شهد القطاع العقارى تغيرات خلال الفترة التى أعقبت قرار تحرير سعر الصرف والتى أحدثت بدورها تغييراً فى شكل المنافسة بين المطورين تبعه اختفاء بعض الظواهر العقارية التى كانت تسيطر على القطاع ومنها انتهاء المضاربة على اﻷراضى بالنسبة للأفراد وتراجع عمليات إعادة البيع والتى اقتصرت على الوحدات السكنية الجاهزة باﻹضافة إلى مد آجال السداد التى وصلت فى بعض المشروعات إلى أكثر من 10 سنوات مقارنة بـ6 سنوات أقصى مدة كان يمنحها المطورون للعملاء قبل 3 سنوات.
ويرى مطورون أن التغيرات التى شهدها السوق خلال الفترة اﻷخيرة كانت نتيجة حتمية للتقلبات الاقتصادية والتى نتج عنها تغيير لملامح السوق العقارى بدءاً من التسويق والطروحات وشكل المنافسة بين الشركات وصولاً إلى ارتفاع المنافسة بعد دخول مطورون جدد ما دفع الشركات للتأقلم مع المتغيرات الجديدة بهدف الاستمرار واستكمال توسعاتها كما يوجد بعض الشركات التى لم تستطع المنافسة والاستمرار وتخارجت خلال السنوات الثلاث الماضية.
قال الدكتور أحمد شلبى، الرئيس التنفيذى، العضو المنتدب لشركة «تطوير مصر»، إن المتغيرات التى طرأت على السوق العقارى خلال الفترة اﻷخيرة تتطلب إعادة تنظيم السوق، بما يتوافق مع المعطيات الجديدة، ومنها عمل شركات التسويق العقارى والتى تنامى دورها فى ظل تراجع حركة المبيعات للشركات.
أضاف أن حصة المسوقين من مبيعات الشركة العقارية تصل %70 من إجمالى المبيعات، مقابل %30 تسوق من خلال إدارات المبيعات لدى المطورين.
أوضح «شلبى»، أن لجوء الشركات العقارية لمد آجال السداد يعتبر انعكاساً لحالة السوق العقارى، وتباطؤ المبيعات، ومن المفترض ألا تتجاوز فترة السداد 6 سنوات للحفاظ على دورة رأس المال.
أشار إلى أن طول آجال السداد يضغط على التدفقات المالية لشركات التطوير العقارى، وحولت المطور العقارى إلى «بنك»، ولجأت الشركات لمنح عروض وتسهيلات فى السداد حالياً؛ نتيجة وضع السوق بهدف الحفاظ على العوائد الاستثمارية.
وطالب «شلبى» بتدخل البنك المركزى ووزارة اﻹسكان لتفعيل دور التمويل العقارى لتنشيط السوق ووضع آليات جديدة تهدف إلى تحريك مبيعات الشركات، خاصة مع تنامى المعروض من المنتجات العقارية، ووجود طلب حقيقى على العقار.
«شلبى»: الدولة مطالبة بتفعيل التمويل العقارى بعد تحول المطور إلى «بنك»
وقال المهندس محمد سلطان، رئيس شركة «إس آى دى للاستثمار»، إنَّ السوق العقارى يعيد ترتيب نفسه من جديد ليتواكب مع المتغيرات التى طرات عليه مؤخراً والتى أدت إلى اختفاء بعض الظواهر العقارية من القطاع وظهور أساليب جديدة بجانب تغير مفهوم اقتصاديات المشروعات بالنسبة للمطورين، واللجوء إلى حلول جديدة تتلاءم مع وضع السوق الحالى.
واعتبر «سلطان»، أن لجوء شركات التطوير العقارى لمد آجال السداد ظاهرة مؤقتة بهدف وضع تيسيرات للعملاء المستهدفين، وجذب مبيعات جديدة، واستمرارها يؤثر على اقتصاديات المشروعات، خاصة البيع «على الماكيت».
أضاف أن الشركات أصبحت تفضل اﻷراضى ذات المساحات الصغيرة والمتوسطة بخلاف المساحات الكبيرة والتى كانت تشهد منافسة فى السابق.
أشار «سلطان» إلى أن شركات التطوير العقارى الكبرى تلجأ دائماً للأراضى ذات المساحات الكبيرة لقوة ملاءتها المالية، وقدرتها على تنمية تلك المساحات.
وقال إن اختفاء ظاهرة تسقيع اﻷراضى بفضل وضع برامج زمنية للتنفيذ والغرامات التى تفرضها الدولة، باﻹضافة إلى المتابعة الدورية ﻷعمال التنفيذ.
