مناوشات مضيق “هرمز” تزيد الضغط على الدولة للإصلاح
عندما هددت التوترات المتصاعدة فى الخليج بمرور ناقلات البترول عبر مضيق “هرمز”، كان لدى الكويت سبب خاص يدعو للقلق، إذ يمر إجمالى صادراتها النفطية البالغ 2 مليون برميل عبر الممر المائى الاستراتيجى، وسلطت عودة مثل هذه التوترات، الضوء مرة أخرى على ضرورة أن تتخلى الكويت عن البترول الذى يساهم حاليًا بنسبة 90% من إيرادات الدولة وحوالى نصف الناتج المحلى الإجمالى.
وتحاول الكويت تنويع اقتصادها وتقليص السخاء الحكومى بعد انخفاض الناتج المحلى الإجمالى من ذروته البالغة 174 مليار دولار فى عام 2013 إلى 141 مليار دولار العام الماضى، وفقًا لبيانات البنك الدولى.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن الكويت أحرزت بعض التقدم وخاصة بعد انضمامها مؤخراً إلى مؤشر “إم إس سى آى” من الأسواق الحدودية إلى الأسواق الناشئة، وكان ذلك بمثابة اعتراف بالإصلاحات التى تجريها البلاد، وتوقع صندوق النقد الدولى، أن يبلغ معدل النمو الاقتصادى فى الكويت باستثناء قطاع البترول والغاز حوالى 3.5% عام 2020، لكن المستثمرين ورجال الأعمال، يقولون إن النظام السياسى واحتكارات الشركات والبيروقراطية تبطئ عملية تنويع الاقتصاد الكويتى بعيداً عن البترول.
قال كريستين سميث ديوان، كبير الباحثين المقيمين فى معهد دول الخليج العربية فى واشنطن: “هناك شعور متزايد بأن الكويت قد تخلفت في التنوع الاقتصادي والتنمية الشاملة”، يأتى ذلك فى الوقت الذى أصبح فيه الوصول إلى البترول الكويتى أكثر صعوبة وفقًا لجون كامينغ ، كبير مستشارى الموارد الطبيعية فى شركة “أكسنشر” للطاقة.
وقال كامينغ، إنه من الناحية التاريخية، كان لدى الكويت إنتاج سهل نسبيًا، لكن هناك ضرورة متزايدة لإدخال تقنيات جديدة لاستخلاص البترول لزيادة الإنتاج، مضيفًا أن مشغلى البترول بحاجة إلى تحسين مهاراتهم وتغيير لعبتهم بشكل كبير، وأوضحت الصحيفة البريطانية أن تراجع أسعار البترول مرة أخرى، يجعل الكويت تستفيد بقدر كبير من المدخرات التى تقدر بنحو 592 مليار دولار.
ولكن مع وجود حوالى ربع سكانها الذين تقل أعمارهم عن 17 عاماً، تحتاج البلاد إلى توفير ما بين 400 و600 ألف وظيفة جديدة للوافدين الجدد في سوق العمل على مدار الـ15 عامًا المقبلة، وفقًا للدكتور فهد الراشد، عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتطوير.
وهناك حوالي ضعف عدد المغتربين مثل المواطنين فى الكويت، إذ تشير الأبحاث إلى أن الجهود المبذولة لتقليص عدد الأجانب قد تضع عبئًا على الشركات التي تحتاج إلى موظفين مهرة من الخارج للمساعدة فى تنمية أعمالهم.
وقال فهد الفلاح، المؤسس والشريك الإدارى لشركة تخزين الملفات “مينا فايل”، إنه من المستحيل إلى حد كبير توظيف الكويتيين لشغل وظائف محددة في أعماله مثل موظفى المخازن والسائقين.
ويشكو رجال الأعمال أيضًا من العقبات البيروقراطية باهظة الثمن، والتي تنعكس فى تصنيف البنك الدولى لعام 2019 لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، إذ تم تصنيف الكويت فى المرتبة 97 مقارنة بالإمارات العربية المتحدة التى تحتل المرتبة 11.
ومن أجل تعزيز النمو الاقتصادي خارج قطاع البترول، تسعى الكويت لتعزيز الاستثمار في مشروع بوابة الخليج الشمالية “إن جى جى”، والذي يهدف إلى جذب ما يصل إلى 450 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية.
وبعد ما يقرب من 6 سنوات من البناء بتكلفة تقارب 3 مليارات دولار، تم العام الحالى افتتاح جسر الشيخ جابر الكويتى، وهو أحد أطول الأبراج في العالم، وجاءت خطط الإنفاق الهائلة للبنية التحتية للحكومة إلى جانب الاستثمار الواسع النطاق فى مجالات الطاقة والرعاية الصحية والتعليم، بدافع رؤية التنمية طويلة الأجل للبلاد، “كويت جديدة 2035”.
وأعلنت وزارة المالية، أن 60 مليار دولار تم بالفعل ضخها في الاقتصاد كجزء من خطة الإصلاح مع مخططات بضخ 100 مليار دولار أخرى من المقرر نشرها خلال عام 2035.
أشارت “فاينانشيال تايمز”، إلى أن خطط التنمية السابقة كانت غالباً ما تعوقها المشاحنات البرلمانية.، وعلى عكس جيرانها الإقليميين، يتمتع البرلمان الكويتي بسلطات كبيرة، وفي حين أن هذا يعزز مشاركة وتمثيل مدنيين أكبر إلا أنه يعنى أيضًا أن عملية صنع القرار أبطأ.
وفى الوقت نفسه، أعطت بيئة أسعار البترول المنخفضة، الدافع للكويت لتقييد إعاناتها السخية ودولة الرفاهية، والتى يقول الخبراء إنها ابطأت روح المبادرة المحلية وأعاقت التنويع الاقتصادى، وقالت العنود الشارخ، الناشطة والباحثة الكويتية، إن تصور الفساد داخل الدوائر الرسمية يضر بالثقة العامة ويزيد من صعوبة الاصلاح المالى، لكن يقول فلاح، إن الواقع الاقتصادى المتغير في الكويت يدفع شبابه إلى تحقيق أهداف أعلى، أضاف: “انتهينا من وقت الحفلات، فالوقود الأحفورى آخذ فى الانخفاض وأصبح صناعة ميتة، ولذلك حان الوقت ليصبح جيل الشباب أكثر قدرة على المنافسة”.