ينتظر قطاع الثروة المعدنية إقرار مجلس الوزراء للائحة التنفيذية للقانون المنظم لعمل السوق خلال شهر نوفمبر المقبل، والذى يهدف إلى تحويل مصر لدولة جاذبة للاستثمار فى مجال التعدين، ويستهدف قانون الثروة المعدنية الجديد تجاوز عيوب القانون السابق وجذب استثمارات أجنبية للقطاع الذى يعانى من غياب المستثمرين الخارجيين.
“البورصة” حاورت الدكتور تامر أبوبكر، رئيس غرفة البترول التعدين باتحاد الصناعات ورئيس شركة “كويل إنيرجى” للحديث عن اللائحة التنفيذية المرتقبة لقانون الثروة المعدنية والتحديات التى تواجه القطاع ورؤية المستثمرين للفرص المتاحة فى السوق المصرى خلال الفترة المقبلة.
وقال أبوبكر، إن العمل بالنشاط التعدينى فى مصر لم تتضح رؤيته بعد، انتظاراً لصدور اللائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية والتى ستعرضها وزارة البترول على مجلس الوزراء خلال شهر نوفمبر المقبل، تمهيداً للتصديق عليها وبدء العمل بها.
أضاف أن وزارة البترول واللجنة الاستشارية تعقدان اجتماعات دورية للانتهاء من مراجعة التعديلات المقترحة على اللائحة بالتعاون مع شركة “إنبى للبترول” والاستشارى العالمى “وود ماكينزى” وعدد من المستثمرين العالميين.
واستعانت وزارة البترول بمكتب “وود ماكينزى” المتخصص بمجالات التعدين لتقييم المعوقات والسلبيات بقطاع التعدين وتحديد المحاور الرئيسية لتعديل المسار وجعل مصر دولة جاذبة للاستثمار فى مجال البحث والاستكشاف المنجمى والمشاركة فى تعديلات اللائحة التنفذية الجديدة للقانون تحت إشراف شركة “إنبى للبترول”.
وقال أبوبكر، إن أبرز عيوب القانون القديم هى التركيز على الإتاوة فقط مع غياب الحوافز التى تجذب المستثمر الأجنبى وهو ما أدى لعدم وجود استثمارات أجنبية بقطاع التعدين فى مصر، خاصة قطاع المناجم.
أوضح أن اللائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية تضم مواد غير واضحة لذلك اعترض المكتب الاستشارى “وود ماكينزى” وطالب بتعديلها، وقال أبوبكر إن تعديلات قانون الثروة المعدنية ستحسن صورة قطاع التعدين المصرى أمام الشركات الأجنبية وتضع مصر على خريطة التعدين العالمية بعد سنوات طويلة من الغياب.
وأعدت هيئة الثروة المعدنية، نموذجاً لاتفاقيات البحث عن الذهب فى القانون الجديد يتضمن إصدار ترخيص بالبحث من قبل وزارة البترول للمستثمر مع تحديد فترة زمنية لذلك، ومع إعلان الكشف التجارى تصدر اتفاقية للاستغلال بموافقة الوزير أو مجلس النواب حسب الحالة من نوع المادة ومساحة الإنتاج.
أضاف أبوبكر، أن التعديل الجديد لقانون الثروة المعدنية منح المستثمر مهلة عامين للاستكشاف، وبعدهما يجرى تقييم جدوى المشروع، إضافة إلى منحه عامين آخرين وتقييم الموقف مجدداً، وبعدها يتم إقرار توقيع اتفاقية بقانون والحصول على الإعفاءات الضريبية والجمركية أو سحب الأراضى.
أوضح أنه فور موافقة مجلس الوزارء على اللائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية، من المتوقع طرح مناطق للبحث والاستكشاف عن المواد المنجمية المختلفة بداية العام المقبل.
