراتها 150 مليار جنيه سواء فى مصانع الدورة المتكاملة أو مصانع الدرفلة.
شركات الدرفلة لم تقف مكتوفة الأيدى ولم ترفع الراية البيضاء أمام قرار الوزير، وحاولت التواصل مع الوزارة التى اتخذت القرار دون أن تستمع للرأى الآخر فى القطاع.
كما لجأت المصانع للقضاء الإدارى وحصلت على حكم بإلغاء القرار، ولكن الوزارة لم تنفذ الحكم، وحولت المعركة للمحكمة الإدارية العليا والتى من المقرر أن تصدر حكمها اليوم بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر من تبادل الاتهامات بين الطرفين.
اتحاد الصناعات لم يكن المشاهد الوحيد لمعركة منتجى الحديد، ولكن اتحاد الغرف التجارية، أيضاً، لعب هو الآخر دور المشاهد، وكأن الأمر لا يعنيه أو يؤثر على عدد كبير من التجار يفوق بكثير عدد المصانع المتقاضية أو أن ما يحدث فى قطاع الحديد لا يؤثر على المنافسة فى السوق، وهو الدور الأساسى للاتحاد.
من الطبيعى أن يدافع طرفا صناعة الصلب عن مصالحهما، والبحث عن الربحية، مصانع الدورة المتكاملة ضغطت على الوزارة لإصدار قرار فرض الرسوم الحمائية والدفاع عنه أمام المحاكم؛ للسيطرة على السوق، خاصة أن إنتاج البيليت المحلى لا يلبى احتياجات السوق، بل ولا يلبى احتياجات المصانع المتكاملة نفسها.
وفقاً لتقارير مصلحة الجمارك المصانع المتكاملة، استحوذت على أكثر من 20% من واردات خام البيليت، فرض رسوم على خام البيليت يرفع تكلفة الإنتاج على المصانع المتكاملة، ولكن بصورة طفيفة جداً، ولكنه يسبب أزمة كبيرة على مصانع الدرفلة التى تستورد 100% من احتياجاتها من خام البيليت.
مصانع الدرفلة هى الأخرى تدافع عن مصالحها فقط- وهذا حقها أيضاً- وتوجه حملاتها على إضرار نصف القرار على السوق المصرى وهو النصف الخاص برسوم الحماية على خام البيليت دون التطرق الى النصف الآخر من القرار وهو فرض رسوم على المنتج النهائى والذى يجعل المنافسة تنحصر بين المصانع المحلية فقط.
الصدأ الذى ضرب صناعة الصلب وتسبب فى أزمة ونزاع بين طرفى الصناعة، يسدد فاتورة علاجه المستهلك المصرى الذى لا يقل وطنية عن منتجى الصلب سواء مصانع الدرفلة أو مصانع الدورة المتكاملة.
المستهلك المصرى لا يعنى من يشترى حديد التسليح فقط سواء أفراداً أو شركات المقاولات، ولكنه يشمل كل مواطن يرغب فى الحصول على وحدة سكنية؛ لأن التغير فى أسعار الحديد يؤثر على جميع أسعار مواد البناء، وبالتالى أسعار الوحدات السكنية.
جهاز حماية المستهلك لم يكن أفضل حالاً من اتحادى الغرف التجارية والصناعية ولم يفكر فى دراسة آثار القرار على الأسعار وتأثيرها على المستهلك.
من المتوقع أن تصدر المحكمة الإدارية العليا اليوم حكمها سواء باستمرار أو إلغاء قرار رسوم الحماية على واردات البيليت، ولن يتطرق الحكم للرسوم المفروضة على واردات المنتج النهائى (حديد التسليح) لعدم وجود دعوى لإلغائه.