أعد المجلس الوطنى المصرى للتنافسية، دراسة عن إيجاد آليات فعالة لدعم وتطوير نظام التعليم الفنى المزدوج فى مصر، تضمنت التوصيات والمقترحات وخطة العمل التى يجب اتباعها لتطوير هذا المجال.
وأوصى المجلس بتطبيق التعليم الفنى داخل المدارس وفى مواقع العمل على حد سواء، بشرط اختيار أماكن التدريب العملى الخارجية وفقًا لاحتياجات الطلبة، مع وجود آليات إدارية فى المدارس لتنظيم فترات التدريب القصيرة للطلبة.
ويتطلب تنفيذ هذا المقترح تنظيم العلاقات بين الشركاء على مستوى المدرسة والمدينة والمحافظة التابعة لها فى إطار منظومة حوكمة متعددة المستويات، إذ ستشكل لجنة تضم أعضاء من مجلس الآباء والمعلمين والمهتمين من روّاد العمل والصناعة للاجتماع وقت الحاجة.
كما ستشكل لجنة تضم أعضاء المحليات والمهتمين بقضايا التعليم بمنظمات المجتمع المدنى فى المدينة، بالإضافة إلى رؤساء اتحادات الآباء والمعلمين وممثلى مؤسسات العمل والشركات والأنشطة الاقتصادية، على أن تجتمع تلك اللجنة مرتين سنويًا للوقوف على مطالب واحتياجات المجتمع المحلى.
وأوصت الدراسة بتشكيل لجنة للتعليم وتنمية مهارات الموارد البشرية بالمحافظة من مسئولى التعليم الحكومى وممثلى المنظمات الشريكة المهتمة بقضايا تنمية الموارد البشرية، بالإضافة إلى أصحاب الأعمال، على أن يرأس المحافظ تلك اللجنة التى ستتولى التخطيط لتنمية رأس المال البشرى وتدبير الموارد وإدارتها والتنسيق بين الجهات التنفيذية والمتابعة.
وتنظم تلك اللجنة معرضًا سنويًا تشارك فيه المدارس الفنية ومراكز التدريب والمعاهد التكنولوجية، كى يلتقى فيه الطلبة وأولياء الأمور مع المعلمين والمسئولين عن التعليم الفنى والتدريب المهنى، ويحضره المهتمون بالتنمية البشرية وأصحاب الأعمال، لتشجيع ألشركات على المشاركة فى المسئولية المجتمعية.
وتضمنت اقتراحات المجلس لتطوير التعليم الفنى المزدوج، فى توسيع مشاركة المنظمات الممثلة لأصحاب العمل الرسمية، كالاتحادات والغرف والنقابات المهنية، فى توصيف واعتماد المؤهلات الفنية والمهنية التى تمنحها جهات التعليم والتدريب، وفى مقدمتها المدارس الفنية المشاركة فى تطبيق معايير الجودة.
ويتطلب تنفيذ هذا المقترح، تفعيل الآليات اللازمة لحوكمة منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنية على جميع
المستويات، بما يمكن كل جهة من القيام بدورها المحدد فى تقديم تعليم فنى وتدريب مهنى ذى جودة عالية
يناظر المستويات العالمية، ويلبى احتياجات سوق العمل.
وتتمثل الآليات المطلوب لتنفيذ المقترح الثانى، إنشاء مجالس تنمية المهارات القطاعية، تنمية مهارات وكفاءات العنصر البشرى فى القطاعات الصناعية المختلفة، على أن غير حكومية وتشكّل من أصحاب الأعمال والنقابات المهنية والعمالية.
وتتولى تلك المجالس تحديد احتياجاتها من المهارات كى تعمل جهات التعليم والتدريب فى إعداد المناهج الدراسية والتدريبية اللازمة لها، كما تعد المجالس دراسات قائمة على الأدلة والتحليل من واقع سوق العمل الحالى واستشراف الرؤية المستقبلية وتقديمها إلى الجهات المسئولة عن تنمية الموارد البشرية للمساهمة فى صياغة ووضع السياسات العامة والتخطيط للتدريب الفنى والتدريب المهنى.
