تسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج بمصانع الطوب فى منطقة عرب أبوساعد، فى انخفاض مبيعات المصانع ومن ثم تقليل الطاقات الإنتاجية فضلًا عن إغلاق مصانع أخرى.
وأرجع مستثمرون بالمنطقة، الركود إلى زيادة الإقبال على الطوب الأسمنتى مقابل الطفلى من قبل شركات المقاولات الكبرى.
وطالبت المصانع، الحكومة بخفض سعر الغاز أسوة بمصانع الحديد والسيراميك والنحاس والألومنيوم، والتدخل لحل مشكلة تراكم مديونيات المصانع لدى شركة الغاز.
وقال خالد أبوغريب، رئيس شركة العمار لإنتاج الطوب الطفلى، إن القطاع يواجه العديد من التحديات، نتيجة تحرير سعر الصرف فى 2016 وخفض دعم الطاقة.
أضاف أن صناعة الطوب مرتبطة بالأحوال الاقتصادية للمستهلكين.. لذلك تنتعش حال انخفاض أسعار مستلزمات المعيشة مثل المأكل والملبس.
وحال ارتفاع أسعار الأخيرة، يضطر المواطنون إلى وقف أعمال البناء لحين تغير الأوضاع.
وطالب أبوغريب، الحكومة بالتدخل لحل مشكلة تراكم مديونيات المصانع لدى شركات الغاز الطبيعى من خلال تقسيطها، إذ تتطلع المصانع إلى إيجاد حلول للعمل بكامل طاقتها الإنتاجية خلال المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن الصناع فى حاجة إلى إعفاءات ضريبية، بجانب دعم مستلزمات الإنتاج مثل الغاز الذى ارتفع سعره بشكل كبير نتيجة رفع الدعم عن الطاقة وتحرير سعر الصرف.
أبوغريب: نحتاج إعفاءت ضريبية ودعم مستلزمات الإنتاج لإنقاذ المصانع
أوضح أن الغرض من الدعم ليس تحقيق مزيد من الأرباح.. بل للحد من ظاهرة إغلاق المصانع التى انتشرت السنوات الماضية، والحفاظ على العمالة التى يقارب عددها 40 ألف عامل.
وتابع: «عدد كبير من مصانع عرب أبو ساعد، أغلقت خلال السنوات الأربع الماضية لعدم قدرتها على تحمل الزيادات التى طرأت على تكاليف الإنتاج بشكل عام».
وطالب أبوغريب، وزارة التجارة والصناعة، بوضع استراتيجية جديدة للنهوض بصناعة الطوب، وحث شركات المقاولات العاملة فى المشروعات القومية على فتح باب التوريدات لمصانع الطوب بعرب أبو ساعد للعودة إلى العمل مرة أخرى بدلًا من التوقف.
وقال أحمد سلامة، مدير مصنع بنى سويف للطوب الطفلى، إن الصناعة أصبحت غير قادرة على الصمود أمام زيادة التكلفة، فمثلا ارتفعت أسعار الطاقة التى تمثل %40 من التكلفة بنسبة %60، مما أدى إلى تعثر المصنع وبالتالى إغلاقه.
أضاف أن سعر الألف قالب مقاس (25×12×13) يتراوح بين 1900 إلى 2000 جنيه مقابل نحو 1500 جنيه فى عام 2016، قبل زيادة أسعار المواد البترولية، وارتفاع أسعار النقل والطفلة وباقى مدخلات الإنتاج.
أوضح أن سعر متر الطفلة ارتفع من 3.5 جنيه إلى ما بين 15 و20 جنيه خلال 3 سنوات بالتزامن مع تراجع الطلب على الطوب، فى ظل ارتفاع تكلفة البناء، وبالتالى انخفضت الطاقات الإنتاجية للمصانع.
وأشار إلى أن صناعة الطوب الطفلى مازالت تعمل بالطرق التقليدية باستثناء مصنعين فقط، مؤكدًا أهمية تحديث تلك الصناعة والعمل بالتكنولوجيا الحديثة، خصوصا أن جودة المنتج مازالت دون المستوى المطلوب.
وتابع: «ارتفاع التكلفة الاستثمارية للتحول إلى التصنيع الآلى أكبر تحدى أمام التطوير، لعدم توافر السيولة النقدية للتحول بالتزامن مع الخسائر المتتالية، فضلا عن التخوف من المخاطرة وعدم وضوح الجدوى الاقتصادية من التحول، إذ يحتاج المصنع إلى نحو 100 مليون جنيه لتحويله للعمل بخطوط إنتاج حديثة».