توقعات بطرح مناطق للبحث والاستكشاف عن المواد المنجمية المختلفة بداية 2020
وتابع: “الدولة اختزلت النشاط التعدينى لمدة 30 عاماً فى المحاجر والملاحات فقط على الرغم من استحواذهم على 15% فقط من الثروة التعدينية فى مصر، والمناجم فى أى دولة هى التعدين الحقيقى لارتفاع عائدها الاقتصادى”.
أشار إلى أن كل دول العالم تعمل فى التعدين بنظام الضريبة والإتاوة وبحسب “وود ماكينزى”، فإن إجمالى نسبة ما تحصله الدول سواء كان فى شكل إتاوة وضريبة أو نسبة مشاركة لا يزيد على نسبة تتراوح من 16% إلى 20% من قيمة المنتج.
وتابع أبوبكر: “مصر لابد أن تتساوى مع دول العالم فى الضريبة والإتاوة، ولا تخلق نظاماً خاصاً بها وحددت هيئة الثروة المعدنية قيمة الإتاوة فى القانون الملغى بألا تقل عن 3% من قيمة المادة الخام ولا تتجاوز 10%”.
وقال إن الاهتمام بالقانون واللائحة التنفيذية دون النظر إلى العامل البشرى يعتبر جهداً ضائعاً، لأنهم الواجهة الاستثمارية للقطاع فى مصر سواء من خلال الترويج للفرص الاستثمارية أو عرضهم لأماكن استكشافية بها مخزون تعدينى، فضلاً عن امتلاكهم ثقافة التجار وليس فكر الموظف البيروقراطى التقليدى.
أضاف أن هيئة الثروة المعدنية تعاقدت مع شركة “إنبى للبترول” لتدريب 480 موظفاً، ودربت فى المرحلة الأولى نحو 180 منهم وتستكمل التدريب خلال الشهور المقبلة، ووقعت “إنبى” عقد مشروع استراتيجية تطوير قطاع التعدين مع “وود ماكنزى” وتقوم الأخيرة بدور استشارى عالمى متخصص فى إجراء دراسات تشخيصية للوضع الحالى لقطاع التعدين ووضع رؤية عمل به، فيما تقوم الشركة بتقديم الدعم الفنى واللوجستى والمراجعات اللازمة.
أوضح أبوبكر، أن مصر تنتج أفضل أنواع الحجر الجيرى فى العالم ورغم جودته، إلا أنه يختزل فى تصديره بصورته الخام، دون قيمة مضافة وهذا يعتبر سوء تقدير للمنتجات التى نتعامل معها سواء الحكومة أو القطاع الخاص.
وتابع رئيس غرفة البترول التعدين باتحاد الصناعات: “سوق التعدين سوق دولى، لكن سوق المحاجر محلى إلى حد ما، لذلك عملت الحكومة على تعديل نظام اتفاقيات التعدين الجديدة والتى تقوم على فصل البحث عن الإنتاج، معتبرًا أن هذا التعديل جاذب ومشجع للاستثمار”.
أشار إلى أن جميع دول العالم تعظم استفادتها من قطاع المناجم من خلال تقسيم العمل فى المناجم إلى عدد من المراحل تتضمن البحث والاستكشاف، والاستغلال وإنتاج المادة الخام، والعمليات التصنيعية والتحويلية لخلق قيمة مضافة للمادة ثم استخدامها لتصنيع منتجات نهائية للسوق المحلى أو للتصدير.
وقال إن مصر لم توقع أى اتفاقية للعمل فى المناجم منذ 20 عاماً بسبب البيروقراطية والنظام التقليدى، كما أثر إلغاء الحكومة لـ4 اتفاقيات ذهب فى الـ10 سنوات الأخيرة على ثقة المستثمرين الأجانب.
أضاف أبوبكر، أن التعدين لا يقتصر فقط على استخراج الذهب، بل توجد معادن أخرى مثل النحاس والألومنيوم والفوسفات والبنتونيت والفلسبار والكوارتز وغيرها.
تأسيس “كويل إنيرجى” برأسمال 5 ملايين جنيه للعمل فى التعدين والخدمات البترولية والطاقة المتجددة
أوضح أن خام النحاس فى مصر هو المستقبل، نظراً للتحول إلى إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وتزداد أهمية النحاس والليثيوم مع التطور الذى ستشهده صناعة البطاريات، بما سيزيد الطلب عليها.