أضاف أن آلية التخصيص الفورى للمستثمرين تهدف لزيادة معدلات التنمية للأراضى غير المستغلة وتنشيط السوق.
أوضح أن دخول الدولة كمطور عقارى وتنفيذ مشروعات سكنية للإسكان المتوسط والفاخر حالياً بجانب مشروعات اﻹسكان الاجتماعى هو دور استثنائى يتناسب مع وضع السوق فى الوقت الراهن، خاصة أنها تقود التنمية ومسئوليتها فى ظل مراعاة البعد الاجتماعى، وتحقيق التوازن للقطاع.
وتوقع «سلطان»، أن يواجه القطاع العقارى تحدياً جديداً، خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع اقتراب تسليم المشروعات السكنية بالمناطق المختلفة سواء غرب وشرق القاهرة بجانب المدن الساحلية، وهى نوعية المنتج العقارى التى تتناسب مع القدرة الشرائية للعملاء، مطالباً بضرورة تغيير أساليب البناء الحالية، واستحداث طرق مبتكرة تهدف إلى تقليل تكلفة اﻹنشاءات.
وقال المهندس عمرو سليمان رئيس مجلس إدارة شركة «ماونتن فيو للاستثمار العقارى» إن القطاع العقارى تعرض لتغيرات غير مسبوقة فى ظل مجموعة عوامل أدت إلى تشكيل السوق من جديد وأنتجت آليات جديدة للسوق وقضت على بعض الممارسات التى أثرت بالسلب على القطاع وأداء الشركات العقارية.
أضاف «من اﻹيجابيات التى طرأت على السوق العقارى مؤخراً انتهاء التسقيع والمضاربات على اﻷراضى بعد تدخل الدولة بزيادة الطروحات سواء للأفراد أو الشركات والتى سحبت جزءاً من المستثمرين بالقطاع العقارى من راغبى شراء الوحدات السكنية».
أوضح سليمان أنه مع تغير القوة الشرائية للمواطن بعد تعويم الجنيه تنبه القطاع العقارى إلى ضرورة توفير آليات جديدة تتناسب مع القدرة الشرائية للعملاء ومنها مد آجال السداد وخفض مقدمات الحجز بخلاف الفترات السابقة والتى كانت تتطلب سداد 20 إلى 25% من قيمة الوحدة عند التعاقد.
وأشار إلى أن هذه الآليات لم تعد مناسبة حالياً لمعظم العملاء المستهدفين للشركات وعلى الرغم من ذلك يوجد تحفظ على مد آجال السداد والتى تعد ظاهرة غير ملائمة للشركات خاصة أنها تحدث فجوة تمويلية تؤثر على أداء المطور ومراحل تنمية المشروعات.
سليمان: طول فترات سداد الأقساط يعرض الشركات العقارية لفجوات تمويلية
وتابع سليمان «شهد القطاع دخول الدولة كمطور عقارى لمنافسة القطاع الخاص وأرى أن توغل الدولة فى تلك المنطقة من السوق يهدد بخروج شريحة كبيرة من المطورين المتخصصين فى تنمية منتجات عقارية تتناسب مع الشريحة المستهدفة لعملاء الإسكان الفاخر».
وقال عمرو القاضى الرئيس التنفيذى لشركة «سيتى إيدج للتطوير العقارى» – الذراع الاستثمارية لهيئة المجتمعات العمرانية – إن الدولة نجحت فى القضاء على عدد من الظواهر التى أثرت على السوق العقارى خلال الفترة الماضية منها المضاربة على اﻷراضى من خلال خطة الطروحات التى شهدها السوق بجانب وضع برامج زمنية للتنفيذ بهدف تنمية تلك المساحات.
أضاف أن السوق تعرض لحزمة إجراءات خلال السنوات الأخيرة غيرت شكل المنافسة منها ارتفاع عدد الشركات الموجودة فى السوق وبالتالى زيادة المعروض وانعكس ذلك على عمليات إعادة البيع والتى انخفضت بنسبة كبيرة واقتصرت على الوحدات الجاهزة فقط.
أوضح القاضى أنه من الظواهرة السلبية التى طرأت على السوق لجوء بعض المطورون لمد آجال السداد بدون دراسة مما ينذر بحدوث فجوة تمويلية ستنعكس على أداء الشركات العقارية مستقبلاً مع انخفاض التدفقات المالية مقابل أعمال التطوير المطلوبة وبرامج التنفيذ للمشروعات.