وتتضمن الآليات المطلوبة التشبيك بين الشراكات القطاعية وجهات إعداد مواصفات المهن والبرامج التدريبية لتحديد احتياجات سوق العمل، وإعداد نظام قومى لمعلومات سوق العمل ليكون الآلية الرسمية المختصة بجمع وتحليل البيانات الخاصة بالطلب على العمالة من حيث الكمّ والنوع، بالإضافة إلى إنشاء صندوق لتمويل التدريب والتأهيل لإيجاد مصادر متنوعة لتمويل التعليم والتدريب المستمر.
وتعد الشراكات القطاعية، كياناً مستقلاً له شخصية قانونية، وهو كالذراع التنفيذية لمجلس تنمية المهارات القطاعية، ويعمل كمقاول باطن لتنفيذ المهام المطلوبة تبعا لشروط مرجعية يتم النص عليها فى تعاقد قانونى يحدد فيه النتائج المطلوبة والمدة الزمنية والتكاليف.
أما المقترح الثالث لتنمية التدريب الفنى والتعليم المزدوج، فهو توفير الإطار التشريعى الجاذب لمشاركة القطاع الخاص فى توفير فرص التدريب العملى، وإنشاء مدارس للتعليم الفنى المزدوج فى المدن الصناعية الجديدة، مثل مدينة الجلود بالروبيكى، ومدينة الأثاث بدمياط، أو فى المناطق الاستثمارية الجديدة كمحور قناة السويس والمثلث الذهبى، أو فى المشروعات التى تقام فى مناطق نائية، مثل المدرسة الفنية بالضبعة.
وأوصت الدراسة بتشكيل لجنة محايدة من الخبراء المتخصصين لمراجعة مقترحات القوانين المقدمة إلى مجلس النواب، أو التى فى طور الإعداد بوزارة التعليم لإزالة التداخلات بين المواد المعنية بالتعليم الفنى والتدريب المهنى وذات الصلة بقانون العمل والمحليات.
وأدرجت الدراسة 3 محاور رئيسية كخطة عمل لتنفيذ المقترحات التى أوصت بها، وتمثل المحور الأول فى تطبيق نظام التعليم المتصل بالعمل فى جميع المدارس الفنية بحلول عام 2030 جنبًا إلى جنب مع مدارس التعليم المزدوج.
وينفذ هذا المحور من خلال توقيع بروتوكولات تعاون مع الشركات القريبة من كل مدرسة فنية لتدريب الطلاب، والاستفادة من خبراء المهن فى دعم وتقديم التدريب العملى بورش المدرسة، بالإضافة إلى وضع قواعد لتنظيم التحاق الطلبة بالتدريب الصيفى فى المصانع تتضمن دلائل لإثبات مخرجات التدريب ومنح الشهادات الدالة على تدريب الطالب.
وتتمثل الجهات القائمة على تنفيذ هذا المحور قطاع التعليم الفنى بوزارة التربية والتعليم، والمحافظات ممثلين فى مجالس تنمية الموارد والمهارات البشرية، ومشروع تطوير القوى العاملة وتعزيز ورفع مستوى المهارات WISE ومشروع تحسين التعليم المزدوج المصرى EEDS.
ويتمثل المحور الثانى لتنفيذ مقترحات تطوير التعليم الفنى فى توسيع مشاركة المنظمات الممثلة لأصحاب الأعمال فى إتاحة الفرصو لتدريب طلبة التعليم الفنى فى المصانع والشركات المدرجة لديها، وذلك من خلال إنشاء المرصد المعنى بجمع معلومات حول سوق العمل وتحليل تلك البيانات، وتشكيل مجالس تنمية المهارات القطاعية لتعزيز تنافسية وإنتاجية العناصر البشرية العاملة بالقطاع.
ويشرف على تنفيذ هذا المقترح اتحاد الصناعات المصرية والاتحاد المصرى للغرف السياحية والاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء والاتحاد العام للغرف التجارية، بجانب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى ومشروع دعم وتطوير التعليم الفنى والتدريب المزدوج TEVET.
أما المحور الثالث لتنفيذ خطة العمل فيتمثل فى توفير الإطار التشريعى لتحقيق التكامل بين الجهات المعنية بتحسين جودة مخرجات التعليم والتدريب الفنى، عبر إقرار قانون التعليم الفنى والتدريب المهنى لتوفير السند القانونى لتفعيل مشاركة جهات العرض والطلب فى تحسين جودة التعليم ومواكبتها سوق العمل، وتشكيل كين مسئول عن إدارة واعتماد المؤهلات المهنية وضمان جودتها، ومراجعة وتصحيح قانون صندوق تمويل التدريب للخروج بحلول تلائم الواقع.
