فى عام 1973، عبرنا خط بارليف المنيع بالعمل والتخطيط والاتحاد والعزيمة والإصرار لتحرير أرضنا التى خسرناها قبلها بـ6 سنوات.
عبرنا بالسعى ورزقنا الله النصر. وباتفاقية كامب ديفيد ومفاوضات طابا عادت أرضنا كاملة.
الأن نحن أمام عبور جديد نحتاجه.
ففى الـ60 عاما الماضية، خسرنا المعركة الاقتصادية.
كنا نفس حجم اقتصاد كوريا الجنوبية. أصبح الناتج المحلى الإجمالى لكوريا GDP 1500 مليار دولار بينما مصر 250 مليار دولار. أى 6 أضعاف مصر لدولة عدد سكانها 50 مليون نسمة (بينما تعدينا الـ100 مليون).
لماذا حدث ذلك؟ لـ3 أسباب: الإدارة، الصناعة والصادرات.
ضحينا بالإدارة القوية ونظم العمل الحديثة فى مقابل البيروقراطية واتهام الشعب والموظفين بالكسل وعدم إرادة العمل بينما نفس أبناء ذلك الشعب نجحوا فى معظم بلاد العالم.
ولم نركز على الصناعة وبالأخص الصناعة التصديرية. فأصبحت صادرات كوريا قرب الـ600 مليار دولار (حسب أرقام منظمة التجارة العالمية WTO لعام 2018) بينما لا تتعدى مصر الـ30 مليار دولار (20 ضعفا).
العمل والتخطيط والاتحاد والعزيمة والإصرار هى الأسباب لنجاح كوريا وهى نفس الأسباب لنجاح جيش مصر فى عام 1973.
نفس الشىء يتقرر فى فيتنام هذه الأيام.
ففيتنام (95 مليون نسمة) يتم بها الآن أكبر معجزة ونجاح اقتصادى.
كانت صادراتها 13 مليار دولار عام 2001. أصبحت الآن 290 مليار دولار (حسب بيانات منظمة التجارة العالمية)، ولسه.
ستتعدى كوريا فى القريب. أنا زرت فيتنام منذ بضع سنوات وزرت العديد من المناطق الصناعية. كان عندها 299 منطقة صناعية بها مرافق ويمكنك إيجار المبنى جاهز بكل مرافقه.
ستنجح فيتنام بالإدارة والصناعة والصادرات.
نفس الشىء فى الصين بلد الـ1400 مليون نسمة. سعى دنج شياو بنج لبناء دولة حديثة.
وضع هدف أن يتضاعف اقتصاده 4 أضعاف من 1978 إلى 1998. فكر الأول أن يعتمد على الزراعة ولكنه سرعان ماوجد أن الصناعة والصادرات هى التى ممكن أن تحقق الهدف. جذب أحسن الكفاءات وقال جملته الشهيرة عام 1992 “أن تكون غنيا فهذا شىء مجيد to be rich is glorious” و”الدولة عليها فى توسيع حجم السوق.
ومن الطبيعى أن ينجح مجموعة مننا الأول ويصبحوا أثرياء ولكن على الدولة فى إعادة توزيع هذه الثروة بطريقة عادلة للجميع”. لاحظ جملة بطريقة عادلة للجميع (لمن نجح وأصبح غنى ولبقية الناس).
مات دنج عام 1997 ولكن نجح المارد الصينى وتصدر الآن دول العالم صناعيا وحسب حجم الصادرات (2400 مليار دولار بينما أمريكا 1600 مليار دولار حجم صادرات عام 2018 حسب منظمة التجارة).
مصر حجم اقتصادها عام 2010 كان 220 مليار دولار ولم ينم إلا قليلا فى الـ9 سنوات الماضية.
خسرنا الكثير منذ ثورة 2011 وضيعنا الوقت.
ولم نضع الخطة الصحيحة بعد ذلك لتنمية اقتصادنا.
فالخطة الصحيحة هى التى تعتمد على الصناعة والصادرات والإدارة القوية فى الـ11430 وظيفة إدارية بالدولة (مجموع عدد وكلاء الوزارة والمديرعام بالحكومة)، فالوزير لا ينجح وحده ونفس الشىء فمحمد صلاح لاعبنا فى ليفربول لا يستطيع تحقيق النجاح وحده ولكنه يحتاج كل الكفاءات معه.
ماذا تحتاج مصر الآن لكى تحقق العبور الاقتصادى ونلحق بكوريا ولو بعد 30 عاما من الآن؟
نحتاج خطة تفصيلية تعتمد على الصناعة والصادرات ونحتاج أحسن الكفاءات المصرية لتنفيذ تلك الخطة.
من عليه وضع هذه الخطة؟ هذا دور وزارة التخطيط ولكنها لكى تنجح فى عملها لابد أن تكون تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة لأنه صاحب القرار وهو الذى يحدد إذا كنا نريد التركيز على البنية التحتية أم الصناعة أم العقارات أم غير ذلك.
هل الشعب المصرى كسلان؟ الإجابة: لا. الإدارة هى التى تضع الخطة والشعب المصرى ينفذ وقد نفذ ونجح فى 1973.
هل عدد الـ104 ملايين عائق للتنمية؟ لا. فالصين نجحت وفيتنام تحقق معجزة الآن.
دعنا ندعى جميعا أن نعبر اقتصاديا كما عبرنا عام 1973.
ولكن الدعاء وحده لا يكفى. فالنجاح يحتاج إلى التخطيط والاتحاد والعزيمة والإصرار والعمل.
بدون خطة تفصيلية لتنمية صادرات مصر من 29 مليار دولار إلى على الأقل 150 مليار دولار، لن نعبر خط بارليف الاقتصادى.
بقلم: على والى
خبير استثمار وإدارة أعمال