تمكنت ثورة الاتصالات، من تغيير المشهد الهندى، من بلد يضطر فيه المرء إلى حجز هاتف مع شركة «MTNL» ثم الانتظار لعدة أشهر وأحياناً سنوات حتى يتم إصلاحه، إلى أمة يمتلك كل فرد فيها، هاتفاً تقريباً.
وأصبحت عمليات شراء الهواتف المحمولة، فى الهند، متكررة، والبنية التحتية للهاتف أيضاً وصلت إلى المناطق الداخلية للبلاد.
ورغم التأثير الإيجابى الأكيد، لوصول الهاتف المحمول، لكل فرد، إلا أنه من الضرورى أيضاً أن تتخذ شركات الاتصالات خطوات فعالة لتخفيف الآثار البيئية والاجتماعية الضارة لخدماتها، وبالتالى فإنها تحتاج للنظر فى المشكلات المادية التى يمكنها أن تحدث فرقاً كبيراً فى أداء المنظمة.
وسلطت صحيفة «ذا إيكونوميك تايمز» الهندية، الضوء على 4 مجالات مهمة يمكن أن تشكل جوهراً مهماً لتصميم استراتيجية المسئولية الاجتماعية لشركات الاتصالات، لتصبح البلاد آمنة وشاملة وذات استراتيجية صديقة للبيئة.
ويتمثل المجال الأول فى الانبعاثات، إذ أصبحت أبراج الاتصالات جزءاً من المشهد الحضرى، فالمرء أصبح قادراً على رؤية 4 أو حتى 5 أبراج على مقربة من مكان سكنه بكل سهولة، ولكن هذه اﻷبراج تشكل مشكلة كبيرة فهى لا تستخدم كمية كبيرة من الديزل لتوليد الطاقة فقط، بل أيضاً تنبعث منها إشعاعات ضارة للغاية.
لذا يجب أن تثير شركات الاتصالات عددا من الأسئلة الهامة حول تلك اﻷبراج، مثل هل هناك إمكانية للانتقال إلى استخدام وقود أنظف فى عمل تلك اﻷبراج؟ وهل يمكن تركيب الأبراج فى مناطق يمكن ألا يتسبب فيها الإشعاع بإحداث أضرار؟
ويتمثل المجال الثانى فى”النفايات”، إذ تتسبب منتجات الاتصالات فى توليد جبال من النفايات الإلكترونية، فغالباً ما يتم إعادة استخدام الهواتف وشرائح الاتصالات والأسلاك والبطاريات واﻷسلاك والمعدات المتنوعة مرة أخرى فى أغراض مختلفة، ولكن الكثير من المنتجات تشق طريقها إلى مدافن النفايات أو يقوم أشخاص غير مدربين بتفكيكها بطرق غير آمنة.
وتحتوى العديد من الأجهزة الإلكترونية، على معادن ثقيلة، منها الرصاص والكادميوم والزئبق والزرنيخ، وهى مكونات قد تتسبب فى تسمم البيئة وتهدد صحة اﻷفراد والمجتمعات إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
كما أن النفايات الإلكترونية تحتوى على مزيج من المواد السامة وكذلك المواد الخام القابلة لإعادة الاستخدام فى تصنيع منتجات جديدة، وبالتالى يمكن أن تؤدى المعالجة المناسبة للنفايات الإلكترونية إلى الحيلولة دون حدوث أضرار بيئية خطيرة، وكذلك استعادة المواد القيمة، خصوصاً للمعادن.
وتثار أسئلة أساسية حول هذه النقطة، وهى هل يمكن لشركات الاتصالات مساعدة العملاء ومساعدة نفسها على إعادة استخدام المنتجات وإعادة تدويرها؟ وهل يمكن لتلك الشركات الابتكار مع مواد مختلفة؟
ويتحدد المجال الثالث فى «صحة العملاء وسلامتهم”، إذ تمتلك الهواتف المحمولة وشبكات الإنترنت جوانب سلبية تؤثر على حياتنا أيضاً، مثل السلامة واﻷمان والخصوصية. لذا يجب أن تراعى شركات الاتصالات بعض النقاط المهمة، مثل سلامة اﻷطفال، خصوصاً أن اﻷطفال الصغار لا يعرفون حقاً كيف يحمون أنفسهم من الأنشطة غير المقبولة وغير الآمنة على شبكات الإنترنت.
ورغم أن هذه المشكلات لا يختص بها قطاع الإتصالات فقط، إلا أنها أصبحت بارزة بشكل كبير، فقد بات اﻷطفال قادرين على الوصول إلى الهواتف فى سن أصغر يوماً بعد يوم، كما أن اﻷنشطة المتعلقة بتوعية اﻷطفال والآباء والمعلمين بالمخاطر المتعلقة بشبكات الإنترنت وكيفية إدارتها لاتزال قليلة للغاية.
ويجب أن تراعى الشركات أيضاً، عاملاً مثل القيادة الخطرة، فمعظم اﻷفراد يقدرون مزايا وجود هواتفهم المحمولة معهم فى السيارة، ولكن حمل الهاتف أثناء القيادة قد يؤدى إلى عدد متزايد من الحوادث.
وتعتبر الصحة أيضاً واحدة من العوامل التى يجب أن تراعيها الشركات، إذ أثيرت مخاوف متعلقة بالروابط بين التعرض للإشعاعات الكهرومغناطيسية الناتجة عن الهواتف المحمولة، والعديد من الأمراض الصحية التى تتراوح بين اضطرابات النوم وفقدان الذاكرة وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض العصبية، مثل السرطان.
ويجب على شركات الاتصالات أن تطرح أسئلة أساسية، مثل من هم عملائنا؟ وكيف سيتغير هذا الملف الشخصى فى السنوات الـ5 المقبلة؟ وما هى المخاطر التى تهدد صحة العملاء وسلامتهم؟ وكيف يمكننا معالجة هذه؟
ويضمن المجال الرابع والأخير «التأثير على التنوع البيولوجى”، فالإشعاعات الناتجة عن أبراج الاتصالات لها تأثير سلبى كبير على البيئة، وليس الإنسان فقط، فهى تؤثر على الطيور والنحل والأنواع الأخرى من الكائنات الحية التى تعيش على مقربة بها.
كما أن تلك الإشاعات تتسبب فى بعض الأحيان، فى إعاقة قدرة تلك الكائنات على التنقل، وبالتالى فإن التأثير على التنوع البيولوجى يجب أن يصبح قضية مهمة وحاسمة بالنسبة لقطاع الاتصالات.
وحتى تستطيع شركات الاتصالات النظر فى اﻷمر بفعالية، يجب عليها طرح بعض اﻷسئلة الرئيسية، مثل ما هو تأثير أنشطتنا على التنوع البيولوجى؟ وكيف يمكن تخفيف هذه الآثار؟ وما نوع الإجراءات المشتركة التى يجب اتخاذها على مستوى الصناعة لإحداث تغيير حقيقى؟