أطاحت المملكة العربية السعودية بوزير الطاقة خالد الفالح، أحد أقوى الشخصيات فى صناعة البترول العالمية خلال تعديل كبير فى قلب حكومة المملكة.
وسوف تشمل هذه الخطوة التى أعلن عنها الأحد الماضى تعيين نجل الملك سلمان، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزيراً للطاقة ليكون أول أعضاء الأسرة الحاكمة الذى يعتلى هذا المنصب.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن الأمير عبدالعزيز، هو خبير فى وزارة الطاقة، حيث انضم إليها فى الثمانينيات، لكن أفاد محللون بأن التعديل سيثير صدمة بصناعة الطاقة العالمية فى وقت تكافح فيه السعودية الزعيمة الفعلية لمنظمة “أوبك” وحلفاؤها لرفع أسعار البترول الخام.
وفى ساعات التداول الأولى فى آسيا صباح أمس الاثنين، ارتفع خام برنت بنسبة 1.1% ليصل إلى 62.20 دولار فى وقت زاد فيه مؤشر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.3% ليتداول عند 57.20 دولار للبرميل، ويأتى ذلك بعد أن صعدت أيضًا الأصول المحفوفة بالمخاطر مثل البترول والأسهم من خلال إجراءات التحفيز الجديدة فى الصين والتوقعات بتخفيض أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة.
وقال أوليفر جاكوب، المحلل لدى شركة “بتروماتريكس” الاستشارية، إن هذه الخطوة جلبت مستوى جديد من عدم اليقين فى السوق حيث أنها تشير إلى أن نتيجة سياسة البترول الحالية لم تكن “مرضية” للعائلة المالكة إلى حد ما، وأضاف: “بعض الناس يقولون إن هذا وضع طبيعى، لكن إذا نظرت إلى حيث الأسعار، فإن المملكة العربية السعودية غير راضية عن سعر الخام الذى يدور حول 60 دولاراً للبرميل”.
وفى الأسبوع الماضى، تم استبدال الفالح، كرئيس لشركة “أرامكو” السعودية فى الوقت الذى يتم فيه تكثيف الجهود لإعداد الشركة الحكومية للاكتتاب العام الأولى كما فصلت الحكومة وزارة الصناعة والموارد المعدنية عن حقيبة الطاقة، مما أزال إشراف الوزير المقال على السياسة الصناعية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن فصل رجل البترول المخضرم يدل على أسلوب حكم ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، القاسى الذى يقود برنامج إصلاح اقتصادى طموح للغاية.
وكانت وظيفة وزير الطاقة واحدة من أكثر المناصب الحكومية أمانًا فى المملكة وفوق السياسة الداخلية، مما يعكس مكانة المملكة العربية السعودية كأكبر مصدر للبترول فى العالم، حيث شغل سلف الفالح، الوزير على النعيمى، المنصب لمدة 21 عاماً.
ويدعم الأمير عبدالعزيز، الإبن الرابع للملك والأخ غير الشقيق لولى العهد، إصلاحات الأمير محمد، حيث التحق بوزارة الطاقة عام 1987 كمستشار بعد فترة قصيرة من العمل فى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، حيث حصل على شهادة فى الهندسة الصناعية وماجستير فى إدارة الأعمال، وتمت ترقيته إلى منصب نائب وزير البترول عام 1995 ثم أصبح فيما بعد مساعداً لوزير شئون البترول من 2004 إلى 2015.
وخلال تلك الفترة، ترأس عبدالعزيز، فريقًا مسئولاً عن استراتيجية البترول فى السعودية واستراتيجية “أوبك” طويلة الأجل وشغل منصب نائب وزير الدولة لشئون الطاقة منذ عام 2017.
وقال المقربون من الحكومة، إنه فى الوقت الحالى لا يوجد ضمان للأمن الوظيفى فى بيئة جديدة لأى مسئول كبير بعد أن غير الأمير محمد، وزير العمل 3 مرات بعدما ارتفعت البطالة إلى أكثر من 12%.
ونقلت الصحيفة عن شخص مقرب من الحكومة رفض الكشف عن هويته: “الفالح، كان ضحية الأداء الضعيف لمحفظة كبيرة للغاية وفى الوقت نفسه يشعر الناس أنه كان مغروراً ومتغطرساً للغاية ولم يحرز تقدم على صعيد الصناعة”، وعلى الرغم من أن برنامج الأمير محمد، مصمم فى النهاية لفطم اقتصاد المملكة العربية السعودية عن إدمانه للبترول إلا أنه فى المدى القصير يحتاج إلى سعر أعلى لتمويل خططه الطموحة.
وقال ديريك بروير، مدير مجموعة “آر إس إنرجى” للطاقة: “لقد دفع الفالح، ثمن سعر البترول الذى ظل تحت النطاق الذى يتراوح بين 70 و80 دولاراً فى السعودية رغم الضعف المستمر فى اقتصاد المملكة”.
ويعتقد محللون آخرون، أن الإطاحة بالفالح، كانت على الأرجح مرتبطة بافتقاره الواضح للحماس، خاصة عندما تأخر فى طرح “أرامكو” السعودية التى تمثل محور خطة الأمير محمد، للتحول ويتوقع أن تكون الأكبر فى التاريخ.
وقال تشارلز هوليس، العضو المنتدب لشركة “فالانكس اسنات” الاستشارية للأسواق الناشئة إن التغيير الذى حدث له علاقة أكبر بعدم تسريع الفالح، فى خطط اكتتاب “أرامكو” إلى الأمام بقوة كافية لأن الكثير من “رؤية 2030” يعتمد على ذلك.
جاء ذلك فى الوقت الذى عانى فيه الاقتصاد السعودى من تباطؤ النمو منذ انخفاض أسعار البترول فى عام 2015، وتواجه الحكومة أيضاً عجزاً متزايداً فى الموازنة والذى يتوقع صندوق النقد الدولى، أن يرتفع إلى 6.5% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام الحالى.
وخفضت المملكة العربية السعودية إنتاجها من البترول إلى أقل من 10 ملايين برميل يوميًا كجزء من اتفاق بين “أوبك” وحلفائها فى محاولة لدعم الأسعار ولكن بقى الخام عند مستوى 60 دولاراً للبرميل، وقال بروير، إن سوق البترول سيكون متوتراً خلال الفترة المقبلة بعد التحولات الكبيرة فى السياسة السعودية وستحتاج المملكة إلى توضيح أنها تتمسك بتخفيضات “أوبك”.
وأوضح جيسون بوردوف، مستشار الطاقة السابق لإدارة أوباما، أنه فى الوقت الذى كان يحظى فيه الفالح، بتقدير كبير فى صناعة البترول فإن الأمير عبدالعزيز، لديه أيضًا علاقات عالمية قوية.
وأضاف: “من المحتمل أن ينظر السوق إلى هذا كعلامة على التزام أقوى بدعم الأسعار والاكتتاب العام فى أرامكو”، وتم استبدال فالح كرئيس لشركة أرامكو السعودية بواسطة ياسر الرميان، أحد المقربين من الأمير محمد، الذى يرأس صندوق الاستثمار العام، صندوق الثروة السيادية القوى فى المملكة، وذكرت الصحيفة أن صعود ياسر الرميان لرئاسة “أرامكو” وإقالة الفالح، دليلان آخران على أن ولى العهد يعتمد بشكل أكبر على جيل من المستشارين الجدد.