أوصت المؤسسات الدولية، على رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان، مصر بالاعتماد على التكنولوجيا فى مجالات المشتريات الحكومية وتخصيص الأراضى لضمان شفافية وتنافسية العطاءات وتقليص الإيرادات المُهدرة، ومحاربة الفساد.
أظهر تقرير لمنظمة الشفافية العالمية، تحسن ترتيب مصر فى مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، بنحو 12 مركزاً، لتحتل الترتيب الـ105 بين 180 دولة، مقابل الترتيب الـ117 فى عام 2017.
وحصلت مصر على 35 درجة هذا العام فى تصنيف المؤشر الذى يتم بناءً عليه ترتيب الدول، وذلك مقابل 32 درجة فى تصنيف العام الماضى بتحسن 3 درجات.
وكلما اقتربت درجة الدولة على المؤشر، الذى يقيس مستويات النزاهة سنوياً فى مختلف دول العالم من صفر، دلَّ ذلك على أن هذه الدولة أكثر فساداً، وكلما اقتربت من 100، عكس ذلك زيادة نزاهتها.
أوضحت منظمة الشفافية الدولية التى تعد المؤشر، أن التحسن جاء نتيجة إطلاق هيئة الرقابة الإدارية، التى تعد الجهة الرئيسية فى التحقيق فى الفساد، استراتيجية أجلها 4 سنوات لمكافحة الفساد وتمكنها من استعادة بعض أصول الدولة.
ورغم ذلك قال التقرير، إنه رغم التحسن الذى أحرزته مصر، فإنَّ الإصلاحات الحقيقية على أرض الواقع ما زالت ضعيفة، فى ظل وجود عدة قضايا فساد جادة تواجه الدولة.
وقال صندوق النقد الدولى، فى وثائق المراجعة الرابعة لمصر، إنَّ أجندة الإصلاح الهيكلى للسلطات تستهدف دعم النمو الاحتوائى من خلال معالجة العقبة الممتدة لفترات طويلة أمام تنمية القطاع الخاص، وتشمل هذه الإصلاحات تحسين سياسة المنافسة والمشتريات العامة وإدارة الشركات المملوكة للدولة وتخصيص الأراضى.
وذكر أن تحسين نظام تخصيص الأراضى الصناعية أمر بالغ الأهمية، والنظام الحالى يؤدى إلى سوء تخصيص الأراضى ويضيع إيرادات الدولة، كما أنه يفتح الباب أمام ممارسات الفساد.
وشكلت الحكومة مجموعة عمل يرأسها رئيس الوزراء لإعداد خطة إصلاح تخصيص الأراضى، والانتقال إلى آلية تضمن الشفافية والتنافسية وقائمة على السوق لتخصيص الأراضى الصناعية، عبر منصة على شبكة الإنترنت.
ووضعت اللجنة المسودة الأولى للخطة، فى ديسمبر 2018، وهى خطوة مهمة، لكنها افتقدت المستوى المرجعى الهيكلى، وأغفلت ذكر تفاصيل تشغيلية كافية لتوجيهات تخصيص الأراضى، وتحديداً لم يوضع تصور كيفية تقديم عطاءات تنافسية، وهو أمر مهم للحد من سوء تخصيص الأراضى، لكن الحكومة ادت التزامتها بوضع مبادئ توجيهية جديدة لتخصيص الأراضى الصناعية وفق هذه المبادئ.
وأخيراً أعلنت الحكومة، الأسبوع الماضى، عن قرب إطلاق منظومة تخصيص الأراضى الصناعية إلكترونياً، والتى تستهدف تلبية الطلب الحقيقى على تلك الأراضى، وتحقيق الاستغلال الناجح والسريع للأراضى الصناعية، والمساعدة على تحقيق أولويات الاستراتيجية الصناعية الوطنية، إلى جانب تخصيص وتسعير الأراضى للمصنعين على نحو مُعلن وشفاف وتنافسى، مع استبعاد سماسرة الأراضى، والحد من فرص السعى إلى تحقيق ربح ريعى أو بما يسمى «تسقيع» الأراضى.
كما طالب الصندوق بإصلاح نظام المشتريات العامة، وتم بالفعل اعتماد قانون المشتريات الحكومية الجديد فى قانون من قبل الرئيس فى 3 أكتوبر 2018، وأصبح سارى المفعول فى نوفمبر.
وتعمل السلطات على وضع اللوائح التنفيذية لتوحيد إجراءات الشراء فى جميع الكيانات الحكومية التى يشملها القانون، وضمان شفافية المناقصة والحفاظ على التنافسية.
ووفقاً للبرنامج كان من المفترض أن يتم إطلاق بوابة المشتريات الإلكترونية بحلول نهاية مايو 2019، وأن يوافق رئيس الوزراء على خطة لمواءمة قواعد المشتريات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة مع القانون الجديد، وبحلول 15 يونيو 2019.