ويرى القاضى أن دخول الدولة فى القطاع العقارى أعاد تنظيم السوق ومنع احتكار المنافسة ويعد وجودها فى أى مدينة جديدة نواة لتنمية تلك المدينة وجذب المستثمرين خاصة أنها تفتح المجال أمام الشركات والمستثمرين وترفع القيمة السوقية لتلك المناطق بجانب استكمال دورها فى توفير المنتجات العقارية التى تلائم شريحة كبيرة من المواطنين ضمن برامج اﻹسكان المختلفة.
القاضى: القطاع أعيد تشكيله من جديد… والدولة نجحت فى القضاء على المضاربات
وقال سامح حبيب، مدير تنمية اﻷعمال بشركة اﻷهلى صبور للتنمية العقارية، إن آجال السداد تتغير وفقاً لشكل المنافسة فى السوق ولجأت لها بعض شركات التطوير العقارى بهدف تنشيط المبيعات وجذب عملاء جدد، ولكن الشركات العقارية الكبيرة لا تلجأ لتلك الآليات إلا فى أوقات محددة وتعود للمعدلات الطبيعية للسوق.
أضاف أن تغير وضع السوق العقارى أمر طبيعى، وكان ضرورياً أن تواكب الشركات تلك المعطيات الجديدة لتبنى استراتيجيتها التوسعية عليها، ووضع حلول وأساليب جديدة.
أوضح «حبيب»، أن السوق يشهد حالياً وفرة أراضٍ بخلاف الفترات السابقة، وهناك حالة تشبع؛ بسبب دورية الطروحات الحكومية، وآليات التخصيص الجديدة بجانب اﻷنظمة المختلفة ومنها الشراكة والمزايدة كلها عوامل أدت إلى وفرة فى المعروض.
أشار إلى انخفاض الاستثمار اﻷجنبى فى القطاع العقارى مؤخراً مقابل ارتفاع عدد الشركات المحلية التى تضاعفت أعدادها فى السوق حالياً، خاصة فى مناطق التوسعات والمشروعات القومية الجديدة، اﻷمر الذى يستدعى ضرورة وجود منظم للسوق العقارى وإعادة تصنيف الشركات لحماية تلك الصناعة.
وقال الدكتور محمود النجار، عضو مجلس إدارة شركة «النزهة للاستثمار»، إنَّ المضاربة على اﻷراضى بدأت فى 2005 وانتهت فى 2017، ونجحت الدولة خلال السنوات الثلاث اﻷخيرة فى القضاء على تلك الظاهرة التى أثرت بالسلب على أسعار الأراضى دون تنمية، وتحول المستثمر فى القطاع العقارى إلى مضارب ودخول الدولة أنهى تلك اﻷزمة.
أضاف أن العروض والتسهيلات الجديدة التى تمنحها الشركات للعملاء سوف تؤثر على أدائها مستقبلاً، ومنها «صفر مقدم» وطول فترة السداد، وكلها أساليب لجأت لها الشركات للتغلب على حالة الركود التى شهدها القطاع وتراجع حركة المبيعات.
أشار إلى أن اختفاء مصطلح «المسوق الحصرى» نتيجة طبيعية لارتفاع المنافسة فى السوق، وتخمة المعروض مقابل انخفاض الطلب؛ بسبب تراجع القوة الشرائية للعملاء بجانب أن كثرة المشروعات تضع المطورين فى منافسة بعد تفتيت المبيعات، وبالتالى ارتفعت عمولات شركات التسويق من %2.5 خلال الفترة الماضية، وصولاً إلى %7 فى بعض المشروعات.
وقال أسامة شلبى رئيس مجلس إدارة شركة «أجنا للتنمية العمرانية» إن السوق العقارى حالياً ينقصه التنظيم ووضع آليات محددة لشركات التطوير العقارى خاصة أنه مر خلال الثلاث اﻷخيرة بحالة من التخبط التى أثرت على القطاع بصفة عامة.
أضاف أن الشركات العقارية غيرت تقديراتها لتطوير المشروعات ذات المساحات الكبيرة والتى كان سابقاً يتوجه لها عدد محدد من كبار مطورى القطاع ولكن هذا المفهوم اختلف حالياً خاصة مع آليات الطرح المتعددة ومنها التخصيص المباشر والشراكة والمزايدة العلنية.
أوضح شلبى أن %70 من شركات التطوير العقارى فى السوق تحتاج لأراض بمساحات تتراوح من 60 إلى 70 فداناً والشركات المتوسطة ستتجه للأراضى التى تتراوح مساحاتها من 20 إلى 50 فداناً بهدف الالتزام ببرامج التنفيذ التى تقرها الدولة وأدت إلى اختفاء ظاهرة تسقيع اﻷراضى والتى كانت تلجأ لها الشركات لتوفير محفظة أراضى تستفيد بها خلال فترة من الزمن.