من منا لا يتعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الأخرى وهو راضى تماماً عن مستوى الخدمة؟ من منا يعانى مراراً وتكراراً من الإجراءات البيروقراطية وغير الضرورية التى فى بعض الأحيان تحول تعاملاتك المالية إلى كابوس؟
من المحزن أن مستوى خدمة العملاء والبيروقراطية فى العديد من البنوك والمؤسسات المالية يتدهور رغم استخدام التكنولوجيا، وبالتالى أود أن أقول إن العامل البشرى وليس التكنولوجيا هى المسئولة عن ذلك، إذا كنا نتحدث اليوم عن تطوير أساليب العمل وسهولة ممارسة الأعمال فى مصر، فنحن بحاجة إلى التخلص من البيروقراطية، وتبسيط الإجراءات، والتركيز أكثر على تطوير مهارات موظفى خدمة العملاء للتعامل بمهارة أكبر.
يجب أن يكون المستوى الجيد لخدمة العملاء راسخ فى صميم عمل المؤسسات المالية بجميع أنواعها، وبما أن المنافسة أصبحت أشد من أى وقت مضى، تعتبر خدمة العملاء عاملاً ذا أهمية متزايدة فى صناعة الخدمات المالية، كما أن تقديم خدمة عملاء ممتازة أصبح عامل مهم جداً للبنوك والمؤسسات المالية من أجل التمييز عن منافسيها.
لا شك أن خدمة العملاء تأتى فى المقدمة أكثر من أى شىء آخر فى صناعة الخدمات المالية لما لها من دور كبير فى تكوين الثقة، والاحتفاظ بالعملاء، وتحسين الصورة الذهنية للعلامة التجارية.
الأهم من ذلك، أن العملاء الذين يتلقون خدمة ممتازة سوف يساهموا فى زيادة ربحية المؤسسة عن طريق القيام بمزيد من الأعمال لذلك، هل يعتقد القراء الأعزاء أن كل بنك أو مؤسسة خدمات مالية تسعى بكل الوسائل لتقديم خدمة عملاء ممتازة لعملائها؟ من الناحية النظرية، الجواب هو نعم، ولكن الواقع أن هناك الكثير من البيروقراطية التى يجب التخلص منها، والاهتمام أكثر بتنمية مهارات الموظفين.
فى عالم اليوم شديد التنافسية، يمكن للمؤسسة المالية أن تستخدم أحدث الأنظمة أو التكنولوجيا، والتى يمكن الحصول عليها بسهولة، ولكن العامل الحاسم فى نمو الأعمال يكون من خلال الاهتمام بتقدم أعلى مستوى من خدمة العملاء.
شخصيا، لقد مررت بتجارب سيئة وعانيت من مستوى متواضع من خدمة العملاء، وفقًا لإحصائية قامت بها مؤسسة أمريكان إكسبريس عن خدمة العملاء، فإن %96 من العملاء الذين يتلقوا خدمة عملاء سيئة لا يتقدموا بشكوى، وسينتقل حوالى %88 منهم الى مكان آخر.
وبينما نحن نتحول سريعاً نحو العالم الرقمى، يسارع العملاء بكتابة تجاربهم السيئة التى تعرضوا لها فى وسائل الاتصال الاجتماعى، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن أكثر من %15 من العملاء الذين تلقوا خدمة عملاء سيئة يخبرون عادة شخصًا واحدًا آخر على الأقل بينما يخبر %54 ما لا يقل عن 5 أشخاص آخرين.
لن تخسر المؤسسة المالية العملاء فحسب، بل إنها تخاطر بفقدان موظفيها أيضًا، عندما تواجه المؤسسة المالية شكاوى من العملاء غير الراضين عن مستوى خدمة العملاء، سوف يؤدى ذلك إلى انتشار الروح السلبية وعدم الرضا بين أفضل الموظفين، بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت المؤسسة المالية تتمتع بسمعة سيئة فى خدمة العملاء، فهناك فرصة كبيرة لأن يفكر الموظفون الممتازون فى الاستقالة فى أقرب فرصة ممكنة، ومن الأرجح أن لن يرغب أى شخص كفء فى العمل فى الانضمام إلى تلك المؤسسة.
فى الختام، تعتبر خدمة العملاء الممتازة العمود الفقرى للنجاح لأى مؤسسة مالية، وأصبحت المزيد من المؤسسات تدرك أهميتها، كما تؤدى استمرار نجاح المؤسسات فى تنمية اعمالها وتحقيق مستوى أعلى من الإيرادات، فنحن الآن بحاجة الى تبسيط الإجراءات، وتدريب الموظفين، وعدم الاكتفاء باستخدام التكنولوجيا، لأن بدون العنصر البشرى المدرب جيداً، لن تستطيع التكنولوجيا وحدها أداء الخدمة بالمستوى المطلوب.
بقلم: هانى أبوالفتوح
خبير مصرفي