سلامة: 100 مليون جنيه تكلفة تحويل مصنع تقليدي إلى متطور
وقال كمال لويس، رئيس مجلس إدارة شركة لويس زكى للطوب الأسمنتى، إن القطاع يعانى من ركود المبيعات، فى ظل تضاعف تكلفة التصنيع منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، إذ تتمثل مدخلات الإنتاج فى الأسمنت والعمالة والخامات المحجرية.
أضاف أن الشركة تعمل بنحو %25 من طاقتها الإنتاجية، فى حين يبلغ سعر الألف طوبة مقاس مصمت (6×12×25) الأكثر تداولا نحو 700 جنيه مقابل 450 جنيها قبل 3 سنوات.
وأوضح لويس أن صناعة الطوب الأسمنتى، تعتمد بشكل أساسى على الكهرباء التى تستحوذ على نحو %12 من تكلفة الإنتاج.
وأشار إلى أهمية تشديد الرقابة على المصانع غير المرخصة، لأنها تنافس المصانع الرسمية فى التوريد للمشروعات الكبرى، إذ لا تتحمل أى التزامات سواء ضرائب أو تأمينات وغيرها فى الوقت الذى تقتنص فيه حصة كبيرة من السوق.
لويس: ارتفاع التكاليف سبب رئيسي لتراجع المبيعات بالسوق
وقال صلاح أبوغريب، رئيس جمعية مصانع الطوب الطفلى فى منطقة عرب أبوساعد، إن إجمالى مديونيات مصانع عرب أبوساعد لدى وزارة البترول ممثلة فى شركات الغاز، تبلغ نحو 500 مليون جنيه، بسبب تراكمها واحتساب فوائد عليها بنسبة %2 بالإضافة إلى %16 مصاريف إدارية.
وأضاف أن 281 مصنعًا فى منطقة عرب أبو ساعد تعمل فى الغاز الطبيعى، منها 50 مصنعا فقط تعمل بطاقة إنتاجية لا تتجاوز %50، فى حين يعمل 70 مصنعًا بالمازوت.
وطالب أبوغريب، بتدخل الحكومة لإنقاذ مصانع المنطقة، إذ يتم تسريح العمالة ولم يتبق سوى عدد قليل منهم فى المصانع المنتجة، بعد أن كان يعمل فى كل مصنع حوالى 200 فرد لم يجد معظمهم حاليًا مصادر دخل أخرى.
وذكر أن المصانع تقدمت بمذكرات بأوضاعها الحالية إلى مجلس الوزراء ووزارتى البترول والتجارة والصناعة واتحاد الصناعات، لإيجاد حلول.. لكن دون جدوى.
وأشار إلى أن ارتفاع سعر الطوب الطفلى هو السبب فى تراجع الطلب عليه، واللجوء إلى الطوب الأسمنتى، إلا أن الطوب الطفلى أفضل لخفة وزنه.
وقال أحمد البطا، شريك فى مصنع البطا للطوب الطفلى، إن تكلفة الإنتاج هى السبب الرئيسى فى ارتفاع سعر المنتج النهائى، مما صعّب مهمة المنافسة أمام الطوب الأسمنتى.
وأضاف أن ركود المبيعات، يعود إلى تراجع عمليات البناء لدى الأفراد، متابعا : «كنا نعتمد على الأهالى كزبون رئيسى، وحينما توقفوا نسبيًا عن البناء، توقف السوق فى ظل عدم اعتماد شركات المقاولات على منتجنا».
أوضح البطا، أن الطوب الأسمنتى غير عملى مع الأبراج العالية.. فإذا اعتمد المقاول على الطوب الأسمنتى فى الأدوار الثلاثة الأولى، يجب أن يستكمل المبنى بطوب طفلى.
وقال مسعد الشاذلى، مدير عام الجمعية التعاونية الإنتاجية لتصنيع مواد البناء بمحافظة الجيزة، إن الوقود يمثل %80 من تكلفة إنتاج الطوب الطفلى، سواء استخدم المصنع غاز طبيعى أو مازوت. وارتفاع أسعار الطاقة السنوات الماضية رفع بدوره السعر النهائى للمنتج.
أضاف أن أرتفاع الأسعار لم ينل من الطاقة فقط، ولكن امتد ليشمل مكوّنات الإنتاج مثل الطفلة والرمال ورسوم الطرق أو «الكارتة»، بجانب الضريبة العقارية.
