تواجه المملكة العربية السعودية أسابيع بدون طاقة إنتاجية كاملة للبترول الخام والغاز بعد هجوم على أهم منشأة نفطية فى العالم.
وفى الوقت الذى سعى فيه بعض المسئولين في المملكة إلى طمأنة الأسواق بأن الإنتاج سيعود سريعًا أفاد أشخاص مطلعون على الأمر بأن الأمر قد يستغرق وقتًا أطول بكثير لاستعادة الإنتاج بمستوياته السابقة.
وقال مصدر قريب من وزارة الطاقة لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن الأمر قد يستغرق أسابيع لتكثيف الإنتاج من جديد.
ورغم عدم التحقق من الأضرار الكاملة، قال المصدر الذى رفض الكشف عن هويته، إن هناك مخاوف من أن تجرى المملكة محادثات مع العديد من دول منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، حيث قد يتمثل أحد الخيارات فى الدعوة لعقد اجتماع طارئ مع منتجى الخام.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن المملكة التى تعد القائد الفعلى لمنظمة “اوبك” فى المراحل الأولية من تقييم ما إذا كانت ستحتاج إلى مطالبة الدول الأعضاء الأخرى بزيادة الإنتاج مؤقتًا لتهدئة الأسواق حتى يتعافى إنتاجها بالكامل، وبالنظر إلى أن السعودية قادت المنظمة فى الماضى إلى خفض الإنتاج لدعم الأسعار، فإن المحادثات توضح عمق المخاوف فى المملكة.
وألقت الولايات المتحدة باللوم على إيران فى الهجمات على محافظة بقيق، وهو مركز حيوى لمعالجة الخام جنوب غرب مقر شركة “أرامكو” السعودية فى الظهران، وحقل خريص، النفطى مما أجبر أكبر مصدر فى العالم على تعليق أكثر من نصف إنتاجها النفطى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الهجمات زادت من المخاوف بشأن ضعف البنية التحتية النفطية في المملكة العربية السعودية بعد أن أدت المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران إلى زيادة التوتر فى الشرق الأوسط.
ومن جانبه أعلن متمردو الحوثي، المدعمون من إيران والذين يقاتلون التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ 4 سنوات مسئوليتهم عن الهجوم الذى قامت به 10 طائرات بدون طيار على منشأتى البترول.
واتهم مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي إيران بشن هجوم غير مسبوق على إمدادات الطاقة فى العالم مضيفًا أنه لا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن، ورفضت إيران هذه المزاعم، حيث قالت وزارة الخارجية، إن اتهامات واشنطن كانت جزءاً من سياسة الأكاذيب القصوى، وقال محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، إن إلقاء اللوم على إيران لن ينهى الكارثة.
وأوضح أمين ناصر، الرئيس التنفيذى لشركة “أرامكو” السعودية أن الشركة أطفأت الحريق الذى لم يسبب أى إصابات وتعمل حاليًا على إعادة الإنتاج.
وقال وزير الطاقة السعودى الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إن التقديرات الأولية أظهرت أن الهجوم تسبب فى تعليق إمدادات الخام البالغة 5.7 مليون برميل أو أكثر من 50% من الإنتاج اليومى، لكنه أضاف أنه سيتم تعويض جزء من فقدان الإمدادات للعملاء من المخزونات مؤكداً أن إنتاج الغاز انخفض أيضًا بنسبة 50% نتيجة للهجوم.
وقال الأمير عبدالعزيز، “هذا الهجوم الإرهابى هو امتداد للهجمات الأخيرة التى استهدفت البنية التحتية النفطية والمدنية ومحطات الضخ وناقلات النفط فى الخليج العربى”، وأضاف أن هذه الهجمات لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة فحسب بل تستهدف أيضًا إمدادات البترول الدولية وتهدد أمنها.
وكشفت البيانات، أن السعودية توفر أكثر من 10% من الخام العالمى وهى أكبر مصدر للخام فى العالم وتعادل خسارة أكثر من 5 ملايين برميل يوميًا نسبة 5% من إمدادات النفط العالمية، وعلى الرغم من توقع المملكة استعادة الإنتاج فى المستقبل القريب، فإن حجم الخسارة سيظل بمثابة صدمة فى أسواق الطاقة العالمية.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، التى تنسق إصدارات مخزونات البترول فى حالات الطوارئ العالمية: “نحن على اتصال بالسلطات السعودية وكذلك الدول المنتجة والمستهلكة الرئيسية”.
أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن مستهلكى البترول يحتفظون بمخزون طارئ احتياطيًا وقد تتمكن السعودية من تخفيف بعض الخسائر من مخزوناتها النفطية أو طاقتها الإنتاجية الفائضة، وأبلغت “أرامكو” شركات البتروكيماويات أن المعروض من المواد الأولية سينخفض.
وقالت الشركة السعودية للصناعات الأساسية إنها خفضت منذ ذلك الحين الإمدادات لشركاتها البتروكيماوية بنسبة 49%، وقال بوب ماكنالى، المحلل فى شركة “رابيدان” الاستشارية، إن الهجوم على منشأة معالجة بقيق، يشكل خطرًا صعوديًا على البترول وهبوطًا فى المخونات ومخاطر سلبية للنمو العالمى”.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تخطط فيه “أرامكو” لإطلاق طرح عام أولي في وقت لاحق من العام الحالى كجزء من جهود الإصلاح الاقتصادي للمملكة، وذكرت “فاينانشيال تايمز” أن تأمين الإمدادات وإدارة البراميل السعودية من قبل “أرامكو” يعد مصدر قلق كبير للمستثمرين المحتملين.