يشهد سوق السيارات المحلى، منذ مطلع العام الحالى، العديد من المتغيرات التى أثرت بشكل كبير على خارطة المبيعات، خصوصاً العلامات الصينية.
ولعل أبرز العوامل التى شكلت تهديداً كبيراً للعلامات الصينية فى السوق المحلى، هو تطبيق الشريحة الأخيرة من الخفض الجمركى على واردات السيارات، طبقاً لاتفاقية الشراكة الأوروبية، مطلع العام الحالى، بالإضافة إلى ترقب السوق لتطبيق اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا مع بداية 2020.
وتتمتع الطرازات الأوروبية، حالياً، بإعفاء جمركى كامل، لتقترب من أسعار السيارات الصينية الأرخص فى السوق، والتى كانت تسيطر على شريحة كبيرة من المستهلكين الباحثين عن سيارات بتكلفة قليلة، وهو ما سيحدث مع السيارات التركية قريباً، لتعيد التخفيضات الجمركية رسم ملامح سوق السيارات.
قال خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات فى مصر، مدير عام بريليانس الصينية، إنَّ سوق السيارات الصينى واجه العديد من الصعوبات منذ بداية العام الحالى، خصوصاً بعد إلغاء الجمارك، إذ توقع بعض العملاء أن الانخفاض سيطال قيمة السيارة نفسها، لكن حقيقة الأمر تختلف تماماً؛ لأن الإعفاء الجمركى يقتصر على جمرك السيارة فقط، ما أدى إلى حدوث حالة كبيرة من العشوائية والتذبذب فى السوق، انعكست بدورها فى ظهور بعض حملات المقاطعة التى أثرت على بعض المستهلكين وأجلت اتخاذهم قرار الشراء.
أضاف أن سوق السيارات يعانى منافسة غير عادلة بين شركات السيارات الأوروبية والشركات الأخرى، سواء الصينية أو اليابانية أو الكورية أو حتى الأمريكية، خصوصاً بعد تطبيق قرار إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية وإلغاء الجمارك على السيارات التركية، مؤكداً أن السيارات الأوروبية حققت مبيعات هذا العام بزيادة %20 على العام السابق 2018، وذلك على حساب السيارات الصينية وغيرها من العلامات.
وشدد «سعد»، على أن الإعفاءات الجمركية لن تؤثر بالسلب على السيارات الصينية فقط، وإنما تمتد آثارها السلبية لتصل إلى صناعة وتجميع السيارات، لذلك يجب توفير جميع سبل الدعم لتلك الصناعة، من خلال إزالة جميع التحديات التى تواجه المصنعين والتى تشتمل وجود الحافز الجمركى لمكونات السيارات المحلية، مقارنة بالسيارات الأوروبية، بجانب العمل على زيادة الاستثمارات داخل الدولة، حتى يتسنى للمستثمرين إقامة صناعة كاملة، وهو ما يتطلب سوقاً قوياً، خصوصاً أن الإمكانيات الحالية غير كافية.. لذلك لا بد من التوجه للاستثمار فى الأسواق الأفريقية والشرق الأوسط لتصدير السيارات، وهو ما سيحد من أزمة العملات الأجنبية واحتياج مصر لها، كما سيدعم الصناعة المحلية بصورة أشمل.
«سعد»: الإعفاءات الجمركية تعيد رسم خارطة المبيعات
وأضاف «سعد»، أن المُصنع الصينى يهتم بالسيارات الكهربائية والتى باتت تحظى باهتمام العالم بأسره؛ لأن البطارية تمثل %60 من تكلفة السيارة، ما يجعلها أكثر سهولة فى التصنيع، ويمكن جذب شركات كبرى عالمية للتصنيع داخل مصر، ومع تزايد المنافسة السعرية من السيارات الأوروبية والتركية المنشأ.
أكد «سعد»، وجود محاولات مستمرة مع الشركات الأم فى الصين للحصول على تخفيضات جاذبة للمستهلكين، أو تقديم هذه الشركات العديد من التسهيلات البيعية للعميل، وتقديم عروض على قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع؛ حتى تتمكن السيارات الصينية من الحفاظ على عنصر المفاضلة لديها.
ولفت «سعد»، إلى أن انخفاض سعر اليوان الصينى لم يؤثر بشكل كبير على انخفاض سعر السيارات فى مصر؛ نظراً إلى ارتفاع سعر الدولار عالمياً، وهو العملة الرئيسية لاستيراد مكونات السيارات فى الصين، ومن ثم فإن تراجع اليوان لن يشعُر به المستهلك.
من جانبه، أكد أحمد أنور، مدير تسويق، شركة ناشيونال موتورز، وكلاء سيارات جلورى DFSK فى مصر، أن مبيعات السيارات الصينية مرت بـ4 مراحل منذ بداية العام، بدأت بتراجع عنيف خلال الربع الأول (يناير ـ مارس)؛ نظراً إلى ترقب المستهلكين آثار الخفض الجمركى أو ما يسمى «زيرو جمارك»، وذلك على أمل انهيار أسعار السيارات.
ومع بداية الربع الثانى فى أبريل، بدأت المبيعات تتحسن تدريجياً؛ نظراً إلى استيعاب المستهلك حقيقة الأسعار التى يقدمها الوكيل.
ومع بداية الربع الثالث فى يوليو، وحتى الآن بدأت السيارات تأخد سعرها المناسب فى السوق، وبدأت المبيعات فى التعافى مجدداً، وكان أبرزها مبيعات الشركات التى استطاعت استيراد السيارات موديلات 2020، ما يشير إلى أن مبيعات الربع الحالى من العام (أكتوبر ـ ديسمبر) قد تشهد تحسناً ملحوظاً.
