استبعد محللون ومصرفيون تجدد الضغوط التضخمية جراء زيادة السيولة مع حلول أجل استحقاق شهادات قناة السويس فى الأسبوع اﻷول من سبتمبر المقبل، متوقعين عدم تأثر قرار إعادة تسعير الفائدة الأساسية على الجنيه بانتهاء آجال شهادات قناة السويس البالغ إجمالى قيمتها 64 مليار جنيه، وخالف معدل التضخم التوقعات خلال يوليو الماضى وتراجع إلى %8.7 فى يوليو على أساس سنوى، فى حين أنه تسارع على أساس شهرى من نمو سالب قدره %0.8 خلال يونيو إلى %1.8.
وكشف البنك المركزى انخفاض معدل التضخم الأساسى الذى يستبعد الأسعار المحددة إدارياً والخضراوات والفاكهة إلى %5.9 على أساس سنوى، مقابل %6.4 فى يونيو، وعلى أساس شهرى إلى %0.11 مقابل %0.27.
وفى الوقت نفسه تباطأ نمو المعروض النقدى خلال الشهور الستة الأولى من العام ليسجل %10.3 بعدما ارتفع إلى 923.5 مليون جنيه فى يونيو، مقابل 836 مليون جنيه فى ديسمبر، وذلك مقابل ارتفاع قدره %11.4 خلال الفترة نفسها من 2018. وكذلك نمت الأصول المحلية نحو %1.9 خلال النصف الأول من العام لتصل إلى 3 تريليونات و570 مليار جنيه، مقابل نمو %5.2 خلال الفترة نفسها من 2018 لتسجل 3.144 تريليون جنيه فى يونيو 2018.
وقال أشرف الغمراوى، الرئيس التنفيذى لبنك البركة- مصر، إنَّ البنك المركزى لديه معطيات تدفعه لخفض الفائدة أكثر من التثبيت، فى ظل أن فجوة العائد على العملتين الجنيه والدولار كبيرة، واتجاه البنوك المركزية الكبرى بقيادة الفيدرالى الأمريكى لخفض الفائدة تحفيزاً للنمو العالمى.
أضاف أن العائد الحقيقى للمودعين فى صالح الجنيه المصرى، خاصة مع ارتفاعه مؤخراً، لذلك لا خوف من الدولرة أو خروج رؤوس الأموال الأجنبية، أو تأثر معدلات الادخار المحلية، بل على العكس فخفض الفائدة، وزيادة قدرة الشركات على الاقتراض، وتوسع استثماراتها تزيد النشاط الاقتصادى وتنعكس على الدخول وترتفع المدخرات.
وقال محمد أبوباشا، رئيس قطاع البحوث فى المجموعة المالية (هيرميس)، إن «المركزى» إذا أرجأ خفض أسعار الفائدة سيكون بدافع التريث لحين تأكيد المسار الهبوطى للتضخم عبر قراءة شهر أغسطس المقبل.
لكنه توقع أن يخفض البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية على الجنيه من 100 إلى 200 نقطة أساس خلال الأسبوع المقبل، إذ إنه بعد قراءة يوليو يمكن اعتبار التضخم عاد لمستوياته الطبيعية، بما يسمح لخفض ما بين %2 و%3 فى أسعار الفائدة خلال النصف الثانى من العام مقابل 1 إلى %2 قبل ذلك.

وعدلت «هيرميس» توقعاتها للتضخم لتتماشى مع الانخفاض غير المتوقع فى قراءة يوليو، ليصبح متوسط معدلات التضخم المتوقعة خلال العام المالى الحالى %6.7 مقابل %8.6.
أضافت أن التضخم سيواصل التراجع خلال الشهور المقبلة على أن يسجل أدنى مستوى له فى أكتوبر عند %4، قبل أن ينهى العام عند 8 إلى %10 مقابل 10 إلى %12 توقعاتها السابقة.
أوضحت أن التباطؤ مدعوم بأثر سنة الأساس المفضل، وانتهاء إجراءات رفع الدعم، واستقرار الجنيه بجانب انخفاض أسعار النفط العالمية.
