
انعقدت الجمعية العامة للشركة القابضة للاستثمار فى المجالات الثقافية والسينمائية، بمقر المجلس الأعلى للثقافة، منتصف شهر يوليو الماضى، وفقاً لقرار المهندس مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء رقم 1432 لسنة 2019 بتشكيل الجمعية العمومية للشركة.
وقال الدكتور خالد عبدالجليل، مستشار وزير الثقافة للسينما ورئيس المركز القومى للسينما، ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية، إن تأسيس الشركة يواكب التوجه العام للدولة برعاية الثقافة ودعم صناعة السينما واستثمار القوة الناعمة لمصر فى تحقيق محاور التنمية المستدامة مع الحفاظ على المستوى الفنى من خلال محتوى يعكس قيمة الحضارة المصرية ويصون الهوية.
أضاف فى حوار لـ«البورصة»، أن الشركة القابضة ستعمل على النهوض بالمستويين الفنى والمهنى لتعيد إحياء صناعة السينما والإبداع الثقافى بها عبر هيكلة المنظومة الثقافية فى مصر، بفكر استثمارى.
أوضح عبدالجليل، أن أصول السينما الممثلة فى الاستوديوهات، ودور العرض وغيرها مملوكة فقط لوزارة الثقافة واسترداد حق إدارتها من وازرة الاستثمار يعد تصحيح لمسار المشهد الثقافى المصرى ويعيد الإبداع إلى دوره المميز فى تطوير وتنمية المجتمع وبناء الإنسان.
وتضم الجمعية العامة للشركة القابضة للاستثمار فى المجالات الثقافية والسينمائية كلاً من الدكتور خالد عبدالجليل، والدكتور محمود فتحى عطاالله، والدكتور محمود محمد إبراهيم عبدالله، وعمر عبدالعزيز الدنف، وهانى سيد أحمد ممثل عن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وأيمن إسماعيل محمد، ونرمين محمد توفيق، وعاكف عبد اللطيف المغربى، ودينا أمجد أنور المفتى، والدكتورة هبة صالح أحمد عمر، والدكتور أشرف زكى، والدكتور هشام عزمى.
وقال عبدالجليل، إن التفكير فى تأسيس شركة قابضة للصناعات السينمائية والثقافية يعود إلى رغبة الدولة المصرية الشديدة فى استغلال الأصول الثقافية مثل المسارح والمتاحف والاستديوهات ودور العرض وقصور الثقافة والأراضى غير المستغلة، التى تعتبر غير مستخدمة بكفاءة كاملة.
أضاف أن أغلب هذه المؤسسات والأصول مكتظة بالموظفين وهو ما يجعل ميزانية وزارة الثقافة مكبلة بمرتباتهم، وبالتالى مهما كانت ميزانية وزارة الثقافة ومؤسساتها فهى لن تغطى بأى حال النشاط الثقافى المطلوب.
وتابع: «بعد طلب تعزيزات من وزارة المالية لإبقاء المسارح والمركز القومى للسينما على قيد الحياة، ومن هنا ظهرت الحاجة لإنشاء هذه الشركات للحصول على مردود اقتصادى يُضاف لميزانية الدولة وآخر ثقافى من تلك الأصول غير المستغلة.

وكشف أن الشركة تمتلك 24 دور عرض سينمائى فى القاهرة والمحافظات، و4 مجمعات استديوهات، وأراضى غير مستغلة حتى الآن.
أوضح أن الشركة ستدخل عبر هذه الأصول فى شراكات إنتاجية بنسب تقارب %25 وبسعر سوقى منافس، مقابل أن تتيح الدولة مساحة عرض ملائمة لكل منتج ثقافى ولن تسمح بمنعه أو رفعه من دور العرض.
أشار إلى أنه سيتعين على القنوات المملوكة للدولة أن تشترى حقوق هذه المنتجات بعد انتهاء فترة عرضها لتكون طرف ثالث فى هذه المنظومة وتساعد فى إنجاحها، وعن تحول ذلك إلى التنفيذ على أرض الواقع، قال: «المشروع سيتم بإعلان وزارة الثقافة خلال أيام عن الشركات التابعة، وتشكيل مجالس إدارتها، بصفتها ممثلة عن الدولة”.
أضاف أنه بعد تشكيل مجالس إدارات الشركات التابعة وخروج الهيكل الإدارى المنظم للثقافة والسينما إلى النور ستظهر الفرص الاستثمارية فى القطاع، والتى ستضمن الدولة نجاحها وربحيتها.
