شهدت الجلسة الثانية من القمة السنوية السادسة للسيارات “إيجيبت أوتوموتيف” مناقشات ساخنة حول قطاع الصناعات المغذية وإمكانية التوسع فى إنتاج مكوناتها خلال الفترة المقبلة فى ضوء استراتيجية تطوير الصناعة.
واستعرضت الجلسة دور القطاع الخاص فى توطين الصناعة وكيفية دعم الحكومة للقطاع الخاص لخلق قاعدة صناعية قوية، والحوافز التصنيعية التى ستمنحها الحكومة للمصنعين لجذب المزيد من الاستثمارات.
وشارك فى الجلسة التى أدارها هشام الزينى، كل من رامى جاد مدير عام شركة “رينو”، وعلاء الدين صلاح رئيس الإدارات المركزية للتصنيع المحلى بهيئة التنمية الصناعية، وتامر الشافعى رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية، وعبدالمنعم القاضى نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية وسعيد طعيمة، عضو مجلس النواب.
وبادر عبدالمنعم القاضى نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية، بالدفاع عن قطاع الصناعات المغذية، فى مواجهة الاتهامات بتسببها فى عدم نمو صناعة السيارات، وقال: «فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى تم فتح 18 مصنعاً لإنتاج 90 نوعاً من السيارات، وبلغ متوسط إنتاج الشركة الواحدة 100 سيارة شهريًا فقط، وشركتان فقط هما اللتان بلغ إنتاجهما 2000 سيارة شهريًا، وبالمقارنة مع المعدل العالمى، سنجد تلك الأرقام ضعيفة جدًا، إذ يصل المعدل العالمى 10 آلاف سيارة شهريًا، وهو المعدل الطبيعى لتنمية الصناعة».
أضاف القاضى «فى البداية كان المستهدف إنتاج 20 ألف سيارة شهريًا، لتوفير إنتاج كمى يتوازى مع صناعة السيارات كمنتج نهائى، لكن الإنتاج الفعلى كان ضعيفاً».
وأشار إلى عدم توفير شركات الصناعات المغذية منتجاتها لكل السيارات، فشركة معينة تورد للبعض والبقية لا تفعل ذلك.
أوضح أن نسبة المكون المحلى %45، كانت %60 وللوزير المختص أن يخفضها إلى %40، وهى حتى الآن لم نصل إلى النسبة الموضوعة وتتوزع المكونات فى النسبة المعمول بها بين %17 للسيارات و%13 تجميع، و%4 دهانات.

عبدالمنعم القاضى:
تطوير الصناعات المغذية يحتاج لزيادة الإنتاج الكمى
وأضاف القاضى أن تطوير الصناعات المغذية يحتاج لزيادة الإنتاج الكمى، لكن إنتاج 500 سيارة شهريًا لا يضمن بأى حال تنمية صناعة السيارات، خاصة وسط صعوبة التصدير من مصر.
وقال رامى جاد، مدير عام شركة «رينو»، إن الإنتاج الكمى يحتاج لسوق، والسوق المصرى حتى الآن قد يستوعب 500 ألف سيارة سنويًا، وما زلنا أقل من هذا الرقم بكثير، وكنا نتوقع الوصول إليه فى عام 2015، وفقاً لتقديرات عام 2010، لكن ذلك لم يحدث.
وأضاف جاد «المشكلة أن المنتج المحلى يتكون من بعض قطع الغيار التى يقوم عليها بعض المصنعين بتكلفة أعلى من القطع المستوردة، ومع وضع برنامج لتنمية الصناعات المغذية نحتاج لتقليل التكلفة، مع دعم قطع الغيار المستوردة».
وتابع: «يجب زيادة المنتج المحلى والإنتاج الكمى، وجذب مصانع لإنتاج الأجزاء وتوفير حوافز دعم للصناعة».
واعتبر أن إعادة التصدير ستكون خطوة جيدة، لذا يجب أن تكون الجودة عالية لمواجهة المنتج الأجنبى.
وتابع جاد «فرص إعادة التصدير من مصر متوفرة وتوجد 3 شركات ترغب فى دخول السوق المصرى للاستثمار، ما سينهض بصناعة السيارات مع الاهتمام بزيادة الإنتاج الكمى».