وقال حمدى عزام، نائب رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعى المصرى، أن حجم الودائع بالجهاز المصرفى يقترب من 4 ترليونات جنيه، وإن الجهاز المصرفى لديه العديد من الأوعية الإدخارية القادرة على جذب هذه الأموال خصوصا وأنها أموال خرجت من الجهاز المصرفى، كما أن البنك الصناعى لديه العديد من الاوعية الإدخارية القادرة على جذب جزء من هذه الأموال مثل الشهادات البلاتينية.
أشار عزام أنه حتى فى حالة عدم دخول هذه الأموال إلى البنوك العاملة بالجهاز المصرفى فإنه لن يكون هناك موجة تضخمية خصوصا فى ظل حجم السيولة المرتفعة بالسوق المصرى كما أن حالة النشاط التى تشهدها البورصة المصرية فى ظل توقع بإدراج العديد من المؤسسات والشركات الإقتصادية الناجحة بها لا شك سيحقق جذبا لهذه الأموال للشراء هذه الأسم المتوقع أن يكون لها حجم نشاط وتداول كبير.
وقال مدير الخزانة فى أحد البنوك الخاصة، إن 64 مليار جنيه رقم غير مقلق على الإطلاق فى ظل أن معظمه جاء من كسر العملاء إيداعاتهم فى البنوك، وبالتالى متوقع عودته فى هيئة شهادات ادخار، وأنه لا يمثل سوى أقل من %2 من ودائع العملاء. أضاف أن البنك المركزى سيخفض الفائدة على الأرجح فى ظل الظروف المواتية، وحتى يتيح للبنوك خفض تكلفة الأموال قبل استقبال هذه الأموال، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك ضرورة لتحمل بنكى الأهلى ومصر امتصاص السيولة بما ينعكس على ميزانيتهما وكذلك على ميزانية البنك المركزى الذى يعود بدوره لامتصاص فائض السيولة بصورة تؤثر على أرباحه وحولته للخسارة خلال العام المالى -2017 2018.
قال طارق متولى، نائب رئيس بنك بلوم سابقاً، إن خفض الفائدة %1 أو %2 على أقصى تقدير لن يؤثر فى قرار المودعين فى ظل أنها ستكون بين أفضل خيارات الاستثمار الآمنة التى يفضلها المستثمر والتى تدر عائداً ثابتاً، وتناسب الاحتياجات الخاصة للأسر بوجود دخل شهرى أو ربع سنوى.
أضاف أن الفائدة بعد خفضها بالنسبة للعميل الذى كان يحصل على %15 سنوياً، والتضخم فى المتوسط أعلى من ذلك، سيجد ربحه أكبر بعد تراجع التضخم لهذه المستويات، وهو ما يسمى بالعائد الحقيقى وهو ما يجب القياس عليه.
توقع محمد مصطفى، العضو المنتدب بشركة العربى الأفريقى لإدارة الأصول، تأخير البنك المركزى قرار خفض الفائدة الاجتماع المقبل لحين إعادة توظيف السيولة المستحقة فى شهادات قناة السويس، مشيراً إلى أن ذلك القرار يتوقف على مدى تأثير السيولة على الحالة الاجتماعية ومستويات الإنفاق.
وأضاف أنه فى حال اتخاذ قرار الخفض بعد الدراسات اللازمة أتوقع أن يكون محدوداً، ويتراوح بين %0.25 و%0.5.
وقالت إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلى فى «شعاع كابيتال»، إن تراجع التضخم عامل مهم يدعم احتمالات خفض الفائدة الاجتماع المقبل، خاصة أنه سجل فى الحضر أدنى مستوياته فى 47 شهراً، فى ظل احتواء معدل زيادة أسعار الطعام والشراب، دينامو، مؤشر التضخم.
أضافت: منذ 2016 كانت السياسات المتبعة من تحرير سعر الصرف وهيكلة دعم الطاقة والضرائب، بجانب عدم كفاءة قوى لسوق وضعف الرقابة على التعاملات الذى أدى لاتخاذ الأسعار اتجاه صعودى فقط، كانت أبرز محفزات التضخم.
وأشارت إلى أنه مع ارتفاع الجنيه الذى نشهده منذ بداية العام كان انخفاض التضخم نتيجة طبيعية، لذلك هناك فرصة لخفض الفائدة، خاصة أن العائد الحقيقى على الإيداع يصل إلى %7 فى وقت تتجه الأسواق العالمية نحو التيسير النقدى.