69 مليار دولار سنويًا تكلفة دعم الطاقة سنويًا فى طهران
رفعت إيران، التى تعانى من الآثار الاقتصادية للعقوبات الأمريكية القرار الذى طال انتظاره أسعار البنزين بنسبة 50% على الأقل الأمر الذى آثار الاحتجاجات وصفت بأنها الأسوأ منذ حوالى عامين، ودعمت إيران منذ فترة طويلة تكلفة البنزين كجزء من العقد الاجتماعى للحكام مع مواطنيها، لكن تزايد عدد السكان إلى جانب زيادة الاستهلاك المحلي قد وضع هذا النموذج تحت الضغط.
وكشف مسئول إيرانى لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن دعم الطاقة يكلف الحكومة حوالى 69 مليار دولار سنويًا وأصبح من الصعب تمويله على نحو متزايد لأن العقوبات الأمريكية خنقت اقتصاد إيران البالغ قيمته 400 مليار دولار.
يأتى ذلك بعد أن قلصت العقوبات مبيعات البلاد من البترول الخام من 2.8 مليون برميل يوميًا إلى أقل من 500 ألف برميل يوميًا ما أدى إلى تقليص حصيلة النقد الأجنبي لإيران ورفع بشكل مؤلم سعر معظم السلع لشعب البلاد البالغ 83 مليون شخص، وفى مواجهة الوضع الاقتصادى الصعب بشكل متزايد، قال المحللون إن النظام اضطر للعمل على خفض الدعم المقدم للشعب.
وأعلنت الحكومة، أنها سوف تستخدم تخفيضات الدعم لتخفيف تكاليف المعيشة للإيرانيين الفقراء عن طريق إعادة توزيع الدخل الإضافى من خلال مدفوعات نقدية شهرية لتلك الأسر التى هى فى أمس الحاجة إليها. وفى الوقت نفسه، تأمل الحكومة فى أن تؤدى أسعار الوقود المرتفعة إلى انخفاض الاستهلاك المحلى، مما يقلل الضغط على قدرة التكرير الوطنية المحدودة ويترك المزيد من المنتجات للتصدير إلى البلدان المجاورة.
بعد سنوات من الضغط لإزالة الدعم أو خفضه بشكل حاد كان القرار الخطير بزيادة الأسعار مدفوعًا بمجموعة من العوامل.
أولاً: توقعات النمو التى أجبرت الحكومة على التدخل
على الرغم من أن صندوق النقد الدولي، توقع أن ينكمش الاقتصاد الإيرانى بنسبة 9.5% العام الحالى، إلا أن طهران تقول إن الأسوأ قد انتهى.
قال الرئيس حسن روحانى، الأسبوع الماضى “لقد عبرنا الأزمة” مع إقراره بأن البلاد كانت فى أصعب الظروف.
وأوضح مسئولون إيرانيون، أن الاقتصاد باستثناء صناعة البترول نما بنسبة 0.4% فى الفترة بين شهرى مارس ويونيو ووعد روحانى، بأن ينمو الاقتصاد قليلاً فى العام المقبل.
قالت الصحيفة البريطانية، إن الفرق بين تقييم صندوق النقد الدولى، وبيانات روحانى، ملحوظ حيث رفض البنك المركزى الإيرانى، الإفصاح عن أرقام الاقتصاد الكلى الرسمية منذ فرض العقوبات. لكن رفوف السوبر الماركت مليئة بالمواد الغذائية المنتجة محليًا والأدوية متوفرة، مما يشير إلى أن جهود التنويع الاقتصادى قد قطعت شوطاً بعض الشىء لتقليل تأثير العقوبات على الاقتصاد المحلى.
وقال سعيد ليلاز، المحلل فى الاقتصاد السياسى الإيرانى، إن هذا القدر من الاستقرار أعطى الحكومة الثقة بأنها تستطيع أن تنجو من الآثار الاقتصادية والاجتماعية لخفض الدعم.
ثانياً: استقرار ارتفاع التضخم
وبدأ معدل التضخم في الاستقرار بعد أن قفز من 9.7% فى مايو العام الماضى إلى أكثر من 50% بعد فرض العقوبات، وانخفضت أرقام التضخم الرسمية على أساس سنوى من 52.1% فى مايو الماضى إلى 28.3% فى أكتوبر.
وقال المسئولون الحكوميون، إن هذه الأرقام أظهرت أن التضخم السنوى سينخفض خلال العام المقبل، ومع ذلك، فإن قفزة أسعار البنزين بنسبة 50% تهدد بزيادة التضخم مرة أخرى، كما فعلت عندما خفضت الحكومة دعم البنزين فى 2007 و2010 و2013.
أفاد المحللون، بأن أسعار المواد الغذائية قد زادت بأكثر من الضعف فى العامين الماضيين أى أعلى بكثير من متوسط معدل التضخم وأن أى زيادة أخرى بسبب زيادة تكاليف الوقود ستثير المزيد من الاضطرابات.
وأعلنت منظمة العفو الدولية، أن 106 أشخاص على الأقل من حوالى 21 مدينة كانوا ضحايا للاحتجاجات الأخيرة رغم تاكيد الحكومة الإيرانية حتى الآن مقتل 7 أشخاص فقط معظمهم من أفراد قوات الأمن.
وقال أحد المحللين الذى طلب عدم الكشف عن هويته للصحيفة البريطانية، إننا نشهد انفجار الغضب رداً على ارتفاع التضخم مضيفًا أن ضغط التضخم المرتفع على الناس، ولاسيما فى البلدات النائية هو السبب الرئيسى وراء الاضطرابات هذه المرة.
ثالثاً: الريال لايزال ضعيفاً رغم تعافيه
قالت “فاينانشيال تايمز”، إن تكلفة الحياة اليومية تفاقمت بسبب انخفاض قيمة الريال بنسبة 60% منذ انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية العام الماضى.
ومنذ ذلك الحين تدخل البنك المركزى، فى سوق الصرف لتحقيق الاستقرار فى العملة، حيث فرض حظراً على واردات أكثر من 1000 سلعة غير أساسية وأدخل أسعار صرف مدعومة لاستيراد السلع الأساسية وبدأ فى إدارة سعر الصرف الرسمى بدخل من الصادرات غير النفطية إلى دول المنطقة.
وفى الوقت الحالى يأمل النظام أن تؤدى الزيادة في أسعار البنزين إلى خفض الاستهلاك المحلى وزيادة البترول المكرر المتاح للتصدير إلى الدول المجاورة الراغبة فى تجاهل العقوبات الأمريكية، ويقدر الخبراء أن الصادرات اليومية الرسمية البالغة 20 مليون لتر يمكن أن تحقق ما يصل إلى 8 ملايين دولار يوميًا.
رابعًا: البطالة تهدد الاستقرار
أوضحت الصحيفة البريطانية، أنه حتى لو تمكنت إيران من التغلب على العاصفة الحالية، فإن صندوق النقد الدولى، يتوقع أن ترتفع البطالة إلى ما يزيد على 18% العام المقبل، مما يزيد من احتمال حدوث مزيد من عدم الاستقرار.
ودفع التضخم المرتفع الناس للهجرة من المدن الكبرى إلى المدن النائية، حيث يشعر الكثير من الشباب الإيرانى بالتعاسة أكثر مع ندرة فرص العمل حيث أصبح شعار المتظاهرين الآن “البطالة كارثة الأمة”.