رامى جاد: السوق المحلى ربما يستوعب 500 ألف سيارة سنويًا
وقال تامر الشافعى، رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن الصناعات المغذية للسيارات وصناعة السيارات نفسها تعتبر قطاعا واحدا، وتابع «لن يستمر أحد فى تصنيع جزء من سيارة لا يوجد لها سوق، أو مع ضعف الإنتاج الكمى».
أضاف أن أعلى مستوى مبيعات بلغته مصر كان 300 ألف سيارة فى 2014، وهذا غير كاف، ومع تراجعه فى السنوات الماضية تأثرت الاستثمارات بصورة واضحة فى السوق المحلى.
أوضح أن الشركات لديها جاهزية للاستثمار، لكن نحتاج لرؤية واضحة وسوق يستوعب الإنتاج، سواء على المستوى المحلى أو التصدير.
وقال الشافعى «قبل عامين كنا ننتظر بداية 2019 لتنفيذ استراتيجية الصناعة، لكن الوضع جاء فى غير صالح الصناعات المحلية، فالمصانع تدفع جمارك على الخامات المستوردة، فى حين تدخل السيارات الأوروبية بدون جمارك نهائية، وفى الفترة المقبلة ستدخل السيارات التركية بالنظام نفسه».

تامر الشافعى:
لن يستمر أحد فى تصنيع جزء من سيارة لا يوجد لها سوق أو مع ضعف الإنتاج
أضاف أن الحكومة اهتمت بالطرق والبنية التحتية خلال الفترة الأخيرة، وتلك الطرق تحتاج لسيارات نقل كثيرة، ولا نحتاج لدعم أكثر من الاحتياج إلى خريطة استثمارية جيدة تستمر لمدة 10 سنوات وفقًا لاحتياجات السوق.
واستبعد الشافعى، إقامة صناعة وسائل نقل بدون صناعات مغذية والعكس صحيح وقال إن إعلان رؤية الحكومة لإحلال الغاز الطبيعى فى السيارات بدلاً من السولار والبنزين لم يتم بعد بصورة كاملة، إذ تم الحديث كثيرًا عن ذلك لكن دون قرار ينهى استخراج الرخص للسيارات التى ما زالت تعمل بالسولار والبنزين.
وقال علاء الدين صلاح، رئيس الإدارات المركزية للتصنيع المحلى بهيئة التنمية الصناعية، إن استراتيجية صناعة السيارات طُرحت قبل مدة زمنية طويلة، وفى الوقت الحالى توجد استراتيجية قريبة الصلة بما طرح قبل ذلك بعد تعديلها بالتنسيق مع مجلس النواب، وسيتم طرح رؤيتها النهائية على المجلس قريبًا.
أضاف أن بعض محاور الاستراتيجية تهتم بتعميق التصنيع المحلى، والإنتاج الكمى، والتصدير، وكيف ستدار بما يفيد صناعة السيارات، مع وجود مجموعة من الحوافز المهمة للتنمية.
وتدخل رامى جاد، مدير عام شركة «رينو»، قائلاً إن مصر أبرمت اتفاقات اقتصادية مع دول عدة وتحترمها كثيرًا، وحين تم تطبيق اتفاقية الشراكتين الأوروبية والتركية لم يتم تطبيقها فى الخفاء، وتم الإعلان عنهما منذ سنوات طويلة.
واعتبر أن الأساس لأى تنمية اقتصادية، يأتى عبر وضع استراتيجية تنمية عامة للقطاع، فالسيارات تحتاج بين 10 و14 ألف قطعة، وعند التنفيذ السليم يمكن أن يتم تصدير 9 آلاف قطعة وتوجيه 1000 قطعة للسوق المحلى.
أوضح أن المشكلة تكمن فى النهوض بالصناعة، وليس فى فرض قوانين حماية، والتنمية تحتاج تكلفة متوازنة مع منتجات الأسواق الأخرى، للقدرة على التصدير، وأن توسيع القاعدة الصناعية يبدأ من الأساس، عند المغذيات وقطع الغيار.
وقال علاء الدين صلاح، إن السوق المصرى «ضيق»، والأهم هو بدء عملية تنميته ليكون أكبر من الوضع الحالى، ففى 2008 و2009، كان السوق يستوعب 220 ألف سيارة بين المستورد والمحلى، وارتفع إلى 298 ألف سيارة فى 2014، لكنها انكمشت مرة أخرى السنوات الأخيرة.

