محيي حافظ لـ«البورصة»: حرب أكتوبر انتصرت للقطاع الخاص وأعادته بعد إقصاء فى حقبة «ناصر»

«مصر خرجت من حرب 67 منهكة اقتصاديًا، وكان لزامًا على الرئيس أنور السادات بعد انتهاء حرب 73 أن يجد حلولاً سريعة تدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، وكان خياره الوحيد هو إشراك القطاع الخاص فى جميع القطاعات التنموية فى الصناعة والزراعة والإسكان، وهذا ما فعله الرئيس وهذا ما حققه القطاع الخاص»، هكذا وصف الدكتور محيى حافظ نائب رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص بعد حرب أكتوبر المجيدة.

قال «حافظ» إن الرئيس السادات صاحب النهضة الاقتصادية القائمة حاليًا بمدن العاشر من رمضان، والسادس من أكتوبر، والعبور، وإن القطاع الخاص ساهم فى بناء اقتصاد الدولة بعد الحرب التى أضعفته فى 1967.

وأضاف فى حوار مع «البورصة» أن انتصار أكتوبر ساهم فى تحقيق طفرة اقتصادية كبيرة بمدينة العاشر من رمضان وأن المصانع التى تم إنشاؤها ساعدت على خلق مجتمع عمرانى فى المدينة الجديدة.

وتابع: «السياسة الاقتصادية التى انتهجتها مصر فى عهد الرئيس السادات بعد حرب 1973 تسببت فى وجود كيانات اقتصادية كبيرة خلقت ما يسمى بالقطاع الخاص والذى استمر حتى الوقت الحالى، ما كان له تأثير إيجابى مع مرور الوقت على الاقتصاد الكلى للدولة».

واستكمل «القطاع الخاص هو الشريك الرئيسى فى بناء الدولة الحديثة، ولا يمكن إقصائه كما حدث فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذى اعتمد على الاقتصاد المغلق».

وأشار حافظ إلى أن السادات هو أول من أعطى إشارة البدء فى غزو الصحراء فى جميع المحافظات لتعميرها، سواء صناعيًا أو زراعيًا مضيفًا «السادات رجل ألمعى ولا أعتقد أن العرب أنجبت رجلاً مثله على مر التاريخ، فالعاشر من رمضان ومدينة السادس من أكتوبر ومدينة العبور لم توجد إلا بعد انتصار أكتوبر1973».

وقال إن السادات كان صاحب فكرة تعديل بعض القوانين الاقتصادية التى سمحت للقطاع الخاص بالاستيراد والتصدير لتلبية احتياجات الشعب، واستيراد مستلزمات إنتاج المصانع لسد الفجوة الاستهلاكية من جميع المنتجات».

وأضاف: «شهدت فترة ما بين حربى يونيو 1967 وأكتوبر 1973 زيادة مؤثرة فى معدل التضخم العالمى الذى ارتفع من نحو %4.2 عام 1967 إلى %4.4 عام 1968 ثم إلى %5 عام 1969 ثم إلى %6 عام 1970 قبل أن يرتفع إلى %9,4 عام 1973».

وأشار حافظ إلى أنه بعد الاحتفال بانتصارات أكتوبر واستعادة أرض سيناء بسلام، بدأت مرحلة التعمير مع الرئيس السادات، إذ أعطى إشارة البدء لإنشاء مدينة العاشر من رمضان عام 1976 وكان الوزير المتابع لها المهندس حسب الله الكفراوى، وهو الوزير الوحيد الذى عاصر 3 رؤساء جمال عبدالناصر، وأنور السادت، وحسنى مبارك ولولا جهده لم تبن مدينة العاشر.

وتابع «مدينة العاشر من رمضان تم تأسيسها بـ15 مصنعاً صغيراً ومتوسطاً، وأكثر من5 مصانع كبيرة أبرزها النساجون الشرقيون، وإيبكو للأدوية، ومصر للحجاز، وسيراميكا كليوباترا هؤلاء كانوا اللاعيبين الأساسيين التى أسست المدينة ثم توالى من بعدهم باقى المصانع».

واستطرد «هؤلاء المستثمرون بدأوا فى ظروف صعبة.. لا توجد بنية تحتية مثل الرصف والصرف الصحى فكانت المنطقة عبارة عن مدقات جبال غير ممهدة والكهرباء غير منتظمة، فضلاً عن عدم وجود غاز فى ذلك التوقيت وعلى الرغم من ذلك أحدثوا تطورا كبيرا وأصبحوا عمالقة الصناعة ليس فى مصر بل العالم».