أكد «أنور»، أن أسعار السيارات الأوروبية لم تتقارب بشكل كبير من السيارات الصينية، فما نراه الآن من تقارب ليس إلا تخفيضات لتحريك مبيعات السيارات للتخلص من المخزون 2019 وليس السعر الأساسى للسيارة، مؤكداً أن الوكيل له دور فاعل فى تلبية مطالب العملاء، وأهمها توفير مراكز الخدمة والاهتمام بخدمات ما بعد البيع، إضافة إلى تقديم قطع الغيار دون عناء وبأسعار مناسبة.
«أنور»: «ناشيونال موتورز» تدرس تجميع سيارات «جلورى DFSK» فى مصر
واستطرد مدير تسويق، شركة ناشيونال موتورز، قائلاً إنه كان من الممكن أن تلجأ بعض الشركات لاستيراد دفعات متنوعة من السيارات الصينية دون الشركة الأم أو ما يعرف بـ«السوق الرمادى» لتحقيق مكاسب سريعة، دون النظر إلى مصلحة العميل، أو توفير قطع غيار لهذه السيارات أو الاهتمام بخدمة ما بعد البيع.. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة، لكن خلال السنوات الخمس الأخيرة، تطورت صناعة السيارات الصينية بشكل لافت للانتباه، وأصبحت شركات السيارات الصينية تضع فى اعتبارها مجموعة من الشروط يجب أن تتوافر فى الوكيل قبل منحه وكالتها، وفى مقدمتها مراكز الخدمة، وأماكن التوزيع، وتاريخ الوكيل.
وأضاف أن هناك العديد من الشركات الصينية الأم، بدأت الخروج من السوق المصرى لعدم قدرتها على المنافسة ومواكبة التطورات فيه، فى ظل تزايد وعى العملاء، موضحاً أنه كلما كانت الشركة الأم أكثر قوة ودعماً لوكالتها فى مصر، استطاعت المنافسة.
وأكد دعم الشركات الأم لوكلائها فى مصر، لكنها لن تتحمل وحدها التخفيضات التى تكون على السيارات.
ولفت إلى أن شركات السيارات الصينية تخطط، خلال الفترة القادمة، للتصنيع فى الدول التى تحظى بإعفاء جمركى على السيارات، مثل المغرب ومصر وتركيا، وعدد من الدول الأوروبية، وهو ما سينعكس على أسعار السيارات الصينية فى مصر، مؤكداً أن شركة DFSK تدرس، حالياً، تجميع بعض طرازاتها ومنها سيارة E3 الكهربائية.
من جهته، أكد مصدر مسئول فى إحدى وكالات الصينية، أن السيارات الأوروبية استطاعت أن تستحوذ على حصة سوقية كبيرة، وزاد الإقبال عليها، على حساب العلامات الصينية.
وأكد أن الشركات الصينية تسعى لتقديم تخفيضات على السيارات، بالإضافة إلى خدمات ما بعد البيع والخدمات المتكاملة لإرضاء العميل، مؤكداً أن الشركة الأم لا تتدخل فى تخفيض أسعار السيارات.. بل الوكيل هو المتحكم الوحيد.
وتوقع المصدر الذى رفض نشر اسمه، أن يشهد 2020 طفرة كبيرة فى عمليات تجميع السيارات فى مصر، خصوصاً بعد انتشار مراكز تدريب العمالة، وهو ما يُعد عنصر جذب للاستثمارات الصينية، الأمر الذى قد يعيد مبيعات السيارات الصينية إلى ما كانت عليه.
وأكد كمال نجيب، مدير امتياز سيارات شيرى، أن السيارات الصينية فى مصر تعانى صعوبة المنافسة مع السيارات الأوروبية التى تتمتع بالإعفاء الجمركى الكامل، والسيارات تركية المنشأ التى ستحصل على نفس الامتياز بداية من العام المقبل.
وأوضح أن الحل الأمثل لمحاولة الدخول فى ماراثون المنافسة الشرسة مع سيارات ذات جودة عالية وأسعار تنافسية نتيجة الإعفاءات الجمركية هو «التجميع المحلى»، لذا قررت مجموعة شيرى أن تتجه للتجميع المحلى لبعض طرازاتها منها «شيرى أريزو 5»، و«شيرى تيجو 3»؛ نظراً إلى أن مكونات التجميع المحلى يطبق عليها رسوم جمركية تتراوح بين %4 و%6، وهو ما يسمح بطرح طرازات شيرى بأسعار مناسبة والصمود أمام الأوروبى وغيرها من السيارات المعفاة من الجمارك.
«نجيب»: التجميع المحلى الحل الأمثل لمنافسة سيارت «زيرو جمارك»
وأشار «نجيب»، إلى أن نسبة المكون المحلى داخل السيارة الجديدة «شيرى تيجو 3» وصلت إلى %48 متمثلة فى الفرش الداخلى للسيارة وبعض الأجزاء الأخرى، ما يعزز من الصناعة الوطنية، مضيفاً أن الشركة تستهدف الوصول إلى إنتاج 4000 سيارة مجمعة محلياً سنوياً من طراز «تيجو 3» العام المقبل.
وعن طرازات شيرى الكهربائية، لفت مدير امتياز سيارات «شيرى»، إلى أن ما يعرقل طرح طرازات كهربائية فى السوق المصرى هو ارتفاع ثمنها مقارنة بمثيلاتها التى تسير بالبنزين، مشيراً إلى المفاوضات الجارية مع الشركة الأم، والتى ترمى لإمكانية طرح الطرازات الكهربائية بأسعار منخفضة ليتسنى انتشارها بالسوق المحلى.
كتبت- يارا الجناينى وزمزم مصطفى