المستثمرون الجمهور المستهدف بالمقام الأول.. وتوصيات بالتركيز على التحقيقات الاستقصائية والتقارير التفسيرية
ناقشت كلية الإعلام بجامعة القاهرة، يوم السبت الماضى، رسالة ماجستير بعنوان «مصادر معلومات التغطية الصحفية وعلاقتها بأجندة أولويات وأطر تقديم محتوى الصحف الاقتصادية»، أعدتها الباحثة شيماء البدوى، الصحفية بجريدة «البورصة» والتى حصلت على تقدير امتياز عقب المناقشة.
وتكونت لجنة التحكيم من الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة رئيساً ومناقشاً، والدكتور هشام عطية عبدالمقصود، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا مشرفاً، والدكتور ياسر عبدالعزيز، خبير الإعلام الدولى، مدير مكتب صحيفة الشرق الأوسط بالقاهرة مناقشاً.
وقالت «البدوى»، إنَّ الدراسة تبلورت حول تحديد نوع مصادر المعلومات التى يتم توظيفها فى تغطية الصحف الاقتصادية المصرية، ودراسة علاقتها بترتيب أولويات وأطر تقديم محتوى الصحف الاقتصادية من خلال مدركات وتوجهات صناع السياسة التحريرية للصحف الاقتصادية، وذلك نتيجة اعتمادها على مصادر تجارية مثل رجال الأعمال، الذين يتصلون بطبيعة عملهم بشكل كبير بمعظم ما تنشره الصحف الاقتصادية من موضوعات، ودراسة درجة تأثير المستثمرين على طبيعة وجودة الخدمة الصحفية للصحف الاقتصادية.
وأضافت «البدوى»، أنَّ أهمية الدراسة تنبع من محدودية الدراسات العربية التى تناولت علاقة مصادر معلومات الصحف الاقتصادية بترتيب أولويات موضوعاتها الصحفية.
وأوضحت أن الصحف الاقتصادية تعتمد، بشكل كبير، على المصادر الصحفية من رجال الأعمال، وأصحاب رؤوس الأموال، وهو ما كشفت عنه الدراسة الاستطلاعية، والذين غالباً ما يحاولون إبراز أنشطتهم وخدماتهم ومصالحهم على صفحات الصحف الاقتصادية.
وقالت إن الدراسة تمثل رؤية لترتيب أولويات الصحف الاقتصادية بشكل ينعكس على القارئ بالخدمة الصحفية التى يبحث عنها.
أضافت «البدوى»، أن الدراسة تسعى إلى تحليل الأبعاد الإيجابية والسلبية فى مجال قيام الصحف الاقتصادية ببناء أولوياتها، بشكل ينعكس على القارئ بالخدمات الصحفية التى يبحث عنها.
وحاولت الدراسة الإجابة عن عدة تساؤلات من أهمها «ما طبيعة مصادر معلومات التغطية الصحفية للصحف الاقتصادية للدراسة «البورصة» و«المال»؟، وما طبيعة أولويات القضايا الاقتصادية فى صحيفتى «البورصة» و«المال»؟
بجانب التعرف على العوامل التى تتحكم فى طبيعية ترتيب أولويات محتوى الصحف الاقتصادية، والأطر وآليات التأطير الموظفة فى تغطية الصحف الاقتصادية للأحداث والشئون الاقتصادية، وحدود الاتفاق والاختلاف بين صحيفتى الدراسة فى نمط توظيف المصادر وأولويات القضايا ونوع الأطر الموظفة.
وقالت «البدوى»، إن الدراسة سعت إلى التحقق من عدة فروض، وهى وجود علاقة دالة إحصائياً بين نوع مصادر معلومات التغطية الصحفية للصحف الاقتصادية وأجندة أولويات القضايا الاقتصادية التى تتبناها.
وأضافت أن الدراسة تنتمى إلى نوعية الدراسات الوصفية التحليلية، والتى تستهدف توصيف وتحليل أدوار مصادر معلومات التغطية الصحفية فى ترتيب أولويات محتوى الصحف الاقتصادية وبناء أطر تغطيتها، والتى لا تقف عند حد جمع البيانات، وإنما يمتد مجالها إلى تصنيف البيانات والحقائق التى تم تجميعها وتسجيلها.
تابعت: «بجانب تفسير هذه البيانات وتحليلها تحليلاً شاملاً، واستخلاص نتائج ودلالات مفيدة منها تؤدى إلى إمكانية إصدار تعميمات بشأن الموقف أو الظاهرة التى تقوم الباحثة بدراستها، وبناء أساس للحقائق التى يمكن أن تنبنى عليها فروض إيضاحية أو تفسيرية للموقف أو الظاهرة بما يسهم فى تقدم المعرفة».