علاء الدين صلاح:
السوق المصرى “ضيق” والأهم تطويره
أضاف أن السؤال الأهم، هو كيفية تحقيق التنمية، ويمكن تحقيق ذلك عبر البنوك أو أى طريقة أخرى، رغم أن مبيعات السيارات عبر البنوك تتخطى %65 من المبيعات الإجمالية للسوق، لكن التنمية تتم فى مسارات مختلفة لزيادة قدرة السوق المحلى على استيعاب عدد أكبر من السيارات سنويًا.
وتابع صلاح «نحتاج لتكاتف القطاع الصناعى بالكامل، لتحقيق التنمية المستدامة والتشتت بين المصانع يخلق توتراً يُصعب العمل على كافة النواحى».
وقال سعيد طعيمة، عضو مجلس النواب، إن دولة بلا استراتيجية هى دولة عشوائية، وأن مجلس النواب يسير فى اتجاهين، الأول عبر إصدار قانون جديد للمرور، والطريق الثانى إحلال سيارات جديدة بديلة عن السيارات المتقادمة.
أضاف أنه يجب البدء فى التنسيق مع الحكومة عبر التعرف على عدد السيارات المستهدف إحلالها للعمل على الطرق.
وعلى مستوى السيارات الكهربائية، قال: «لا زالت تحتاج الاستراتيجية للنهوض مثل الدول الأوروبية، ففرنسا أعلنت أنها بحلول العام 2040 لن تكون لديها سيارة تعمل بالمحروقات، وألمانيا فى 2030، ويمكن أن تحدد مصر موعدًا لتحقيق ذلك فى 2060».
أضاف أنه لا توجد استراتيجية من قبل وزارتى النقل والداخلية بشأن التصاريح، وسيتم القضاء على تلك المشكلة فى مجلس النواب عبر الاجتماع مع الجهات المعنية فى هذا الشأن، وسيتم وضع استراتيجية العمل خلال أيام بالنسبة للسيارات الكهربائية.

سعيد طعيمة: “النواب” يعمل على إصدار قانون جديد للمرور وإحلال سيارات بديلة عن المتقادمة
أضاف: «حتى اليوم الاستثمار قائم، لكنه لم يعمل بالصورة التى نرغب فيها، وطالما أن البنية الأساسية للطرق موجودة، سيكون هناك استثمارات كثيرة الفترة المقبلة، تزامنًا مع اتضاح رؤية مصر للقطاع».
وطرح هشام الزيني، مدير الجلسة تساؤلا حول خطط الحكومة لإحلال السيارات الجديدة محل القديمة.
وقال علاء الدين صلاح، إن إحلال سيارات جديدة بدلاً من السيارات التى مر عليها 20 عامًا من التشغيل سيتم كمرحلة أولى، وأُفَضل أن يكون العمل من خلال مصنع واحد بعلامة تجارية واحدة، عبر طرح مناقصة والاختيار من أفضل المتنافسين عليها من حيث أفضلية الملف الفنى والمالى.
أضاف أن هذه الفكرة واجهت اعتراضات من البعض والتى أسموها بفتح الباب أمام احتكار الفائز للسوق، ولم يتم التوصل إلى آلية نهائية.
وأيد صلاح، فكرة العمل من خلال شركة واحدة بمواصفات يتم تحديدها على مستوى المختصين بالتعاون مع الحكومة، وسيتم إصدار دراسة كاملة عن الملف بالكامل الفترة المُقبلة.
أوضح أن المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة الأسبق أصدر 10 مواصفات فى عام 2008، وكان من المفترض استكمالها، لكن لم يحدث ذلك فى التوقيت المحدد.
وتابع: «وزير الصناعة فى حكومة سابقة أصدر 40 مواصفة جديدة، لكن المواصفات مُكلفة ما سيرفع سعر السيارة ليتم إلغاؤها فى النهاية، ونحتاج نحو 70 مواصفة لسيارات الركوب».
وقال تامر الشافعى، رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن عملية الإحلال تأتى على شقين، الأول منها هو الذى يهتم به مجلس الوزراء، وهو إحلال السيارات التى تعمل الغاز الطبيعى بدلًا من السيارات التى تعمل بالسولار.
أضاف أن مصر تستورد سولار بـ2.2 مليار دولار سنويًا، %70 منها تذهب إلى سيارات المينى باص، والميكروباصى بواقع 245 ألف سيارة مسجلة فى المرور، ومنها 80 ألف سيارة فقط التى مر عليها 20 عامًا، وهى ما سيتم تطبيق قرار مجلس الوزراء عليها بداية من يناير 2020، لكن القرار يسرى على السيارات التى تعمل بالسولار فقط وليس البنزين.