وقالت الدراسة التى أعدها المجلس الوطنى للتنافسية، إن أهم التحديات التى تواجه التوسع فى التعليم المزدوج فى مصر، تتمثل فى عدم توافر الفرص التدريبية بالعدد الكافى الذى يتناسب مع معدل نمو أعداد الطلاب سنويا، برغم توافر فرص تدريبية أحيانًا لدى بعض الشركات، ولكن لا تصل إليهم.
وتابعت: «من أجل التغلب على هذا العائق قامت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى بمبادرة للتوسع فى تطبيق نظام تدريبية لدى بعض التعليم المزدوج، بالتعاون مع مشروع تحسين التعليم المزدوج EEDS الممول من برنامج الدعم الفنى الألمانى GIZ».
وتستهدف المبادرة وضع خطة لزيادة عدد الفرص التدريبية بمعدل 100 ألف فرصة سنويًا حتى تصل نسبة التعليم الفنى المزدوج إلى %50 من عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفنى العام بحلول عام 2030، عبر التوسع فى إنشاء مدرسة داخل المصنع، وإنشاء مصنع داخل المدرسة من خلال تعظيم الاستفادة من تجربة نظام التدريب الإنتاجى بالمدرسة الفنية.
وتتضمن التحديات اختلال توزيع الملتحقين بالتعليم المزدوج على التخصصات المتاحة، حيث إن عدداً كبيراً من الطلبة الراغبين فى الالتحاق بالتعليم الفنى المزدوج يضطرون للقبول بالمهن المتوافرة رغمًا عنهم، لتلبية احتياجات المنشآت فقط، ومثال ذلك توافر فرص التدريب مع العمل فى مهن كثيفة العدد مثل الملابس الجاهزة أو مهن تقليدية كالتبريد والتكييف، أو فى مهن شاقة مثل جنى المحاصيل بالمزارع الكبيرة.
كما تعانى حوكمة منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى فى مصر من التشتت بين عدة جهات مختلفة تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى فى ظل عدم تفعيل الهيكل المؤسسى على المستوى الوطنى، ومن ثم أصبحت مسئولية التخطيط والتنسيق والمتابعة تتم من خلال الجهات التنفيذية منفردة.
وتتضمن استراتيجية رؤية مصر 2030، فصلًا كاملًا عن التعليم الفنى والتدريب فى المحور الخاص بالتعليم، ورد فيه أنها تسعى إلى تحقيق 3 أهداف رئيسية تتمثل فى الجودة والإتاحة والتنافسية.
وتسعى الاستراتيجية إلى تحقيق جودة التعليم الفنى والتدريب بما يساير النظم العالمية من خلال تفعيل قواعد الاعتماد والجودة المطبقين عالميًا، وتمكين المتعلم والمتدرب من متطلبات ومهارات سوق العمل، والتنمية المهنية الشاملة والمستدامة للمعلمين والمدربين، والتطوير المستمر للخطط والبرامج الدراسية والتدريبية.
تضمنت الاستراتيجية أن يكون التعليم الفنى والتدريب متاحًا ومرغوبًا من الجميع دون تمييز من خلال توفير المدارس ومراكز التدريب الجاذبة لزيادة الرغب فى الالتحاق بها، وتحقيق الربط الفعال للمدارس ومراكز التدريب وفقًا للتركيبة السكانية والأنشطة الاقتصادية، وتحسين النظرة المجتمعية للتعليم الفنى والمهنى بالمشاركة الفعالة مع المجتمع.
كما تضمنت تحسين الحالة التنافسية للتعليم الفنى والتدريب من خلال تفعيل العلاقة الديناميكية بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل وتحسين وضع مصر فى المؤشرات العالمية للتعليم الفنى والتدريب.
وأشارت الدراسة إلى أنه بالرغم من مرور ربع قرن على بدء تطبيق نظام التعليم المزدوج فى مصر، فإم نسبة إقبال القطاع الخاص على المشاركة لم تتجاوز %4 من حجم الشركات والمنشآت العاملة فى مصر، إذ يبلغ عدد المنشآت الصناعية المسجلة نحو 38 ألف منشأة وفقًا لبيانات 2017.