تعمل العديد من الشركات الأمريكية الكبرى، نحو تعديل مستوى إنفاقها على المعدات والاستثمارات الرأسمالية الأخرى، فى ظل بيئة عمل يشوبها عدم اليقين، وهو ما يدفع البعض إلى تأجيل أو إلغاء مشروعات واعدة، مما قد يشكل عقبة مستمرة أمام النمو الاقتصادى.
أوضحت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن تراجع الشركات عن الاستثمار بدأ وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الخريف الماضى، مما ترك الشركات فى حالة عدم اليقين بشأن سلاسل الإمدادات وتحديد الأسعار والأرباح الخاصة بها.
كما أن الاستثمارات استمرت فى التراجع، وسط علامات تباطؤ النمو العالمى، وتزايد مخاوف المستهلكين بشأن المستقبل.
ذكرت الصحيفة، أن هناك شركات أمريكية، مثل صانع الدراجات النارية «هارلي-ديفيدسون»، وعملاق الاتصالات «إيه.تى.آند.تى»، وشركة «تارجت» العاملة فى قطاع التجزئة، انضمت إلى الشركات الصغيرة فى وضع قيود على الاستثمار.
وحذرت بعض الشركات، من إمكانية استمرارها فى فرض القيود حتى العام المقبل، فى ظل التوقعات التى تفيد بإمكانية إضافة الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس النواب الأمريكى 2020، مزيدا من عدم اليقين إلى عملية صنع القرار فى مجال الأعمال.
أفادت الصحيفة، أن الشركات تقوم بإبطاء استثماراتها الرأسمالية لأسباب عديدة.. لكن هناك عدد قليل من الشركات، ربطت عملية خفض استثماراتهم بشكل صريح بالتجارة.
لكن الاقتصاديين والمحللين، يشيرون إلى التوقيت، إذ بدأ التراجع عن الاستثمار فى الربع الثالث من عام 2018، تماما، فى الوقت الذى بدأت فيه الولايات المتحدة والصين تهديداتهما المتبادلة، ثم فرضتا تعريفات جمركية على سلع بعضهما البعض.
وفى الوقت نفسه، أظهرت الاستطلاعات حول معنويات الأعمال التجارية، أن التوترات التجارية أثرت على خطط الإنفاق، بداية نوفمبر الحالى.
ووجد بنك الاحتياطى الفيدرالى فى أتلانتا، أن %12 من الشركات الخاضعة للاستطلاع، بما فى ذلك واحدة من كل خمس شركات مصنعة، خفضت أو أخرت نفاقاتها الرأسمالية فى النصف الأول من 2019، نظرا للتوترات التجارية والمخاوف المتعلقة بالتعريفات الجمركية، وهو معدل يزيد بمقدار الضعف عن النصف الأول من العام الماضى.
وأوضح نيكولاس بلوم، الاقتصادى بجامعة ستانفورد، أن عدم اليقين فى التجارة، كان يشكل عائقا كبيرا أمام الاستثمارات الأمريكية.
فقد اشترك بلوم، مع ستيفن ديفيس، من جامعة شيكاغو، و”الاحتياطى الفيدرالي» بأتلانتا، فى دراسة عن عدم اليقين فى الأعمال التجارية.
وقدر المشاركون، خلال الدراسة، انخفاض الاستثمارات بمقدار 40 مليار دولار فى النصف الأول من العام الحالى، نتيجة مشاكل التجارة، ما يمثل انخفاضا نسبته 3% تقريبا، بعد أن نمت هذه الاستثمارات بنسبة 4% سنويا منذ عام 2000.
وأوضح بلوم، أن جزءا من هذه الاستثمارات سيعود بالتأكيد.. لكن بعضها سيُلغى بشكل دائم، مثل المصانع التى لن تعمل أبدا، ومشاريع تكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير التى تم تأجيلها.
لذا فإن نمو الولايات المتحدة سيواجه تكلفة حقيقية طويلة الأجل.