من المؤكد، أن خروج بريطانيا من الاتحاد اﻷوروبى دون صفقة انتقالية، سيقوض نمو الاقتصاد العالمى الهش بالفعل، وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن استفتاء 2016 أصاب اﻷسواق العالمية بصدمة ثقة فورية تلاشت سريعاً، ولكن سيناريو الخروج دون صفقة كفيل تماماً بإلحاق الضرر بالمملكة المتحدة، إذ تتوقع مؤسسة «بلومبرج إيكونوميكس» أن يدفع هذا اﻷمر الاقتصاد نحو الركود.
وطرحت «بلومبرج» سؤالاً حول مقدار الألم الذى سيشهده العالم نتيجة الخروج، فى وقت تسببت فيه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بالفعل فى إغراق الصناعات العالمية فى حالة ركود.
وأوضحت أن منطقة اليورو ستكون ثانى أكبر ضحية للخروج دون صفقة، ويعتقد البنك المركزى الأوروبى أن المنطقة ستشهد ضربة اقتصادية تعادل بين %10 و %30 مما تعانيه المملكة المتحدة، وربما يكون هذا هو الفرق بين التباطؤ والركود المباشر.
وأوضح رئيس الوزراء الإيطالى السابق ماريو مونتى، فى حوار أجراه مع تليفزيون «بلومبرج» هذا الأسبوع، أن عواقب خروج بريطانيا دون صفقة ستكون شديدة للغاية بالنسبة للمملكة المتحدة وكل دولة من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى أيضاً، وبالنسبة لبقية دول العالم، كتب نورييل روبينى أستاذ الاقتصاد فى جامعة نيويورك، هذا الأسبوع، أن الخروج قد لا يتسبب فى حد ذاته فى ركود عالمى، ولكنه سيؤدى بالتأكيد إلى ركود أوروبى، سيمتد بعد ذلك إلى الاقتصادات الأخرى.
وأوضح صانع السياسة فى البنك المركزى الأوروبى، أولى رين، الشهر الماضى، أن الخروج دون صفقة سيكون تأثيره متفاوتا فى أوروبا، وستعانى أيرلندا أكثر من غيرها، ومن ثم الدول التى تصدر بشكل كبير إلى المملكة المتحدة.
وفى الوقت نفسه، يمكن أن يكون خروج بريطانيا دون صفقة بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير بالنسبة للمعنويات الاقتصادية العالمية، التى واجهت من قبل أشهر من التوترات التجارية وعدم اليقين السياسى، مما قد يعتبر بداية لدوامة هبوطية فى اﻷسواق.
وأوضح أحدث تقييم أجراه البنك المركزى البريطانى، أن الخروج دون صفقة سيحدث انخفاضاً فى الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، من الذروة إلى الحضيض، مما يظهر حجم الضرر الذى يمكن أن يلحق بالبلاد، وتخطط المملكة المتحدة حالياً، لمغادرة الاتحاد اﻷوروبى نهاية أكتوبر الحالى، ووعد رئيس الوزراء بوريس جونسون بالالتزام بهذا الموعد سواء كان الخروج بصفقة أو بدون.
وحذر رئيس مجلس إدارة بنك «سوسيتيه جنرال»، من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى من شأنه أن يغرق العالم فى الركود، وسيشكل ذلك كارثة على النظام المالى.
وقال لورنزو بينى سماغى، أثناء كلمته فى مؤتمر «بلومبرج إنفست» فى لندن: «أعتقد أن عدم اليقين هذا سيخلق تأثيراً كبيراً على معنويات رواد الأعمال فى جميع أنحاء العالم، وسيتوقف الاستهلاك ويتجمد الاستثمار ويمكن أن تنزلق البلاد فى حالة من الركود».
وقال سماغى: «بالنسبة للقطاع المالى فهذه مخاطرة كبيرة، لأنه إذا لم يكن لدينا استمرارية، فإن النظام المالى سيكون كارثة».
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن سماغى، ليس أول من يحذر من الصدمات الاقتصادية الشديدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وقالت شركة «كى بى إم جى» للمحاسبة فى تقرير الشهر الماضى، إن هذا السيناريو سيؤدى إلى ركود فى المملكة المتحدة لمدة عام مع تقلص الإنتاج بنسبة %1.5 العام المقبل، وقارن سماغى، الاضطراب المحتمل مع تأثير انهيار ليمان براذرز، فى عام 2008، وقال: «رأينا فى الماضى عندما تكون هناك شكوك، فإن هذه الاضطرابات المالية تتحول إلى صدمات اقتصادية حقيقية».