وتعتمد الدراسة على المنهج المسحى، الذى يتأسس على مسح لمحتوى الصحف، ويستهدف الكشف عن تأثير مصادر معلومات التغطية الصحفية فى ترتيب أولويات وأطر تقديم المحتوى الاقتصادى للصحف الاقتصادية، وذلك من خلال دراسة عينة من الصحف الاقتصادية.
واعتمدت الدراسة فى جمع البيانات وتحقيق أهداف الدراسة والإجابة عن تساؤلاتها على عينة من صحيفتى «البورصة» و«المال».
وحددت فترة الدراسة لتبدأ من أول سبتمبر 2016 وحتى مطلع مارس 2017، للتطبيق على قرارين يؤثران فى جميع القطاعات الاقتصادية، وهما «تطبيق ضريبة القيمة المضافة»، و«تحرير سعر صرف الدولار»، واستخدمت الباحثة استمارة تحليل المضمون كأداة لجمع البيانات الخاصة بالدراسة التحليلية، بالإضافة إلى لقاءات متعمقة مع القيادات التحريرية فى الصحيفتين الاقتصاديتين محل الدراسة؛ لكشف آلية العمل داخل غرف الأخبار، وكيفية وضع الأجندة والعوامل التى تتحكم بها ومناقشة نتائج التحليلية للدارسة.
وقالت «البدوى»، إنه وقع الاختيار بشكل عمدى على جريدتى «البورصة» و«المال»؛ لأنهما من أكبر الصحف الاقتصادية الورقية فى السوق المحلى، والأكثر انتشاراً، وتقومان بتغطية جميع الأحداث الاقتصادية بشكل لحظى، على مستوى القرارات الحكومية المؤثرة على الاقتصاد المصرى، وأخبار الشركات والمستثمرين ورجال الأعمال، على حد سواء.
وأسفرت الدراسة عن مجموعة من النتائج العامة؛ أهمها أن صحيفتى الدراسة ركزتا على مصادر معلومات القطاع الخاص، بشكل أكبر، خلال تغطية قضيتى تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتحرير سعر صرف الدولار، وتتصدرها شركات القطاع الخاص ثم التجار والمستوردون، تليها المؤسسات المالية، ثم البنوك الخاصة، وبنوك الاستثمار، ثم شركات تداول الأوراق المالية وغيرها.
وتأتى مصادر المعلومات الحكومية فى الترتيب الثانى فى تغطية صحيفتى «البورصة» و«المال» لقضيتى الدراسة، وتتصدرها الوزارات، خاصة الاقتصادية منها، ثم الهيئات والمؤسسات الحكومية، فضلاً عن البنك المركزى والبنوك الحكومية وغيرها. واحتلت منظمات الأعمال الترتيب الثالث فى مصادر معلومات تغطية قضيتى تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتحرير سعر الصرف فى صحيفتى «البورصة» و«المال».
فيما احتلت المصادر المجهلة والفئات الدولية الترتيب الرابع، وجاءت النقابات فى الترتيب الخامس والأخير فى مصادر معلومات تغطية صحيفتى الدراسة للقضيتين.
وأكدت الدراسة وجود علاقة بين نوع مصادر المعلومات وطبيعة الموضوعات التى تم عرضها، كما توجد علاقة، أيضاً، بين نوع مصادر المعلومات والأطر الموظفة فى التغطية.
وأكدت الدراسة، أن الصحيفتين الاقتصاديتين محل الدراسة اعتمدتا على التغطية المحلية بشكل أكبر، ولم تتعد نسبة التغطية الدولية 2%، واستعانتا بالتغطية المشتركة التى تعتمد على كل من المحلى والدولى بنسبة 1.6% فى جميع الأشكال الإخبارية عينة الدراسة.
وركزت صحيفتا الدراسة على القطاعات كافة سواء من خلال الأخبار القصيرة أو التقارير والقصص الإخبارية، ثم جاءت التغطية الأكثر من مستوى، التى تقوم بتحليل والتفسير الأكثر تعمقاً.
واعتمدت صحيفتا الدراسة على التغطية المجردة فى الترتيب الأول، وتتصدرها التصريحات، ثم الأخرى التى تتضمن تصريحات بجانب إحصائيات وبيانات، ثم جاءت التغطية التفسيرية فى الترتيب الثانى فى جميع الأشكال الإخبارية عينة الدراسة.
واستهدفت صحيفتا الدراسة الجمهور المتخصص، وفى مقدمته المستثمرون بنسبة بلغت 75.3%، ثم المهنيون بنسبة 4%، والوافدون بنسبة 0.8%، وجاء الجمهور العام فى الترتيب الثانى بنسبة 20% خلال تغطية قضيتى تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر صرف الدولار.