وتابع أبوبكر: “أغلب الشركات التى تخاطر بالبحث عن المعادن هى شركات صغيرة ومتوسطة الحجم وفى حالة الاستكشاف والبدء فى تنمية وتجهيز المنجم للإنتاج يتم بيع حق الاستغلال لشركات تعدينية متخصصة وتمتلك الملاة المالية للتنمية وذللك بخلاف النشاط البترولى، حيث تخاطر الشركات الكبيرة بالبحث عن البترول لقدرتهما على تغطية مخاطر البحث ثم التنمية”.
ويرى أبوبكر، أن صناعة التعدين والبحث عن المواد المنجمية عبارة عن أشخاص مغامرون لديهم معلومات أولية عن وجود ذهب أو نحاس أو أى مواد معدنية أخرى فى منطقة معينة، والتوسع فى تشجيع هؤلاء المستثمرين للبحث عن المعادن وتذليل جميع العقبات أمامهم بوجود لائحة تنفيذية واضحة وجاذبة وتتسم بالشفافية سيزيد من حجم التدفقات النقدية التى تحصل عليها مصر من عمليات البحث وكذلك فى حالة الاستكشاف والتنمية للمناجم بالإضافة إلى قيمة المواد المنجمية المستخرجة والقيمة المضافة لتصنيعها.
وتابع: “فى حالة عدم اكتشاف أى مواد منجمية، فإن الاستفادة تكون من التدفقات النقدية أثناء عمليات البحث بالإضافة إلى الخرائط والمعلومات الجديدة عن أماكن البحث”.
وقال رئيس غرفة البترول التعدين باتحاد الصناعات إن عدد من شركات والبحث والاستكشاف الأجنبية تنتظر صدور اللائحة التنفيذية الجديدة لدراستها لأخذ قرار بالبحث داخل مصر من عدمه.
أضاف أن مصر تمتلك جميع المقومات التى تمكنها من التحول إلى دولة صناعية كبرى لتوافر مستلزمات الإنتاج والمواد الخام والطاقة، لكنها تحتاج إلى جهد بسيط لاستغلالها فى الصناعة.
وأوضح أبوبكر، أن إعلان رجل الأعمال نجيب ساويرس، عن خطته للاستثمار فى التنقيب عن الذهب داخل مصر خطوة جيدة جداً وإيجابية ومطمئنة أكثر للمستثمرين المحليين والأجانب، لأنه يعد من أكبر المستثمرين بقطاع الذهب فى العالم خلال الفترة الحالية.
مصر تنتج أفضل أنواع الحجر الجيرى والملح.. ولكن معظمه يصدر كـ”مواد خام”
أشار إلى أنه فى حالة تنشيط قطاع التعدين بمصر، سيدر عوائد اقتصادية كبيرة سواء فى توفير فرص العمل أو قيمة مضافة على المادة الخام المستخرجة.
وأشاد أبوبكر باتجاه الحكومة لخفض أسعار الغاز للمصانع خلال الشهر الماضى، وتابع: “فى حالة تحقيق مزيد من الخفض سينعكس ذلك على الصناعة المحلية إيجابياً وسيزيد من قدرتها التنافسية فى الأسواق الخارجية”، كما اعترض على دعم أسعار الغاز للمنازل، وبيعه بسعر تكلفة الإنتاج للمصانع، وقال: “من المفترض أن يحدث العكس ويتم دعم المصانع على حساب المنازل، لأن الدعم سيصب فى النهاية لصالح المواطن سواء فى توفير مزيد من فرص العمل، وزيادة المرتبات، وتوافر السلع فى الأسواق، بالإضافة إلى الطفرة الصناعية التى تنعكس على الاقتصاد الكلى للدولة”.
