توقع محللون ومتعاملون فى سوق الدين المحلى، استمرار جاذبية سوق الدين المحلى لاستثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى، رغم التوترات الإقليمية، فى ظل أسعار الفائدة الحقيقية واستقرار قيمة العملة الذى تكفله البلاد، لكنهم لم يستبعدوا بعض التأثيرات المؤقتة حال وجود تصعيدات على المستوى الإقليمى، وهو ما دفع موديز لاعتماد نظرة مستقبلية سلبية لبلاد الشام وشمال أفريقيا.
وشهد عطاء أذون الخزانة للأجل 6 أشهر وعام إقبالاً واسعاً من المستثمرين، وتم تغطية العطاء بنسب 3.6 مرة و5 مرة على الترتيب.
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذى لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة اﻷهلى لإدارة الاستثمارات المالية، إن خفض بنوك الأهلى ومصر لأسعار الفائدة على الشهادات البلاتينية الخميس الماضى قاد توقعات السوق نحو خفض الفائدة وتسبب فى موجة اكتتابات موسعة للمستثمرين المحليين والأجانب.
أضاف أن سعر الفائدة الحالى جاذب للمستثمرين، وأنه وفقًا لمؤشر التأمين ضد مخاطر عدم السداد أجل 5 سنوات، التى ارتفعت بنسب بسيطة فإن مخاوف التوترات السياسية ليست كبيرة، وهو ما يسمح للمركزى بإجراء خفض جديد للفائدة، دون التسبب فى تقليل جاذبية أوراق الدين المحلية.
وجاء الانعكاس على التكلفة ضد مخاطر الائتمان لحظيًا، حيث ارتفعت فى 31 ديسمبر 15 نقطة أساس لتسجيل 291 نقطة أساس للأجل 5 سنوات، قبل أن تتراجع إلى 277 نقطة أساس فى اليوم التالى، ثم إلى 270 نقطة أساس فى ختام تداولات الأسبوع الماضى وذلك مقابل 265 نقطة أساس منتصف ديسمبر.
وقالت إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلى فى شعاع لتداول الأوراق المالية-مصر، إن أسعار الفائدة الحقيقية فى مصر تصل إلى %5.5 وهى مستويات مرتفعة بالنظر إلى الأقران فى دول المنطقة خاصة مع خفض تركيا لأسعار الفائدة نهاية 2019.
وتسجل تكلفة مبادلة المخاطر الائتمانية فى تركيا 268.5 نقطة أساس،فى حين أن سعر الفائدة الأساسية لدى تركيا يسجل %12، وارتفع التضخم إلى %11.84، وانهت الليرة التركية العام الماضى على انخفاض %9 لتصل إلى 5.95 ليرة للدولار مقابل 5.45 ليرة مطلع 2019.
أضافت أن 2020 شهدت بداية حماسية، بعد أيام من وصول الولايات المتحدة والصين لاتفاقهم المبدئى بشأن التبادل التجارى، حيث تصاعدت الخلافات فى الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران، والخلافات بين مصر وتركيا، لكن وعلى الجانب الإيجابى فأثر معظم تلك التصعيدات مؤقت.
لكن ذلك ينذر بوجود تأثيرات مؤقتة على تدفقات المحافظ المالية قد يحد دخول استثمارات جديدة أو تخارج بعض المستثمرين، وهو ما سيلقى بظلاله على سعر الصرف وعوائد أذون الخزانة.
وأشارت إلى أنه فى أوقات الأزمات يلجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة مثل بعض العملات كالدولار والين اليابان والمعادن النفيسة مثل الذهب، وبعد الهجوم على سليمانى، كان مفاجئًا انخفاض الدولار أمام العملات الآسيوية، لكن حال انعكاس ذلك الاتجاه سيؤدى ذلك إلى ارتفاع فى سعر الدولار عالميًا بما يؤثر على قيمة الجنيه، خاصة إذا واجهت مصر ضغوط من خروج استثمارات الأجانب.
نجلة: خفض الأهلى ومصر للفائدة تسبب في موجة اكتتابات موسعة للمستثمرين في أذون الخزانة
وقال محمد أبوباشا، نائب رئيس قطاع البحوث فى المجموعة المالية هيرميس، إن معدلات التضخم خلال ديسمبر الماضى، تجعل هامش الفائدة الحقيقية جاذباً للمستثمرين، وهو ما سيحافظ عليه البنك المركزى خلال الفترات المقبلة.
أوضح أن سعر الفائدة الحقيقى للمستثمرين فى أذون الخزانة أجل عام بعد استبعاد التضخم يصل إلى %5.6 وبعد استبعاد الضرائب %4.6.
وتوقع خفض 200 نقطة أساس خلال 2020، وهو المقدار الذى يسمح للمركزى بالحفاظ على جاذبية الدين المحلى واستقرار سعر الصرف، وتحفيز النمو الاقتصادى جنبًا إلى جنب مع خفض وتيرة سحب السيولة.
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى، إنه كلما كانت البيئة العالمية أقل وضوحًا وغير ممكن التنبوء بها يضعف ثقة المستثمرين ويؤدى إلى صدمة فى تكاليف الاقتراض خاصة فى أوقات الصراعات العسكرية فى الشرق لأوسط، بما يجعل آثارها سيئة على التصنيف الائتمانى للمنطقة خاصة مع اعتماد معظم البلدان على التمويل الخارجى.
أضافت أن النمو العالمى الضعيف يؤدى لتدهور أوضاع الطلب المنخفض، ويقلل الاستفادة التنافسية من الإصلاحات فى المغرب وتونس ومصر والأردن.
وقال معهد التمويل الدولى، إن تدفقات الاستثمارات لمحافظ الأوراق المالية فى الأسواق الناشئة تعافى خلال العام الماضى، فى ظل اتجاه البنوك المركزية فى العالم لخفض أسعار الفائدة، وخفض حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
أوضح أن ذلك جاء أيضًا مدعوم بمعدلات عائد مرتفعة وعملات مستقرة فى الأسواق الناشئة، لكن مع خفض الفائدة لديها فى 2020 والمخاوف بشأن معدلات النمو، سيصبح المستثمرون أكثر انتقائية.
ونوه أن التغير الأوضح فى أسعار الفائدة كان لدى تركيا التى خفضت الفائدة %12 خلال 2019، ومصر وأوكرانيا بنحو 450 نقطة أساس لكل منهما.
لكن فى بعض البلدان حد انخفاض التضخم من تراجع الفائدة الحقيقية للمستثمرين وذلك على الأخص فى أوكرانيا والمكسيك ومصر.
وذكر أن التوترات الجيوسياسية ستجعل أسواق الدين فى منطقة الشرق الأوسط أكثر حساسية للتقلبات لكن توقعات التيسير النقدى ستحفز الاستثمارات فى بعض البلدان للاحتفاظ بالعوائد المرتفعة لفترات أطول.