دمرت السياسة النقدية شديدة التيسير المستمرة منذ أكثر من 10 سنوات آفاق التقاعد الآمن للملايين وتزرع بذور الأزمة المالية المقبلة، وفقاً لبحث جديد.
وترى أربعة من خمسة صناديق تحوط استطلعت آرائها شركة الاستشارات “كرييت ريسيرش” وشركة “أموندى” لإدارة الأصول، أن استراتيجية التيسير الكمى التى تبنتها البنوك المركزية فى محاولة لتخفيف أسوأ آثار الأزمة المالية العالمية فى 2008 ولتحفيز النمو الاقتصادى تسببت فى “تضخيم” الدين العالمى بشكل مطرد.
ويعتقد 55% من بين 153 صندوق معاشات أوروبى خضعت للاستطلاع وتملك أصولاً تحت الإدارة بقيمة 1.9 تريليون يورو، أن الديون ستكون عاملاً فى الأزمة المالية المقبلة.
وقالت نسبة مشابهة إن التيسير الكمى أثر بالسلب على الجدوى المالية لخطط المعاشات بينما قال 62% إن التيسير الكمى تسبب فى تضخم التزامات صناديق المعاشات لأن الفائدة القريبة من الصفر أضرت بخطط التقاعد.
وقال أمين راجان، مدير تنفيذى فى “كرييت ريسيرش”، إن التيسير الكمى نجح باعتباره تدبير تم اتخاذه فى وقت أزمة، ولكن آثاره الجانبية قلصت فاعليته ككل.
وقالت غالبية الصناديق “67%” إن التيسير الكمى كان قوة مفيدة فى البداية وساهم فى استقرار الأسواق المالية بعد انهيار “ليمان براذرز” ودعم أطول فترة صعود فى التاريخ.
ومع ذلك، تسببت أسعار الفائدة المنخفضة فى مشكلات لصناديق المعاشات الباحثة عن عائد وأجبرتها على الانتقال إلى المجالات الأكثر خطورة مثل الأصول غير السائلة، وجعلتها تعانى من مستويات ديون عالية وأسعار أصول مرتفعة.
وقال باسكال بلانك، مدير الاستثمار فى “أموندى”، إن التيسير الكمى بمثابة صديق وعدو فى نفس الوقت لمديرى الأصول، موضحاً أنه صديق لأنه يواصل قمع التقلبات ويمنع حدوث موجة تصحيح كبيرة فى الأسواق المالية، ولكنه عدو لأنه يواصل تشويه قيم الأصول، ويدمر قواعد الاستثمار التقليدية المتعلقة بالتنويع والعلاقة بين المخاطرة والعائد والأصول خالية المخاطر.
وأضاف أنه بالأخير سوف تمر الأسواق بفترة تصحيح والتى قد تكون مؤلمة إذا تبخرت السيولة مثلما حدث فى فترة الركود الماضية.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن الاحتياطى الفيدرالى والبنك المركزى الأوروبى حاولا عكس المسار ولكن شرعا فى جولة جديدة من المحفزات العام الجارى بسبب النمو العالمى المتعثر.
ويخشى العديد من المستثمرين أن ما يعرف بالظاهرة اليابانية، وهو وضع تتسبب فيه أسعار الفائدة المنخفضة بشكل دائم فى تقليص مساحة تحفيز الاقتصاد، قد ترسخت فى الاقتصادات المتقدمة الكبيرة.
وقال ثلاثة أرباع صناديق المعاشات إن التيسير الكمى وصل لمرحلة أنه لم يعد فاعلاً فى اليابان، ويعتقد ثلثا الصناديق أنه كذلك بمنطقة اليورو، و57% منها تعتقد أن الحال كذلك فى الولايات المتحدة، وفى بريطانيا 50% من الصناديق ترى ذلك.
وقالت 65% من 38 شركة استشارات تقدم مشورة لصناديق معاشات تدير 1.4 تريليون يورو إنه سيكون من الصعب التخلص من التيسير الكمى بدون التسبب فى تقلبات سوقية ضخمة.