وطالب أبوبكر بمزيد من خفض أسعار الغاز لصالح عدد من الصناعات منها صناعة الحديد، والسيراميك، والألومنيوم، نظرًا لاستهلاكهم المرتفع بجانب حاجة مصر إلى هذه المنتجات فى المشروعات القومية، فضلاً عن تعزيز قدرتها التنافسية بالأسواق التصديرية، خاصة دول الجوار.
وقال إن الصناعات الأخرى لا تمثل نسبة مساهمة الطاقة فيها أكثر من 3 إلى 9% من تكلفة الإنتاج، وتأثير ارتفاع سعر الغاز سيكون محدوداً، ويرى أبوبكر أن السعر الغاز العادل للمصانع كثيفة الاستهلاك، يقدر بنحو 4.5 إلى 5 دولارات للمليون وحدة حرارية مقابل 5.5 دولار حالياً.
أضاف أن الفترة المقبلة ستشهد وفرة فى إنتاج الغاز بالسوق المصرى بدعم من اكتشافات الغاز المحلية، بالإضافة إلى كميات الغاز القادمة من دول الجوار.
من ناحية أخرى أعلن أبوبكر، الرئيس السابق لشركة “مشرق للبترول” أن الشركة انتهت من تصفية أعمالها وأوقفت العمل بمشروع محطة تداول منتجات الصب السائل وتموين السفن بالوقود وغيرها من خدمات الدعم اللوجستى بميناء شرق بورسعيد، وكانت شركة “مشرق للبترول” التى أنشئت وفقاً لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، قامت بتوقيع اتفاقية امتياز فى عام 2013 تبدأ بمقتضاها تنفيذ أول مشروع من نوعه فى مصر لإقامة محطة متكاملة لتخزين المواد البترولية.
“الجباية” فكر مسيطر على الجهات الحكومية المتعاملة مع ملف التعدين
وقال أبوبكر، إن الشركة حصلت على الأرض بنظام حق الانتفاع لمدة 25 عاماً بالإضافة إلى عام إضافى فى حالة تحقيق المستهدف كل 5 أعوام، بالإضافة إلى 3 أعوام مخصصة للإنشاءات.
أضاف أن المشروع بحسب دراسة الجدوى كان سيحقق 60 مليون جنيه عائداً سنوياً للدولة، مقابل مساهمتها بنسبة 5% فى مشروع محطة الصب لتخزين الوقود وتموين السفن.
أوضح أن التكلفة الاستثمارية للمشروع بلغت 2 مليار جنيه، فى حين بلغت الطاقة التخزينية للمحطة حوالى 540 ألف طن منتجات بترولية «بنزين نفتا وسولار ووقود نفاثات ومازوت».
وقال إن “مشرق” أنفقت 200 مليون جنيه لتجهيز الأرض شملت أعمال التكريك على مساحة مليون متر مربع، بالإضافة إلى التكسية الكاملة للشاطئ ومعالجة التربة.
أضاف أبوبكر، أن جهة الولاية سحبت الأرض من الشركة فى عام 2015 واتخذ المساهمون الرئيسيون فى الشركة قراراً بالتصفية خلال الشهر الماضى.
وأشار أبوبكر إلى تأسيسه لشركة “كويل إنيرجى – Quill Energy” منذ 3 سنوات، برأسمال 5 ملايين جنيه، لتعمل فى مجال التعدين والطاقة المتجددة والخدمات البترولية والتسهيلات الخاصة بتشغيل وصيانة شبكات الكهرباء والمياه والتبريد ومكافحة الحرائق وتركز الشركة على المشاريع السكنية والتجارية والصناعية، كما تقوم الشركة بتجميع وإنتاج العدادات الذكية التى تناسب السوق.
وقال إن “كويل إنيرجى” تدرس تنفيذ محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، فى بعض المصانع بالمناطق النائية، وأضاف أن الشركة تبحث عن قطعة أرض مناسبة للمشروع، بالتعاون مع الشركات التى تحتاج إلى الكهرباء، ومن المقرر أن تورد لهم كهرباء أرخص من الأسعار الحكومية بنسبة طفيفة.