يمتد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى من الكشف عن تسرب المياه إلى استخدام آلية التنبؤ بأحجام الاستخدام ما يعنى أنه يوفر إمكانيات لإحداث تغيير جذرى فى قطاع مرافق المياه بالكامل.
ويمكن القول، إن العقد المقبل هو عقد المياه الرقمية حيث يجرى تغيير جذرى فى الطريقة التى تعمل بها المرافق العامة بفضل اللاعبين المهرة فى هذا القطاع والذين يعتمدون على الذكاء الاصطناعى وتعلم الآلة وتحليلات البيانات الجديدة لتحقيق كفاءة ومرونة أفضل لسلسلة قيمة مرافق المياه.
وبينما يسود نهج الانتظار والترقب، توجد تحركات لإصلاح المرافق من الألف إلى الياء من خلال فهم الحلول الرقمية واعتمادها ضمن مبادرات مثيرة حيث يتعلق الأمر بخلق قيمة، وليس فقط طرح أشياء يعتقد أنها رائعة من الناحية التكنولوجية.
وتساعد القوة الحسابية المذهلة والخوارزميات المتقدمة على ترجمة البيانات إلى معلومات ذكية قابلة للتنفيذ، وفى الوقت نفسه، من المتوقع أن تنمو شهية شركات الذكاء الاصطناعى فى جميع أنحاء العالم للدخول فى المضمار.
وتقدر مؤسسات دولية إنفاق عام 2019 على الذكاء الاصطناعى بمبلغ 35.8 مليار دولار، وهو مبلغ يمكن أن يتضاعف إلى 79.2 مليار دولار بحلول عام 2022.
وبجمع ما يقدر بنحو 300 مليون قطعة من البيانات التشغيلية كل يوم، يعد قطاع المياه هو المرشح المثالى لإجراء تحسين كبير للبيانات.
ويمثل ظهور أجهزة استشعار فعالة من حيث التكلفة وإنترنت الأشياء مصدراً آخر لاستخراج البيانات منه، حيث يمكن نشر أجهزة الاستشعار فى الأماكن التى قد تترك عادة دون مراقبة، وجمع بيانات الحالة والأداء للمساعدة فى الكشف عن التسريبات، والتنبؤ بالاستخدام وتوقع الفشل ومنع السرقة.
ووصل الذكاء الاصطناعى لكل شىء تقريبا كما يشير «جوانجتاو فو»، أستاذ تحليل المعلومات المائية بجامعة «إكستر» وزميل معهد «آلان تورينج» وهذا حديث الجميع، وفى السنوات العشر الأخيرة، تحسنت الخوارزميات والنماذج الجديدة بهذا المجال بسبب دقة التنبؤات من نماذج الشبكات العصبية الاصطناعية فى الماضى، والتى قد توفر فى بعض الحالات نظرة أكثر ثراءً من الاعتماد على المعرفة المحلية المحدودة.
وبالمقارنة مع الصناعات الأخرى، فإن تنفيذ الحلول الرقمية بواسطة مرافق المياه والصرف الصحى كان بطيئاً.
وفى دراسة استقصائية لقادة صناعة المياه أجرتها شركة «بلاك آند فيتش» للهندسة والاستشارات والإنشاءات ثبت أن ثلث المستطلعين تظل بياناتهم صامتة وغير مندمجة، فى حين يعتقد %55 أن استراتيجية إدارة البيانات لديهم قوية ومحسنة، رغم أنها تفتقر إلى التكامل التام، مما يجعل من الصعب فهم ما يحدث بشكل جماعى عبر أنظمة إدارة الموارد.
ولا يوجد أى وهم لدى المتخصصين فى مجال المياه فيما يتعلق بنطاق وتعقيد القضايا فى خط الأنابيب، من البنية التحتية المتقادمة وتضخم العواصم والمدن الرئيسية إلى تهديد الطقس المتطرف الذى يشكله تغير المناخ وهذا يعنى أن جعل الأنظمة ذات الكفاءة المثالية والمرونة بات أمراً ضرورياً لتجنب انقطاع الخدمة ونقص المياه بما يصل إلى مستوى الأزمة.
ووصف «ويل سارنى» الرئيس التنفيذى لشركة «ووتر فوندرى» بحسب تقرير صحيفة «ذا تايمز» التحديات المائية مجتمعة بأنها مشكلة كبرى ولا يمكن لأى شخص أو كيان إدارة هذا المورد عندما يواجه هذه الاتجاهات الكبيرة بدون تعاون شامل.
وأضاف أن الأمر يتعلق بأخذ الأدوات الرقمية وتطبيقها حتى يمكن ضمان الحصول على مياه شرب آمنة عند مواجهة الصدمات لنظام الإدارة.
وعلى الرغم من أن المحركين الأوائل فى الذكاء الاصطناعى سيستفيدون من كفاءات تشغيلية أفضل فى سلسلة القيمة الخاصة بهم، فضلاً عن ترسيخ أنفسهم كمرجع لأولئك الذين يتراجعون عن التقنيات الرقمية، تشير النتائج التى توصلت إليها شركة الاستشارات العالمية «رولاند بيرجر» إلى أن %23 فقط من المرافق الأوروبية تعتبر الذكاء الاصطناعى أولوية استراتيجية عالية وتهدف إلى أن تكون المحرك الأول، فى حين أن الغالبية بنسبة %60 تفضل تقليد الآخرين.
ويقول «جاى لينجار”، نائب الرئيس الأول وكبير مسئولى الابتكار والتكنولوجيا بشركة «زيلام لتكنولوجيا المياه» إن الكثير من هذه المرافق تعمل من خلال النظم القديمة ويعتقدون أن الذكاء الاصطناعى يحتاج استبدال كل شىء وأن تكلفته باهظة ويجهلون أن الأمر يتعلق بخلق قيمة وليس فقط طرح أشياء يعتقد أنها رائعة من الناحية التكنولوجية.
وتوجد علامات على أن المرافق تحرز تقدماً فى تبنى القدرات الرقمية، وإجراء تعديلات تنظيمية تؤدى إلى زيادة القيمة عند نشر التقنية وفقاً لـ”مارك كانى» مدير إدارة الأصول بشركة «بلاك آند فيتش» الذى يرى أن هناك تحولاً سريعاً مشهوداً فى التكنولوجيا التى تندمج مع تقنية المعلومات الخاصة بكل شىء مع رؤية كبار مسئولى البيانات وعلماء البيانات فى التخصصات المختلفة.
ويجرى حالياً بناء الشراكات، ويعززها اعتقاد واسع النطاق بأن الحل سوف يتطلب التعاون أكثر من مجرد الاعتماد على اللاعبين الرئيسيين فى الصناعة لمواجهة التحديات واسعة النطاق.
ويشيد «سارنى» بمراكز التكنولوجيا والمسرعات التى تعمل بجد لتحديد التقنيات المبتكرة والتقنيات الرقمية على وجه الخصوص، ثم العمل مع المرافق والقطاع الصناعى.