وذكر حافظ أنه كمستثمر بدأ العمل فى مدينة العاشر عام 1986، كموظف فى شركة ايبيكو للأدوية ثم أصبح مالكا لعدد من شركات الأدوية من بينها شركة بايونير للصناعات الدوائية».

وأرجع حافظ، دخوله فى مجال الصناعة إلى التسهيلات والمحفزات التى أعقبتإ نشاء المدينة فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وإعفائهم من الضرائب لمدة 10سنوات وهو ما دفع عدداً كبيراً من المستثمرين إلى استثمار الأرباح فى التطوير وتوسيع أنشطتهم.

وقال إن سياسة الإعفاءات الضريبية كانت من أنجح السياسات التى أدت إلى نمو الاقتصاد المصرى بشكل غير مسبوق، خاصة أن المستثمر فى هذه الفترة كان يحقق أرباحاً ويستثمرها فى مشروعات جديدة «فأصبح عنده بدل المصنع 2 و3 و4».

وأشار إلى أن هذا التطور أدى إلى توفير فرص عمل داخل السوق المصرى، وأحدث طفرة فى أعداد السكان بشكل كبير، مستشهدًا بالنساجون الشرقيون والذى وصل عدد العمال فيها إلى 18 ألف عامل.

وقال: «أنا شاهد على تطور المدينة منذ أن كانت صحراء وقمت بإنشاء أول مصنع لى فيها لأن مسقط رأسى محافظة الشرقية والعاشر من رمضان هى الظهير الصحراوى للمدينة».

وأشار إلى أن الصناعة واجهت تحديات كثيرة فى عهد الرئيس السادات، وهى عدم توافر الخدمات مثل التيلفونات، المياه، والكهرباء بشكل منتظم، إلا أن تحمس المستثمرين على الاستثمار والصناعة مع زيادة الطلب وتعطش السوق دفعهم إلى عدم النظر إلى هذه التحديات وبناء الكيانات الحالية لهم.

ذكر أن التمويلات عقب الحرب لم تكن موجودة بصورتها الحالية فكانت صعبة للغاية، بالإضافة إلى أن مفهوم التصدير كان لم ينضج بعد، والسوق كان متعطشاً لعدد كبير من السلع فى ذلك التوقيت.

وأشار إلى أن زيادة أعداد المصانع دفع المستثمرين إلى تأسيس جمعية مستثمرى العاشر فى تسعينيات القرن الماضى على يد 50 مستثمراً وكان أول رئيس جمعية هو المهندس إمام الفندى.

وقدر حافظ عدد أعضاء الجمعية حاليًا بأكثر من 700 عضو، وقال إن المدينة تضم حوالى 4 آلاف مصنع ترتفع إلى 6 آلاف عند حساب الصناعات الصغيرة والمتوسطة.

وأوضح أن الهدف من إنشاء الجمعية هو التواصل مع المسئولين لحل مشاكلات المستثمرين، بالإضافة إلى مناقشة التشريعات القانونية ووضع الملاحظات عليها، لذلك نمت إلى فكر الأعضاء إنشاء كيان مستقل يضم جميع جمعيات المستثمرين فأنشأنا الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين والذى يضم حاليًا 50 جمعية مستثمرين.

وأضاف حافظ أن الحرب لم تنتصر فقط فى إنشاء المصانع بل انتصرت أيضًا فى خلق مجتمع عمرانى داخل مدينة العاشر من رمضان، وتعتبر هذه إحدى أهداف استراتيجية الانفتاح الاقتصادى.

وأشار إلى ان مدينة العاشر من رمضان هى الظهير الصحراوى لمحافظة الشرقية و%80 من العاملين فيها من سكان المحافظة، ويبلغ عدد سكانها حاليًا مليون نسمة فى حين يتراوح عدد العمالة بين 480 و500 ألف عامل.

وتابع «المصانع كانت النواة الأولى لخلق مجتمع عمرانى فى منطقة صحراوية، ومدينة العاشر كانت ستصل إلى ما هى فيه الآن فى فترة زمنية قليلة لكن عدم توفير الحكومة وسائل مواصلات فى المدينة وقت تولى الرئيس حسنى مبارك حكم مصر عطّل تحقيق ذلك.