وأبرمت الحكومة برنامجاً لتقوية هيئة الرقابة الإدارية، عبر صندوق تحول الشرق الأوسط، يموله البنك الأفريقى للتنمية بنحو 3.5 مليون دولار حصلت مصر منها فعلياً حتى ديسمبر الماضى 668.85 ألف دولار.
ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرة الحكومة على تنفيذ استراتيجيات مكافحة الفساد. يحتوى المشروع على ثلاثة عناصر مترابطة؛ تعزيز قدرة هيئة الرقابة المالية على مكافحة الفساد بشكل فعال، ونشر الوعى، وإدارة المعرفة بشأن مكافحة الفساد.
وذكر صندوق تحول الشرق الأوسط، أن المشروع بدأ التفاوض عليه فى يناير 2017، وتم تدشينه فى فبراير 2018.
وتلقت مصر أول دفعة تمويلية فى الشهر نفسه، وخلال الإطلاق، تم الاتفاق على خطة عمل مؤقتة للمشروع مدتها 18 شهراً، وتم الانتهاء من خطة المشتريات الأولية، وتشمل الأنشطة الرئيسية؛ إعداد وتبث حملة إعلامية عن مكافحة الفساد، وتوفير تدريبات دولية لنحو 40 موظفاً فى الهيئة بأمريكا وإيطاليا وإندونيسيا، وتقديم دورات اللغة الإنجليزية لنحو 154 موظفاً.
ولم يتم تفنيذ خطة 2018 على النحو المتفق عليه، وأبلغت هيئة الرقابة الإدارية البنك الأفريقى للتنمية بضرورة إعادة تحديد أولويات بعض الأنشطة، وإعادة تخصيص الميزانية، ويشمل ذلك نظام إحالة الشكاوى، الذى موَّلته الهيئة بأموال خاصة بها.
وذكر أن المشروع واجه تحديات، ولذلك عينت هيئة الرقابة الإدارية نجلاء عرفة، مسئول الاتصال داخل وزارة الاستثمار والصناعة، للعمل كوسيط مع البنك فى جميع الجوانب التقنية، كما تم الاتفاق على تسريع توظيف الخبراء الاستشاريين لتشكيل جزء من فريق تنفيذ المشروع، ودعم تطوير خطة العمل المقبلة، وخطة التدريب، وضمان رصد نتائج المشروع والإبلاغ عنها.
ويشمل المشروع 3 مكونات، الأول تعزيز قدرة هيئة الرقابة الإدارة على مكافحة الفساد على نحو فعال فى مصر، وتكلفته 2.107 مليون دولار، عبر زيادة قدرات الموظفين وتقييمهم وتقديم الدورات التدريبية المحلية والدولية المناسبة لعدد من الموظفين فى مجالات متخصصة، مثل مكافحة غسل الأموال، الغش الضريبى والتهرب، الطب الشرعى الرقمى، إدارة الخطوط الساخنة وإدارة البيانات والأمن السيبرانى وإدارة مخاطر الفساد.
ومن المقرر أن يتم تطوير دورة تدريبية للمدربين عبر شركة محلية، لتدريب فريق أساسى لتقديم دورات تدريبية لأعداد أكبر من الموظفين داخل الشركة، سيوفر المشروع مجموعة من التدريبات على اللغات واستخدام تكنولوجيا المعلومات، والتى سيستفيد منها حوالى 200 موظف، وجولات دراسية سنوياً للموظفين؛ للتعرف على كيفية هيكلة وكالات مكافحة الفساد الأخرى وطبيعة عملها، وستركز جولات الدراسة بشكل خاص على مجالات العمل والأنظمة والإجراءات التى تهدف الهيئة إلى تطبيقها مثل الإدارة المتكاملة للشكاوى، والمركز الإعلامى وتقييمات مخاطر الفساد.
وينصح البنك الأفريقى الهيئة بإعطاء الأولوية لتعيين استشارى لتقييم الاحتياجات وقدرات الموظفين ووضع خطة تدريب شاملة.
ويشمل المحور الثانى تطوير أنظمة التكنولوجيا لتحسين إدارة المعلومات، بما فى ذلك إحالات الشكاوى ومراقبة وسائل الإعلام، وذلك عبر توفير الأجهزة اللازمة إلى 24 مكتباً من مكاتب هيئة الرقابة المالية فى جميع أنحاء مصر، وإنشاء نظام متكامل لإدارة الشكاوى والخط الساخن، ما يستلزم مساعدة تقنية من شركة متخصصة لإجراء دراسة مفصلة لمتطلبات أنظمة لشكاوى، والتى ستدرس، أيضاً، تنفيذ العمليات التجارية المطلوبة وإعداد مستندات العطاءات لشراء الأنظمة والمعدات المعلومات المطلوبة؛ وإدارة عملية الشراء وتقديم المشورة للهيئة بشأن إدارة المشروع، ويشمل ذلك المكون تقييمات مخاطر الفساد من أجل تحسين استهداف إجراءات مكافحته، فى 3 قطاعات على الأقل من الخدمات ذات مخاطر الفساد العالية.