واعتبر عبدالجليل، ما يُثار حول أن الأعمال الفنية والثقافية لا تحقق أرباحاً كبيرة، ضمن مجموعة من الـ”كليشيهات» التى لا صحة لها على الإطلاق، ويدخل ضمنها أن أفلام المهرجانات تخسر ولا تحقق ربحية مقارنة بباقى الأفلام، وهو طرح غير منطقى، خاصة أن بيع الفيلم بعد عرضه بالمهرجانات يضاعف قيمة بيعه للقنوات الفضائية.
وأوضح أن جملة «أزمة السينما» تاريخية وتدخل ضمن الـ”كليشيهات» التى توجد فى كل مجال، ولكن هناك أطراف متعددة كل منهم ينظر إلى المشكلة من منظوره ويريد حل العقبات التى تواجهه فقط.
وتابع عبدالجليل: «عقل صناعة السينما فى كل البلاد المتقدمة يكون متمثلاً فى المركز القومى للسينما، وعلى سبيل المثال فى المغرب حول المركز القومى للسينما دولة المغرب إلى مقصد رئيسى لتصوير الأفلام من كل الجنسيات، وهو ما يجلب عوائد طائلة لهم”.
<< شركة الصناعات السينمائية ستدخل فى شراكات لإدارة وتطوير أصولها بسعر تنافسى
<< مصر لديها تاريخ فنى عريق وسيصبح لها عقل استثمارى يديره بنجاح
وردً على تساؤل عن دور المركز القومى للسينما من ذلك، أوضح أن المركز كيان يحتاج إعادة هيكلة ليصبح داعم حقيقى لصناعة السينما وهذا ما أصرح به منذ أكثرمن 10 سنوات.
وقال: «قدمت مشاريع تحويل المركز لهيئة للسينما، تكون خدمية ذات بعد ثقافى وإنشاء الشركة القابضة للصناعات الثقافية وإنشاء هيئة الملكية الفكرية والتصنيف العمرى، منذ 8 سنوات إلى وزارة الثقافة، والدكتورة إيناس عبدالدايم، أول وزير ثقافة يقدمهم إلى رئيس الوزراء وتمت الموافقة عليه من وزارة التخطيط وهذا دور مشكور».
وأضاف أن هذا التحول لن يحتاج تكلفة ضخمة حيث ستكون الهيئة كيانًا منظمًا يضع أسس العمل السينمائى فقط، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك اكتفاء ذاتى فيما يخص المصاريف ولن يُكلف الدولة شيئًا، فعلى سبيل المثال، قسم تسهيلات تصوير الأفلام الأجنبية سيدخل عائد كبير بالعملات الصعبة، وبالتالى لن تتحمل الدولة أى تكاليف تخص هيئة السينما بعد تحولها لمورد دخل.
أوضح عبدالجليل أن المشروع الخاص بتأسيس هيئة الملكية الفكرية والتصنيف العمرى، مازال تحت دراسة وزارتى المالية والتخطيط، وسيكونا مندمجان فى كيان واحد.
أشار إلى أنه منذ توليه العمل عام 2015 وجد أن وضع تصنيف عمرى لكل عمل فنى سيقضى على مشكلة الأفلام الشعبية التجارية وسيجعل المنتج يصل لمن يستطيع أن يتلقاه ومنع الأطفال من مشاهد تلك الأفلام فى دور العرض.
<< دراسة السماح لشركات الإنتاج بالاقتراض من البنوك
<< هيكلة المركز القومى للسينما وتحويله إلى هيئة خدمية ذات بعد ثقافى
وقال إن هذا النوع من الأفلام يقل تدريجيًا منذ إقرار وتطبيق التصنيف العمرى للأفلام، وأن جميع المنتجين أصبحوا متفهمين لآليات التصنيف العمرى، واتضحت مؤشراتها فى ذهن المتلقى وكذلك النجوم وصناع الأفلام، وكيف أنه قائم على المرونة ويتيح للمنتجين حرية الاختيار بين تصنيف وآخر.
أضاف أنه فى حال أراد منتج تغيير التصنيف يحذف بعض المشاهد أو الألفاظ أو الجمل، وكثير من صناع الأفلام فضلوا البقاء على التصنيف الخاص بالفيلم حتى إذا كان مرتفعاً، وتفهموا أن التصنيف لا يرتبط فقط بالجنس والعرى والأديان أو السياسة، ولكنه يتعلق بمؤشرات أخرى قد تؤثر سلبياً على النشء أو الأطفال أو المراهقين سواء بالسلوك المحاكى أو تعاطى المخدرات أو بالألفاظ البذيئة أو حتى فى طرح القضايا الإشكالية على الجمهور الذى يستطيع أن يستوعبها.
