“فاينانشيال تايمز”: الاتفاق هش والمشكلات الأساسية الصعبة تبقى دون حل
من المقرر أن توقع الولايات المتحدة والصين اتفاقًا صعبًا لإيقاف حربهما التجارية، من خلال هدنة هشة وسط فترة عصيبة من المصالحة بين أكبر اقتصادين فى العالم بعد شهور من المواجهة التى ألقت بظلالها على النمو العالمى.
قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن اتفاق “المرحلة الأولى” الذى سيتم إضفاء الطابع الرسمى عليه اليوم الأربعاء فى حفل يقام فى البيت الأبيض، كان نتيجة لتسوية محدودة بين واشنطن وبكين فى وقت يخشى فيه البلدان تداعيات التوتر الاقتصادى والمالى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الاتفاق يلزم الصين بتقديم 200 مليار دولار من المشتريات الإضافية للسلع الأمريكية بما فى ذلك المنتجات الزراعية وغيرها من التعهدات بشأن العملة والملكية الفكرية فى مقابل التراجع الضئيل فى بعض الرسوم الجمركية.
ومع ذلك، فإن الاتفاقية لا ترقى إلى مستوى السلام الدائم لإنهاء حرب تجارية استمرت ما يقرب من عامين، مما أدى إلى تراجع الثقة فى كلا البلدين وتعطيل الأعمال التجارية بشكل كبير على جانبى المحيط الهادئ، وأشارت الصحيفة إلى الاتفاقية لا تقدم سوى القليل من التنازلات الصينية بشأن الجوانب الرئيسية لنموذجها الاقتصادى.
ومن غير المرجح أيضًا أن يتوقف التنافس الاستراتيجى الأعمق بين القوتين، والذى تسارع خلال رئاسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى المسائل العسكرية والأولوية فى التقنيات المتقدمة من اتصالات الجيل الخامس إلى الذكاء الاصطناعى.
وقال على وين، محلل السياسة في مؤسسة “راند” وهى مؤسسة فكرية فى واشنطن، إن توقيع هذه الهدنة رغم الترحيب بها، إلا أنها لا تنفى حقيقة أن كلا البلدين ينظران إلى بعضهما البعض بعبارات متزايدة الخصومة.
وأضاف: “تعتبر واشنطن صعود بكين الاقتصادى تهديدًا لأمنها القومى وأمن حلفائها وشركائها وفى الوقت نفسه، تعتبر بكين تسريع الابتكار المحلى والحصول على أسواق تصدير بديلة من الضرورات الوجودية”، ومن المقرر أن توفر الاتفاقية بعض الراحة للمستثمرين فى الأسواق المالية التى شهدت تراجعًا كبيرًا فى بعض الأحيان بشكل كبير.
وفى الوقت نفسه قدم المسئولون الأمريكيون والصينيون بعض المؤشرات الواضحة حول توقيت واحتمالات المرحلة الثانية من المفاوضات، مما قد يؤدى إلى قدر أكبر من اليقين للشركات التى لديها سلاسل إمداد وإنتاج ومستهلكين فى كلا البلدين.
وكانت بكين تتطلع إلى التخلص التدريجى السريع من الرسوم بعد صفقة الأربعاء، لكن الولايات المتحدة قاومت ذلك فى محاولة لضمان احترام الصين لالتزاماتها، وأوضح ترامب، أنه لن يتم اتفاق على الشريحة الثانية من المحادثات إلا بعد الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر 2020.
وقال ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين لدى شركة “بى جى ىى إم” فى “نيوجيرسى” من منظور السوق، إن الصفقة تزيل بعض السحب المهمة، لكن من وجهة نظر أعمق للاقتصاد الكلى، فإننى أشك فى أن هذا يكفى للشركات من أجل إعادة بدء الاستثمار وفتح المستثمرين لمحخافظهم وبدء الإنفاق”.
تعرض ترامب، للانتقاد بشأن الحرب التجارية التى ألحقت بعض الضرر بالدول التى تعتمد على الزراعة والتصنيع حتى لو لم يؤد ذلك إلى ركود كامل، وقال تشارلز شومر، كبير الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ، الرئيس ترامب، يأخذ الطريق السهل، حيث أنه استقر على صفقة ضعيفة ومؤقتة تكلف الشركات الأمريكية والمزارعين الأمريكيين والعمال الأمريكيين لسنوات قادمة”.
وتخلت وزارة الخزانة عن تصنيفها للصين كمتلاعب كبير بالعملة، والذى طبقته عندما اندلعت التوترات فى أغسطس الماضى فور وصول ليو هى، نائب رئيس مجلس الدولة الصينى أمس إلى واشنطن.