وأضاف «مع مرور الأيام ثبت العكس.. عدم توفر وسائل المواصلات أدى إلى الهجرة العكسية، لأن المدينة فى هذا التوفيت لم يكن فيها أى شىء لذلك كان كلام الصناع والعاملين أنا هقعد أعمل فيها ايه».

وتبلغ المساحة الكلية لمدينة العاشر من رمضان حوالى 95 ألف فدان، تم استغلال هذه المساحات بنسبة %100 صناعيًا، وإداريا، وتم تقسيم العاشر فى وقت لاحق بالتعاون مع مكتب إنجليزى.

وذكر حافظ أن العاشر من رمضان تضم مدينة معرفية بداخلها خُصّّص فيها فرع لجامعة الزقازيق على مساحة32 فداناً، وجامعة العاشر الخاصة على مساحة 25 فدانا وجارى إنشاؤها حاليًا.

وقال حافظ إن منطقة العاشر من رمضان تطورت بشكل كبير على مدار السنوات الماضية وأن الإصلاحات الاقتصادية التى تنفذها الدولة فى الفترة الحالية إيجابية بنسبة %100.

وأشاد حافظ بالاستقرار التى تشهده مصر فى الفترة الحالية بفضل الجهود التى بذلت على مدار السنوات الماضية من القيادة السياسية، معتبرًا أن الاستقرار هو العامل الرئيسى لجذب أى استثمار فى الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف تأخر أكثر من 10 سنوات، وإذ اتخذت عندما كان سعر الدولار5.5 جنيه، كان التأثير الناتج هينخفض لأقل من ذلك بكثير، لكن تم أخذ القرار والدولار بـ 8.8 جنيه.

وذكر أن أبرز إيجابيات هذا القرار تكمن فى توحيد سعر الصرف وهذا ما أدى إلى طمأنة المستثمر الأجنبى أكثر من ذى قبل، خاصة أن الدولار كان له سعران لكن حاليًا يستطيع المسثتمر أن يعمل بكل طمأنينه.

وذكر حافظ أن قرار البنك المركزى بخفض سعر الفائدة هو الحل الوحيد فى الوقت الحالى، نظرًا لأن سعر الفائدة وصل إلى حاجز الـ %20، ما أدى إلى «ضرب المستثمرين كتف» للصناعة المصرية ولجأت إلى ادخار أموالها فى البنوك فكان لزامًا عليها تحريك المياة الراكدة.

وقال نائب رئيس الجمعية، إن تعديل قانون الاستثمار خلال الفترة الماضية، انعكس إيجابيًا على الصناعة، لعدد من الأسباب من بينها توقف شكاوى المستثمرين بالإضافة إلى طمأنة المستثمرين الأجانب بأن مصر تسعى إلى منح مزيد من الحوافز وحل الاشتباكات فى القوانين المنظمة للاستثمار.

وأضاف حافظ، أن أكثر الأمور التى تجعل المستثمر مطمئن على أمواله فى أى دولة هى ثبات القوانين لفترة زمنية طويلة خاصة الضرائب والذى من خلالها يستطيع أن يحسب أرباحه حلال تلك الفترة، مشيرا إلى أن المغالاة فى الضرائب من الأمور التعجيزية لأى مستثمر محلى أو جنبى.

وأشار حافظ إلى أن الحل الوحيد لنهضة أى دولة هو تعزيز مواردها الاقتصادية سواء كانت زراعية أو صناعية، لافتا إلى أن عصر الدول النامية قارب على الانتهاء وأن الصناعة أصبحت هى شغل أغلب الدول فى الفترة الحالية لأنها تسهم بشكل كبير فى عدم تفشى ظاهرة البطالة.

وتابع: «على القائمين على الصناعة فى مصر الرجوع بخطوة إلى الوراء ودراسة جميع القوانين التى تتحكم فى العملية الصناعية لتعديلها وفق ما يشجع الصناعة والاستثمار فى مصر».

واستطرد» «مصر ستظل دولة قائدة ومعلمة للدول التى تتربع على عرش الاقتصاد العالمى حاليًا، فهى تمرض أحيانًا لكنها لن تموت، وسترجع إلى عرشها كما كانت سابقًا».