وتابع عبدالجليل: «أعتقد أن التصنيف العمرى الآن بدأ فى طريقه لأن يتحول إلى ثقافة عامة ويتم تطبيقه فى التليفزيون كذلك على البرامج والمسلسلات».
أوضح أنه بعد إقرار قانون الملكية الفكرية، سيتم تجميع جهات الملكية الفكرية فى كيان واحد بأربع إدارات مركزية تضم حق المؤلف والتراخيص بوزارة الثقافة، ومكتب حق المؤلف بالمجلس الأعلى للثقافة بجانب الرقابة والتصنيف العمرى التى ستكون فى نفس الكيان.
وعن عودة الدولة للإنتاج السينمائى، قال عبدالجليل: «لا يمكن أن تكون الدولة مصدر الثقافة لأنها فى هذه الحالة تريد ثقافة معلبة ولن تسمح بالإبداع، لذلك على الدولة دعم الثقافة والإنتاج السينمائى وهذا ما يحدث فى الدول المتقدمة، حيث سيكون دور الدولة تنظيميًا فى التسهيلات للمنتجين وتطوير دور العرض والاستديوهات».
أضاف أن الدولة تريد إعادة إحياء القوة الناعمة لمصر، حيث ترى الحكومة أن التأثير القوى للسينما والثقافة المصرية يجب استثماره بشكل مدروس ومخطط، وهو الفرق بين صفر المونديال وفوز مصر بتنظيم كأس الأمم الأفريقية الذ أبهر العالم يونيو الماضى.
أوضح أنه بعد تشكيل الشركة القابضة للسينما سيكون لديها الحق فى الحوار مع البنوك فى السماح لشركات الإنتاج بالاقتراض من البنوك، وقال عبدالجليل، إن المسئول حاليًا وزارة السياحة مسئولة حالياً عن «الصوت والضوء» وتم فصله عن وزارة الثقافة منذ عام 2016.
أضاف أن مشروع «السينما تك المصرى» تتم دراسته حاليًا وهو خاص بتوثيق تراث السينما ويعتمد على محاور عديدة، حيث يتم توثيق كل شىء متعلق بالفيلم السينمائى مثل الأفيشات والمعدات والأجهزة والملابس والديكورات أيضاً.
<< معايير الرقابة قللت من التأثير السلبى للأفلام والمسلسلات على النشء
<< سنعمل على تسويق منتجاتنا الثقافية بكل الطرق الممكنة
وتابع: «يمكن أن تقول إنه مشروع متكامل وضخم واعتبر هذا المشروع بمثابة خطوة تمهيدية لإنشاء مدينة السينما التى ستضم السينما تك والمتحف والأرشيف السينمائى».
وعن دعم الدولة لمهرجانات السينما التابعة للمجتمع المدنى أوضح أن وضع الدولة لشروط دعم وزارة الثقافة لتلك المهرجانات كان %50 من تكلفة المهرجان من الدولة، ولكن أصبحت الآن %50 من وزارة الثقافة فقط، بمعنى أنه يمكن استكمال الدعم من وزارات أخرى فأصبح أغلب المهرجانات السينمائية الخاصة تقام بدعم مادى كامل من الدولة، ولكن سنقضى على ذلك بعد تشكيل مجلس الوزراء للجنة عليا للمهرجانات السينمائية تضم جميع الوزارات المختصة.
وقال إن اللجنة ستدرس جميع دورات المهرجانات خلال العام الحالى، بداية من مهرجان الإسكندرية السينمائى الذى سيتم تطبيق جميع الضوابط الجديدة عليه وتضم الاطلاع على السيرة الذاتية لرئيس المهرجان وشروط أخرى تخص عرض الأفلام فى دور عرض سينمائى وبجودة معينة وليست مثلاً بجودة «DVD» كما كان يحدث سابقًا.
وعن مطالب تحسين صورة رجال المال والأعمال بالسينما المصرية أوضح أنه يتفق مع ذلك، لكن لكى يحدث سيحتاج حوار مطول مع كتاب السيناريو الذين يضعون دائمًا تصور غير منطقى لرجال الاقتصاد وهو تصور تاريخى يحتاج تغييره بلا شك.