واهتمت صحيفتا الدراسة فى المقام الأول بالتركيز على الجانب الاقتصادى خلال تغطية القضيتين؛ نظراً إلى طبيعة اختصاصها، ثم جاء فى الترتيب الثانى معالجة النتائج، ثم نمط تناول أسباب القضية فى الترتيب الثالث، وبعدها نمط طرح وجهات النظر، والتركيز على المصلحة العامة، وجاء كل من نمط تقديم الحلول وتحديد المسئولية فى الترتيب الأخير.
وركزت صحيفتا «البورصة» و«المال» على إطار الخسارة، ثم إطار المكسب، فى تقديم تغطيتهما للقضيتين، وجاء كل من إطار المصلحة والمسئولية فى الترتيب الثالث، بينما احتل إطار التعاون الترتيب الرابع، كما استخدمتا كلاً من إطار الاستثمار والمنافسة والصراع والإطار القانونى والتحذير والتخويف فى تغطيتهما للقضيتين.
وتناولت تغطية جريدتى «البورصة» و«المال» قضيتى الدراسة من زاويتى الأثر المتوقع من حيث الإيجابى والسلبى، وجاء الأثر السلبى المتوقع فى الترتيب الأول بنسبة بلغت 71.9%، بينما بلغت نسبة الأثر الإيجابى المتوقع فى تغطية القضيتين بصحيفتى الدراسة 28.1%.
وتصدرت موضوعات ارتفاع الأسعار الأثر السلبى المتوقع من تطبيق القرارين، ثم موضوعات ضعف القوى الشرائية وتراجع المبيعات ونقص الأرباح، تليها شح السيولة الدولارية، ثم الموضوعات التى تتعلق بانكماش أعمال القطاع المصرفى.
وبعدها موضوعات زيادة التضخم، ثم تراجع أداء البورصة المصرية وارتفاع فوائد الدين والدعم، ثم موضوعات تخارج الشركات من السوق المحلى بنسبة، وبعدها ما يتعلق بأثر التعويم على الفقراء والطبقة المتوسطة وفى الترتيب الأخير موضوعات خفض مخصصات الرواتب الدولارية بالشركات الأجنبية.
وفى تغطية الأثر الإيجابى المتوقع لقضيتى الدراسة جاءت موضوعات وفرة السيولة الدولارية فى المقدمة، تليها موضوعات احتياجات المستثمرين ثم ما يتعلق بتحسن أداء البورصة المصرية، وزيادة فرص التصدير للخارج، وبعدها موضوعات جذب الاستثمارات، وتحسن مؤشرات نمو الاقتصاد وأداء الموازنة العامة، ثم موضوعات زيادة القوى الشرائية وانتعاش المبيعات وزيادة الأرباح، وفى الترتيب الأخير جاءت موضوعات انتعاش القطاع المصرفى.
وانتهت الدراسة بعدة توصيات أبرزها أن تتجه الصحف الاقتصادية بالاهتمام بكل ما يخص المواطن العادى اقتصادياً، وليس الاهتمام بأخبار الشركات والمستثمرين فقط لتستطيع التواجد بشكل أقوى ومنافسة الصحف العامة التى بدأت مؤخراً تخصيص صفحات اقتصادية أو مواقع إلكترونية لتغطية الشأن الاقتصادى محلياً.
وتوصى الدراسة بأهمية توافر تداول المعلومات للصحافة بشكل عام، خاصة الاقتصادية منها، حتى لا يلجأ الصحفى للحصول على المعلومة من مصادر خاصة وفقاً لعلاقاته الشخصية، دون الرجوع للمؤسسات والجهات التى يكتب عنها ونسبها إلى مصادر مجهلة، حتى تتوافر المصداقية، فالصحف الاقتصادية تسعى دائماً للاهتمام بالإحصائيات، وعند نشر رقم خطأ سيضر ذلك بالصالح العام.
ويجب أن تتجه الصحف الاقتصادية لتقديم التحقيقات الاستقصائية والتقارير التفسيرية والتحليلية؛ لتبسيط المعلومة، وتفسير المصطلحات الاقتصادية الصعبة والمعقدة للجمهور العادى؛ حتى لا تقتصر الصحافة الاقتصادية على الجهور المتخصص فقط. كما يجب أن تعمل المؤسسات الصحفية بمساندة النقابات ومنظمات الأعمال المهتمة بتدريب الصحفى الاقتصادى، وتنمية مهاراته فى الكتابة واللغة والتعامل مع صحافة البيانات، والفيديو وغيرها من مستحدثات الصناعة.
ويجب أن تتوافر مراكز بحثية متخصصة تتواصل مع المؤسسات الاقتصادية بأنواعها وكل من يهتمون بمتابعة الصحف الاقتصادية، لمعرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم، ولا يقتصر الأمر على السوشيال ميديا فقط لوضعها ضمن أولوياتهم أجندة الصحف الاقتصادية لتقديم محتوى اقتصادى بناء.