قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، إن مصر تتوقع أن تؤدى إصلاحاتها المحلية إلى تحفيز الاستثمار الخاص، سواء اتفقت أو لم تتفق على برنامج غير مالى مع صندوق النقد الدولى، وهو قرار ستتخذه الحكومة قريباً.
وأشارت السعيد، فى حوار أجرته فى لندن يوم الاثنين الماضى، على هامش مؤتمر مخصص لتعزيز الاستثمار فى أفريقيا، إلى أن الوقت قد حان لانطلاق القطاع الخاص، فالبنية التحتية والقوانين اللازمة موجودة.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن الحكومة المصرية حازت على استحسان المستثمرين اﻷجانب، نظراً لسن إصلاحات صعبة، بدعم من برنامج التمويل المتفق عليه مع صندوق النقد الدولى، بقيمة 12 مليار دولار، الذى أنهته البلاد فى نوفمبر الماضى.
ويذكر أن هذا البرنامج الاقتصادى الذى دام لثلاثة أعوام ركز على دعم برامج الإصلاح الاقتصادى في البلاد وإنعاش الاقتصاد وساهم فى تسجيل البلاد أسرع نمو اقتصادى فى الشرق الأوسط، والذى يتوقع الصندوق أن يتسارع إلى 5.9% فى عام 2020.
وانطوى هذا البرنامج أيضاً على تحرير سعر صرف الجنيه وخفض الدعم والإنفاق، وبالنسبة للمصريين العاديين، كان هذا يعنى ارتفاع مستوى التضخم، الذى أدى إلى تراجع الدخل وتوقف النمو فى القطاع الخاص، حيث تقلص النشاط التجارى طوال الـ 16 شهراً الماضية، فيما عدا شهرين، وفقاً لمؤشر مديرى المشتريات الخاص بمصر.
ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الشركات الخاصة التى توفر فرص العمل لم تنتعش بعد فى اقتصاد تهيمن عليه الكيانات الحكومية المتميزة، وبالتالى أشار صندوق النقد الدولى إلى ضرورة خفض البصمة الاقتصادية للقطاع العام.
برنامج جديد
تنظر مصر فى فكرة الانخراط فى برنامج جديد لصندوق النقد الدولى، ولكنه غير مالى، لطمأنة المستثمرين بأنها ستواصل طريقها نحو الإصلاح.
أوضحت الوزيرة المصرية، أن نفس اللجنة الاقتصادية التي تشرف على الخطط المحلية سوف تقرر ما إذا كانت ستنخرط فى برنامج صندوق النقد الدولى الجديد أم لا.
وأكدت على أن الحكومة لم تتخذ بعد أى قرار متعلق بهذا البرنامج الجديد، ولكن القرار سيصدر قريباً، رافضة تحديد إطار زمنى للقرار.
وأفاد عدد من المسئولين وصندوق النقد أن المرحلة التالية من الإصلاح ستركز على دعم القدرات والنمو المستدام، وسيتم ذلك بشكل رئيسى من خلال تمكين القطاع الخاص.
وارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر بالفعل فى الربع الأول من العام المالى الحالى بنسبة 66% مقارنة بالعام السابق، ويرجع الفضل فى ذلك إلى التدفقات الداخلة المتعلقة بالاستثمار فى المجالات الجديدة والإنفاق الرأسمالى فى صناعة البترول.
وفى الوقت نفسه، أشارت السعيد إلى مدى ثقتها فى قيام الحكومة المصرية بما يكفى وحدها لجذب المزيد من الاستثمارات.
انطلاقة الشركات
وأفادت السعيد، بأن البلاد شهدت إصلاحات قطاعية أكثر تفضيلاً مثل ميكنة النظام الجمركى، بجانب وجود بعض القوانين المهمة، مثل قوانين الإفلاس والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقالت إن الإنفاق على البنية التحتية، التى عانت من الإهمال خلال سنوات الاضطرابات التى أعقبت ثورة 2011، أصبح واضحاً.
وأشارت إلى وجود أداة أخرى ضمن اﻷدوات الحكومية، وهى صندوق الثروة السيادية الجديد، والذى سيعمل على توحيد الأصول المملوكة للدولة غير المستغلة جيداً وجعلها أكثر إنتاجية من خلال جذب المستثمرين اﻷجانب والمحليين.
ووصفت السعيد الصندوق بأنه أداة مسرعة لتحويل الممتلكات التى تسيطر عليها الدولة لتصبح تحت سيطرة القطاع الخاص بشكل جزئى.
وتشير الدراسات الاستقصائية الحكومية إلى أن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، أى أن دخلهم يقدر بنحو 1.5 دولار يومياً، قد ارتفعت إلى الثلث، ولكن السعيد أوضحت أن الأرقام الجديدة الخاصة بعام 2018-2019، التى ينتظر صدورها هذا العام، ستظهر تحسناً.
ومع ذلك، لم يتلاشى التحدى اﻷوسع نطاقاً الذى تواجهه البلاد، والذى يتمثل فى أن أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات الفقر بشكل مطرد على مدى عقود زمنية فى البلد الذى تصل كثافته السكانية إلى نحو 100 مليون نسمة، يتمثل فى الأعداد الكبيرة للأسر.