هل ستستمر معدلات العائد على سوق الأسهم الأمريكي؟
سؤال هام.. ووفقا لمعاييرك الخاصة والفترة الزمنية المعنية فسيكون سوق الأسهم الأمريكي إنما يؤدي أداءً مذهلا أو اداءً سيئا.
فعلى سبيل المثال، بلغ العائد الحقيقي المعدل وفق التضخم وتوزيعات الأرباح على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” منذ بداية العام الحالي حتى 19 أغسطس، نسبة 26.5% بما في ذلك نقطة مئوية كاملة يوم الاثنين من الأسبوع الماضي.
وهذا عائد لا بأس به. وإذا استطعنا توقع مثل هذا العائد في المستقبل، من الممكن أن نتقاعد مبكرا جميعا.
ولكن وسّع معاييرك لأشهر قليلة وستظهر صورة مختلفة كليا، فقد بلغ العائد الحقيقي المعدل وفق التضخم وتوزيعات الأرباح لمؤشر “ستاندرد آند بورز” خلال الـ12 شهراً الماضية 2.4%، أي أقل من عُشر أدائه من عام حتى الآن.
ووفقا لهذا الأداء فسنضطر لتأجيل تقاعدنا للعديد من السنوات.
وهذا التباين الواضح ليس نتاج التقلبات الاستثنائية فحسب العام الماضي. فالعائد السنوي للسوق الأمريكي على مدار السنوات العشر الماضية يبلغ ثلاثة أضعاف العائد المتتبع على مدار 20 عاما11.7% مقابل 4.2%.
وإذا أردت منظورا أطول، انظر إلى عائد “ستاندرد آند بورز” في الفترة ما بين 1909 و1984، فخلال الـ75 عاما تلك كان عائد “ستاندرد آند بورز 500 ” المعدل وفقا للتضخم فقط، “صفرا” بالضبط.
ولقد اخترت تلك المقارنات لإيضاح نقطة معينة. فبإمكانك اختيار غيرها خلال القرنين الماضيين لإخبار قصة مختلفة تماما.
وهذا هو ما أقصده تماما. فحتى لو كان المستقبل مثل الماضي، وكان العائد المعدل وفق التضخم وتوزيعات الأرباح على مدار المئتي عاما المقبلة يعادل متوسطه التاريخي عند 6.7% سنويا، ستكون هناك فترات مطولة يكون فيها العائد أسوأ أو أفضل بكثير.. وكلها فترات تتعدى آفاقنا الاستثمارية.
ولكن ما التداعيات الاستثمارية؟
أولا، مخاطر سوق الأسهم أعلى بكثير مما نتوقع، فإذا كانت عائدات “ستاندرد آند بورز” المعدلة وفق التضخم لم تأخذنا إلى أي مكان خلال 75 عاما، فالأحرى أن نعيد التفكير في ثقتنا بأن المدى الاطول سيكافئ استثماراتنا.
ثانيا، يعطي هذا المنظور طويل الأجل بعض الصحة على الأقل لمضاعف الربحية المعدل دوريا “كيب” الذي ابتكره أستاذ التمويل بجامعة يال والحاصل على جائزة نوبل، روبرت شيلر.
فقد تم الاستخفاف بنسبة كيب، لأنها أشارت إلى سوق هابطة عالميا خلال معظم العقدين الماضيين، وبالتالي فشلت في التنبؤ بالأسواق الصاعدة القوية في الفترة من 2002 و2007، ومن 2009 حتى الآن.
ولكن المنظور الأطول أجل، يظهر أن تلك الأسواق الصاعدة هي جزئيا تعافيات من أسواق هابطة سبقتها.
ووصلت نسبة كيب إلى اعلى مستوى على الإطلاق في ذروة فقاعة الانترنت عام 2000. ومنذ ذلك الحين، أي خلال 19 عاما وربع العام كان متوسط عائد “ستاندرد آند بورز 500” المعدل وفق التضخم وتوزيعات الأرباح نصف متوسطاته التاريخية عند 3.5% مقابل 6.7%.
ووفقا للحسابات التي أجريتها باستخدام البيانات على الموقع الالكتروني للاقتصادي شيلر، فإن عائد سوق الأسهم الأمريكي خلال الـ 19 عاما وربع العام تلك كانت أقل من 82% من العائدات الشبيهة منذ 1889.
ولسوء الحظ، فإن نسبة كيب حاليا أقل مما كانت عليه خلال فقاعة الانترنت، وتقف حاليا عند 29% مقارنة بـ44.2% حينها. ولكن هذا لا يزال أعلى كثيرا من متوسطاتها التاريخية.
فخلال الخمسين عاما الماضية، بلغ متوسط كيب 20.3%، وخلال ال75 عاما الماضية كان 19%، ومنذ ثمانينات القرن الثامن عشر كان المتوسط 17%.
وباختصار، تمتع بمكاسب سوق الأسهم العام الحالي بقدر ما تستمر، ولكن لا تعتمد على كون العائدات عند المستويات الجيدة الحالية أو حتى بالقرب منها في المستقبل.
بقلم: مارك هيلبرت، صحافي وكاتب مقالات رأي في موقع “ماركت ووتش”.
إعداد: رحمة عبدالعزيز. المصدر: موقع “ماركت ووتش”.