رصد تقرير صادر عن مؤسسة إيجيبت بزنس ديركتور «Egypt Business Directory»، المستجدات التى طرأت على صناعة السيارات فى مصر، وحالة النمو والتكيف التى سجلتها مبيعات السوق بعد تعويم الجنيه فى نوفمبر 2016.
ونظراً لارتباط صناعة السيارات، وهى واحدة من أكبر الصناعات المحلية، بمجموعة واسعة من الصناعات المغذية المختلفة التى تنتمى إلى جميع أنواع الأنشطة الصناعية، تسعى الحكومة لاستثمار نحو 5 مليارات دولار فيها، مما يولد نحو 3 مليارات دولار صادرات بحلول 2022.
أضاف التقرير، أنه لتحقيق تلك الأهداف استجابت الحكومة فى نوفمبر2016 عبر مسودة أولى لتوجيه صناعة السيارات، ركزت خلالها على تحقيق أفضلية للمنتجين المحليين عن المستوردين، عبر تشجيعهم بسلسلة من الإعفاءات الضريبى.
لكن ظهرت ردود فعل سلبية فى الاتحاد الأوروبى، فبادرت الحكومة بطرح مسودة ثانية عبر إعادة نظام الحوافز للسيارات، إلا أنه مازال غير معمم حتى الآن.
ومصر بما انها موقعة على اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن التعريفات الجمركية والتجارية المعروفة باسم (GATT)، فإنها ملزمة بتخفيض الرسوم الجمركية وفقاً للمعايير الدولية بنسب تتراوح ما بين صفر و%40.
كما أن مصر وقعت عام 2001، اتفاقية فى مجال التجارة مع الاتحاد الأوروبى هى «الاتفاقية الأورومتوسطية» ودخلت حيز التنفيذ فى يونيو 2004.
ورغم ذلك لم تؤثر الاتفاقية التى تضمنت إلغاء آخر شريحة من الرسوم على واردات السيارات من أوروبا، على أسعار السيارات بالقدر المتوقع، وانخفض إجمالى المركبات المستوردة من الاتحاد الأوروبى نتيجة الصراع بين المستهلكين ووكلاء العلامات التجارية، إذ أطلق عدد من المستهلكين حملة تحت شعار «خليها تصدى»، ولأن تلك الاتفاقية يكمن هدفها فى تحقيق التوازن وتعزيز الاقتصاد المصرى، فلابد من مراقبة الأسعار لتحقيق أقصى استفادة من تلك المعاهدة.
وانخفض إجمالى مبيعات السيارات فى مصر خلال النصف الأول من 2019، بنسبة %6.78 مسجلا 74.084 وحدة ، مقارنة بـ 79.474 فى النصف الأول من 2018، ولم تكن اتفاقيات التجارة الحرة مفيدة للغاية عندما يتعلق الأمر بتصدير قطع غيار السيارات.
فمثلاً لا توجد تقريباً مثل هذه الصادرات إلى المغرب أو تركيا، فكليهما لديه صناعات قوية للسيارات ولديهما نمو سريع، وبلغ حجم التجارة مع الدول الأفريقية 3.4 مليار دولار فى عام 2017، و4.2 مليار دولار فى عام 2018 وهو أمر ضعيف ولا يعكس العلاقات التاريخية مع دول القارة.
وفى أغسطس 2018، قال وزير التجارة والصناعة عمرو نصار، إن التشريعات الحالية الخاصة بالسيارات، والتى يجرى تعديلها ستلتزم بالاتفاقيات السابقة الموقعة مع الشركاء الأجانب، بوجه عام الاتحاد الأوروبى، ومع ألمانيا على وجه الخصوص، حيث يجرى حالياً مراجعة لتوجيه صناعة السيارات من قبل لجنة مكونة من وزارات التجارة والمالية والاستثمار.
