نما الاقتصاد الصيني في العام الماضي بأبطأ وتيرة له منذ عام 1990، بينما انخفض معدل المواليد في البلاد إلى مستوى قياسي، مما يبرز التحديات المحلية التي تواجه بكين رغم الهدنة التي شهدتها حربها التجارية المؤلمة مع واشنطن.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني سجل نموا نسبته 6.1% في العام الماضي، ما يخيب آمال توقعات المحللين ويكشف عن وقوع الاقتصاد تحت ضغط ناتج عن ضعف الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع معدلات البطالة ومشاكل النظام المالي.
والسؤال الذي يلوح في الأفق حول ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2020 هو ما إذا كان الضرر الناجم عن النزاع التجاري يسير إلى حد كبير، أو كما يخشى بعض الخبراء ، فإن المشاكل المحلية في البنوك والصناعة التحويلية والعقارات لم تتفاقم بعد.
جاءت أرقام الناتج المحلي الإجمالي بعد يومين فقط من توقيع الصين والولايات المتحدة على المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري، لتُعلق بذلك الحرب التجارية التي دامت لقرابة عامين مع ترك التعريفات الجمركية المفروضة على الواردات الصينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات.
كان خبراء الاقتصاد متفائلين بحذر بشأن وقف النزاع التجاري، مع إمكانية مساهمة ما يسمى بالمرحلة الأولى من الاتفاق التجاري في تحسين المعنويات السلبية بين المستثمرين خلال العام الماضي.
وقال تشو تشاو بينج، استراتيجي الأسواق العالمية في “جي.بي مورجان أسيت مانجمينت”: “اﻷمر لا يتعلق بمدى ارتفاع الرسوم الجمركية، بل إنه يتعلق بما سيكون عليه الاتجاه المستقبلي للحرب التجارية”، مشيرا إلى أن توقيع الصفقة التجارية يوضح أن النزاع لن يتصاعد وستتحسن المعنويات الاقتصادية.
توفر البيانات الاقتصادية الصادرة أمس الأول الجمعة بعض الأدلة على الانتعاش المتواضع، فعلى الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي بين شهري أكتوبر وديسمبر بلغ 6%، أي أقل مما توقعه بعض الاقتصاديين، إلا أن العديد من المؤشرات أظهرت ارتفاع النشاط الاقتصادي في الأيام الأخيرة من العام الماضي.
فعلى سبيل المثال، ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 6.9% على أساس سنوي في ديسمبر الماضي، وهو ما يزيد عن توقعات السوق، كما ارتفع الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 5.4% في عام 2019 بأكمله، في إشارة إلى أن الإنفاق الرأسمالي قد ارتفع.
لم تكن القوى التقليدية للنمو المتمثلة في الإسكان والتصنيع هي الدافع وراء الزيادة الطفيفة في بعض المجالات الاستثمارية، بل إن هناك أجزاء من الاقتصاد الجديد ساعدت في دفع النمو في ديسمبر الماضي.
ووفقا لهذا الصدد، قال تشو هاو، كبير خبراء الاقتصاد في “كومرزبنك”، إن الاستثمار في الخدمات والتكنولوجيا الفائقة يبدو وكأنه ساعد في تعزيز النشاط الاقتصادي إلى حد ما.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستثمار الصناعي، مقياس صحة قطاع التصنيع، انخفض بنسبة 3.1% في العام الماضي، وهو رقم قياسي منخفض يؤكد الخسائر التي خلفتها الحرب التجارية في عام 2019.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق هو انخفاض معدل نمو المواليد في الصين إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.05% العام الماضي، وهي نذير شؤوم بالنسبة لبلد يتوقع أن يواجه نقص في العمال الشباب والقادرين لدفع نموه خلال العقدين المقبلين.