وكل ذلك جاء بالتزامن مع تشديد الحكومة على أعمال البناء المخالف، سواء على الأراضى الزراعية أو الأدوار العلوية فى بعض المناطق السكنية، ما «ضرب القطاع فى مقتل».
وطالب الشاذلى، الحكومة بالتصدى لشركات المقاولات الكبرى التى تنتج الطوب الأسمنتى من خلال خطوط إنتاج فى مواقع مشروعاتها، مما يضر بأصحاب المصانع، إذ لا يتكلفون سوى سعر الخامة. أما مصانع الطوب فتتكلف ضرائب وأجور عمالة وتأمينات وغير ذلك.
وأشار إلى أن %80 من مصانع الطوب الطفلى فى محافظة الجيزة لا تعمل حاليا.
ويبلغ عدد مصانع الطوب فى الجيزة نحو 1000 مصنع، يقع 350 منها فى منطقة عرب أبوساعد، و350 مصنعا فى منطقة الصف، والباقى فى مناطق متفرقة. ويعمل منها بشكل فعلى نحو 200 مصنع، وليس بكامل طاقتهم الإنتاجية.
الشاذلي: الطاقة تمثل 80% من التكلفة.. ويجب خفض سعر الغاز
وطالب مدير عام الجمعية التعاونية الإنتاجية لتصنيع مواد البناء بمحافظة الجيزة، الحكومة بخفض أسعار الطاقة لمصانع الطوب أسوة بمصانع الأسمنت والحديد والسيراميك، إذ تحصل مصانع الطوب عليه بسعر 5 دولارات للمليون وحدة حرارية.
وخفضت الحكومة أسعار الغاز المورد لمصانع الحديد والصلب والألومنيوم والنحاس والسيراميك والبورسلين، بداية أكتوبر الحالى، بنسبة %27 لتصبح 5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بدلا من 7 دولارات، علاوة على تقليل أسعار الغاز المورد لمصانع الأسمنت ليصل إلى 6 دولارات مقابل 7 دولارات لكل مليون وحدة.
وقررت الحكومة إجراء مراجعة لهذه الأسعار كل 6 أشهر، فى ضوء تغيرات الأسعار العالمية والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية بمعرفة اللجنة الوزارية المختصة.
ولفت إلى أن المصانع اضطرت إلى تسريح عمالتها، ولم يستطع معظم العمال المسرحين، الحصول على فرص عمل أخرى، فى ظل ارتفاع أعمارهم وصعوبة البحث عن مهن بديلة.
وقال إبراهيم فؤاد، شريك بشركة المنارة لإنتاج الطوب الطفلى، إن المصنع يعمل بنحو %50 من طاقته الإنتاجية لصعوبة تحمل الزيادات السعرية التى طرأت على مكوّنات الإنتاج منذ 3 أعوام.
وأضاف أن الركود والزيادة فى التكاليف مع تراجع الطلب فى السوق المحلى من جانب الأهالى، دفع الشركة إلى إغلاق مصنعين على مساحة 26 ألف متر مربع فى المنطقة الصناعية بعرب أبوساعد، وتسريح عدد كبير من العمالة لحين تغير الأوضاع، إذ كانت الشركة تمتلك 3 مصانع يعمل واحد منها فقط حاليًا.
ويورد المصنع إنتاجه لشركات مقاولات فى العاصمة الإدارية الجديدة، إلا أن تأخر الشركات فى دفع ما عليها من مديونيات، دفع المصنع لخفض طاقته الإنتاجية لحين توافر السيولة اللازمة.
فؤاد: شركة “المنارة” أغلقت مصنعين والثالث يعمل بنصف طاقته
وأشار إلى أن أحد أسباب الركود بالقطاع، يعود إلى اعتماد الشركات العاملة فى المشروعات الكبرى بمدن الإسكان الاجتماعى والعلمين الجديدة والعاصمة الإدارية على الطوب الأسمنتى، بجانب تشغيلها خطوط إنتاج فى المواقع.
أضاف أن الشركة تكبدت خسائر كبيرة منذ إغلاق المصنعين، تمثلت فى تهالك معدات الإنتاج بجانب دفع نحو 20 ألف جنيه شهريًا لبعض البنود من ضمنها الحراسة على المصنع لتفادى سرقة المعدات.
وتابع: «مستمرون فى الإنتاج للحفاظ على العمالة، وعلى أمل أن تتغير الأوضاع فى المستقبل وتستطيع المصانع العمل بكامل طاقتها الإنتاجية».
