تراجع السياحة وتباطؤ الإنفاق والتعريفة الجمركية تهدد فرص التعافي القريب
تأثر اقتصاد هونج كونج، بشدة، بعد أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والتي شهدت مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في الشوارع، إذ أجبرت المدارس والشركات حينها على الإغلاق لعدة أيام وتعطلت وسائل النقل.
وابتعد السياح الذين يجلبون الدولارات، وهم يمثلون الدعامة الاقتصادية الأساسية للمدينة الآسيوية ، إذ تسببت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في خسائر فادحة.
ويتوقع كثير من المحللين، أن تتفاقم الأزمة الاقتصادية فى هونج كونج، في حين توقعت الحكومة أن تشهد المدينة أول ركود سنوي لها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الاحتجاجات لا تُظهر سوى القليل من علامات التراجع ، إذ فازت الأحزاب المؤيدة للديمقراطية بأغلبية ساحقة في الانتخابات المحلية يوم الأحد الماضي، والتي يُنظر إليها كدليل على الدعم الواسع لحركة الاحتجاج ونبذ تعامل الحكومة مع الأزمة السياسية المستمرة منذ عدة أشهر.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الاحتجاجات تؤثر على النمو. ففي الربع الثالث سقطت هونج كونج في ركود، للمرة الأولى منذ عقد من الزمان.
وتوقع إيريس بانج، الخبير الاقتصادي لدى شركة “آي إن جي”، أن يزداد الانكماش في الربع الأخير من العام .
وفى الوقت الحالي، من المتوقع أيضًا أن تشهد هونج كونج ، أكبر تباطؤ نمو في الاقتصادات المتقدمة، العام الحالى.
وقال كبير الاقتصاديين في جامعة “أكسفورد”، تومي وو، إن اقتصاد هونج كونج لا يزال يعاني من الضربة المزدوجة للاضطرابات السياسية الداخلية، والتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ويعطى السياح الأجانب أهمية كبيرة لهونج كونج. وكشفت بيانات البنك الدولى، أن 28 مليون شخص زاروا المدينة في العام الماضي.
وتبلغ قيمة صادرات السلع والخدمات في هونج كونج – والتي تشمل الإنفاق السياحي- ما يقرب من ضعف الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تأتي في المرتبة الثانية بعد لوكسمبورج.

وفي الأشهر الثلاثة المنتهية، سبتمبر الماضي، تراجع عدد السياح الوافدين إلى هونج كونج بنسبة 26% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ثاني أكبر انخفاض منذ بدء تسجيل البيانات في أوائل التسعينيات.
ويمثل الوافدون الصينيون، عادة، 70% من الزوار إلى هونج كونج.. لكن أعدادهم انخفضت بنسبة 29% خلال نفس الفترة.
وتراجع معدل إشغال الفنادق إلى 63% في سبتمبر الماضي، وهو أدنى مستوى خلال عقد ، وفقًا للبيانات الصادرة عن مجلس السياحة في البلاد.
واشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن هونج كونج، تعد أكبر سوق في العالم للساعات السويسرية الفاخرة . لكن في أكتوبر انخفضت قيمة صادرات الساعات السويسرية إلى هونج كونج بنسبة 30% ، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق إلى حوالي 150 مليون جنيه إسترليني.
وأضافت الصحيفة، أن الانخفاض الحاد في مبيعات السلع الفاخرة أدى إلى تراجع مبيعات التجزئة في أغسطس الماضي بأسرع وتيرة منذ عام 1982.
وقال ستيفن بيرك، الخبير الاقتصادي في “فوكس ايكونوميكس”، إنه بالنظر إلى المستقبل حتى عام 2020 فمن المحتمل أن تستمر الاضطرابات المدنية في تقليص الإنفاق بمراكز التسوق الكبرى، وتراجع السياحة في الداخل.. وبالتالي سيضعف الاستهلاك الخاص.
وتأثرت صادرات السلع في هونج كونج والتي تتكون في معظمها من سلع معاد تصديرها من الصين، بالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وضعف التوقعات العالمية.
وخلال الأشهر الثلاثة المنتهية أكتوبر الماضي، انخفضت الواردات بنسبة 11% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في حين تقلصت الصادرات بنسبة 8%.
وهبطت الصادرات إلى الصين التي تمثل ما يقرب من نصف صادرات الإقليم، بنسبة 5% في سبتمبر، مقارنة بالشهر نفسه من 2018.
وكانت صادرات هونج كونج إلى الولايات المتحدة، ثاني أكبر شريك تجاري لها، أسوأ بكثير ،إذ هبطت بنسبة 24% في الشهر نفسه .
وتوقع تومي وو، أن يظل زخم الصادرات ضعيفًا في عامي 2019 و 2020 ، متأثراً بتباطؤ الطلب العالمي والتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ورغم أن الصفقة الصغيرة الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة، والتي أخرت التعريفة الجمركية الأمريكية التي كان مخططا تنفيذها في أكتوبر الماضي، قد توفر بعض الراحة بعد تصاعد الحرب التجارية بشكل كبير في أغسطس، إلا أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين.
أضاف وو، أن حكومة هونج كونج، قدمت تنازلات ضريبية وإعانات لمساعدة الشركات على التغلب على الأزمة، لكن من غير المتوقع أن يكون لذلك تأثير ملموس حتى تتوقف الاضطرابات السياسية نهائيًا.