وتضمن فكرة نظام الحوافز، زيادة المكونات ذات القيمة المضافة المحلية، والتى تُمكن المنتجين من تخفيض التزاماتهم الضريبية، حيث نجحت هذه الاستراتيجية فى أسواق سيارات أخرى منها المغرب، وتونس، وكليهما لديه صناعات مغذية كبيرة، مما يعنى وبالنظر إلى قاعدة الموردين فى مصر والتى تُعد أكبر قاعدة فى أفريقيا، يعنى فرصة لحدوث نمو هائل فى صناعة السيارات.
وتحتاج مصر إلى زيادة الإنتاج المحلى من السيارات إلى نحو 500 ألف وحدة بحلول 2020 لتتناسب مع إجمالى الواردات التى تعد أقل فى تكلفتها من الاستثمارات، ومن ثم تصنيع السيارات المجمعة محلياً.
وتجاوزت قيم الصناعات المغذية للسيارات 3 مليارات دولار خلال 2017، فى حين بلغ إجمالى الصادرات 562 مليون دولار بنمو %6.4، مقارنة بـ 2016 لأول مرة، ذهب نحو %80 منها إلى أوروبا، و%18 إلى الدول العربية، و%2 إلى آسيا، مما جعل الصناعات المغذية للسيارات ثانى أكبر مصدر فى فئة الصناعات الهندسية بنسبة %27.
ورغم شمول سوق السيارات على الكثير من أنواع السيارات، بالإضافة إلى صناعة ما بعد البيع، والسوق المتخصص لذوى العجلتين والثلاث عجلات، التى يتم استيرادها بشكل كامل من الهند، والصين، واليابان، فإن الحكومة تعمل على حوافز لتعزيز المركبات الكهربائية حالياً، إذ تقوم لجنة الطاقة التابعة فى مجلس النواب بصياغة مسودة قانون ينظم خدمات ما بعد البيع لجميع المركبات الكهربائية.
وتُعد السياسة الاقتصادية للحكومة هى المحرك الرئيسى لثورة السيارات الكهربائية، ومصر هى الأولى بالمنطقة فى تصنيع Evs، مما سيساهم فى تغيير كبير فى سوق السيارات المصرى، ويساعد فى ذلك حجم السوق الكبير القادر على استيعاب مبيعات السيارات الكهربائية.
وبدأت مصر بالفعل، إنشاء محطات شحن للسيارات الكهربائية فى طريق القاهرة السويس السريع، مع شركة «ريفولتا إيجيبت» التى تخطط للوصول إلى 300 محطة بحلول2020.
وقال الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، إن التعريفة لإعادة شحن السيارات الكهربائية ستكون بتكلفتها الحقيقية دون أى دعم، مضيفاً أن السيارات الكهربائية لديها مستوى أفضل فى تقليل الانبعاثات للغازات الدفيئة، مما يحسن التأثير البيئى لتوليد الكهرباء وعدم إضافة مزيد من أعباء دعم تكلفة الطاقة على ميزانية الدولة، وبدأت العديد من الشركات الصينية والإيطالية والألمانية التفاوض مع المؤسسات المصرية لتزويدها بوحدات الطاقة الجديدة 2020.
وقال مسئول بشركة صينية، إنها عقدت شراكة مع شركة مصرية لتصبح وكيلها فى السوقين المصرى والأفريقى، وتوفير وحدات شحن للسيارات الكهربائية ذات السعات المختلفة.
وفتحت «ريفولتا»، الطريق للشركات الألمانية لتوريد منتجاتها للسوق المصرية، إذ تفاوضت 3 شركات ألمانية مع مؤسسات مصرية لتوريد السيارات الكهربائية ووحدات شحن الحافلات.
أخيراً، صناعة السيارات فى مصر أمر حاسم لأهداف النمو الاقتصادى الطموح التى تخوضها البلاد، إذ تساعد تلك الصناعة على توليد عمالة كبيرة، ومن ثم الحد من البطالة، كما تساعد على جذب الاستثمار الأجنبى المباشر وتحفيز الصادرات المصرية، ويُعد سوق السيارات المصرى سوق واعد لصناعة السيارات الكهربائية، مما يؤهل مصر لتصبح مركزاً إقليمياً فى هذا النشاط.
كتب – أحمد حسن عبدالكريم