10 تريليونات دولار ديوناً مستحقة السداد في العالم النامي 2020
تسير احتياجات التمويل بالعملات الأجنبية عبر الأسواق الناشئة، على طريق الارتفاع، العام المقبل، بعد عقد من تراكم الديون الذى يزيد من أعباء السداد.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن حجم عمليات سداد الديون الوشيكة، من شأنه أن يقلص عجز الحساب الجاري في العديد من الأسواق الناشئة – نتيجة انخفاض نمو الواردات وضعف أسعار الطاقة .. لكنه لا يوفر سوى فترة راحة محدودة لأعباء تمويل العملات الأجنبية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يتمتع فيه المقترضون في الأسواق الناشئة، بشروط تمويل سهلة العام الحالي، إذ سمحت لهم تخفيضات أسعار الفائدة من قبل “الاحتياطي الفيدرالي” الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي، بإصدار سندات مقومة بالعملة الأجنبية بمعدلات منخفضة بشكل متزايد وبسرعة لا تقل كثيراً عن الذروة التي بلغتها في عام 2017.
وتركزت مخاوف استدامة الديون، فى عدد قليل من البلدان مثل الأرجنتين ولبنان.
وقال تيمور بيغ ، كبير الاقتصاديين في بنك “يو بى إس” في سنغافورة: “لقد بدأت الأسواق تتأهب لعام 2020 دون قلق كبير بشأن القدرة على تحمل الديون السيادية أو حتى الشركات”.
وأضاف: “يحتاج الاقتصاد العالمي إلى مثل هذه الظروف الحميدة، لكي يستمر الهدوء على مدار العام المقبل”.
وكشفت بيانات معهد التمويل الدولى، أن الدين الأجنبي المقوم بالعملة الأجنبية في 30 دولة من الأسواق الناشئة الكبرى، سجل مستوى قياسى جديد بلغ 4.7 تريليون دولار العام الحالي، باستثناء ديون القطاع المالي.. وهذا هو أكثر من ضعف المستوى منذ عقد من الزمان.
ونتيجة لذلك، يتوقع أن يصل سداد القروض والسندات بالعملات الأجنبية في الأسواق الناشئة ، العام المقبل إلى حوالي 800 مليار دولار.
وفي الفترة من 2020 إلى 2022 فإن عمليات سداد الديون ستصل إلى 2 تريليون دولار.. وعند إضافة الديون المستحقة بالعملة المحلية المستحقة، سيرتفع هذا الرقم إلى 10.7 تريليون دولار، أو حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي في أوروبا الشرقية.
وأوضح معهد التمويل الدولي، أنه بالإضافة إلى إعادة تمويل المخاطر المرتبطة بعبء السداد، فإن تكاليف الفائدة على الديون ستزيد المخاطر المالية بشكل أكبر.
وأضاف: “مع وجود مساحة محدودة لمزيد من التيسير النقدي، فإنها ستزيد القيود على السياسة المالية”.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الأرجنتين وتركيا تقدمان أمثلة صارخة على كيف يمكن أن يكون لتحسين وضع الحساب الجاري تأثير محدود على احتياجات التمويل الخارجي.
وتوقع صندوق النقد الدولي، أن تعود الأرجنتين إلى تسجيل فائض فى الحساب الجاري العام المقبل، لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان.
وقال المحللون فى بنك “يو بى إس” إن مفاوضات إعادة هيكلة ديون الأرجنتين ستحدد احتياجاتها التمويلية الخارجية خلال السنوات القادمة. ولكن مع عدم وجود إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، فستحتاج البلاد إلى الجلوس مع صندوق النقد الدولي، للحصول على بعض التمويل قصير الأجل في أقرب وقت ممكن.
وبالنسبة لتركيا ، فإنه رغم التضييق الكبير لعجز الحساب الجاري الخاص بها خلال الـ 18 شهرًا الماضية، يبلغ الدين الخارجي قصير الأجل حوالي 120 مليار دولار.. الأمر الذى يعكس الزيادة السابقة للديون المقومة بالعملة الأجنبية.
وأشارت “فاينانشيال تايمز”، إلى أنه لا تزال احتياجات التمويل الأجنبية قصيرة الأجل في أنقرة من بين الأكبر في الأسواق الناشئة.
وتعد نسبة احتياطي العملات الأجنبية إلى متطلبات التمويل الخارجي، قضية شائكة لكثير من دول الأسواق الناشئة. فرغم كونه مريحًا لبعض البلدان، إلا أنه حتى احتياطيات العملات الأجنبية التي تتجاوز احتياجات التمويل للعام المقبل، قد لا تكون كافية لعزل البلدان بالكامل من ضغوط العملة في أوقات الاضطراب.
وتغطي الاحتياطيات المبلغ عنها، أكثر من نصف احتياجات تركيا التمويلية للعام المقبل. ولكن بالنظر إلى عدم اليقين بشأن المستوى الفعلي الحقيقي لاحتياطيات أنقرة من النقد الأجنبي – حيث أكد البنك المركزي مؤخرًا استخدام مقايضات في بورصة إسطنبول لاقتراض الدولارات مقابل الليرة – فإن هذا المقياس قد يكون أقل.
وكشفت البيانات أن احتياطيات لبنان كنسبة من احتياجات التمويل الخارجي، هي الأدنى في الأسواق الناشئة،إذ تراجعت احتياطياتها الحالية من العملات الأجنبية البالغة 29 مليار دولار عند مقارنتها بحوالي 88 مليار دولار من الديون الخارجية قصيرة الأجل، بفضل الودائع الكبيرة بالدولار التي يحتفظ بها غير المقيمين في النظام المصرفي.
واحتياجات لبنان من التمويل بالدولار، لا تتناسب مع باقي بلدان أوروبا الشرقية، إذا تم قياسها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكشفت أحدث توقعات القدرة على تحمل الديون في صندوق النقد الدولي، احتياجات التمويل الخارجي للبلاد بأكثر من 170% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل مقارنة بتركيا التى تمثل احتياجاتها أقل من 20%.
وتملك أوكرانيا ورومانيا وجنوب إفريقيا، بعضًا من أعلى احتياجات التمويل الخارجي والتي تنجم عن مزيج من العجز المستمر في الحساب الجاري، وأعباء الديون الثقيلة قصيرة الأجل.
وفي أمريكا اللاتينية، تتسبب حالات العجز في الحساب الجاري في كولومبيا وتشيلي، في بعض المخاوف المتعلقة بالتمويل ، رغم انخفاض مخزونات الديون مقارنة بالمناطق الأخرى.
ورغم ضوابط رأس المال في الأرجنتين.. فمن المقرر أن يحتفظ البيزو بمكانته كعملة الاسواق الناشئة الأفضل أداءً للعام الثاني على التوالي.
أوضحت “فاينانشيال تايمز”، أن عملات تلك البلدان التي لديها أكبر احتياجات التمويل ، تراجعت تقريبا أمام الدولار العام الحالى.
وأضافت أنه إذا تدهورت ظروف التمويل لمقترضي الأسواق الناشئة العام المقبل، فقد تتعرض جميع هذه العملات لضغط متزايد.