تسببت التخفيضات السعرية المتتالية على أسعار السيارات؛ تزامناً مع تطبيق الشريحة الأخيرة من اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا، ودخول السيارات تركية المنشأ دون رسوم جمركية، ما نتج عنه تراجع أسعارها، فى جمود المبيعات إلى حد ما لترقب المستهلكين مزيداً من الانخفاض.
وقال علاء السبع، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إنَّ المستهلك يترقب إعلان جميع شركات السيارات عن تراجع الأسعار ليتسنى له اتخاذ قرار الشراء المؤجل مؤقتاً لحين الإعلان عن جميع التخفيضات، موضحاً أن تراجع قيمة الدولار أمام الجنيه من أهم الأسباب لتراجع الأسعار؛ لأن حزمة التخفيضات السعرية السابقة على التخفيضات الحالية جاءت بالتزامن مع تراجع الدولار.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التخفيضات حال استمرار ارتفاع الجنيه أمام الدولار.
وأوضح أن احتدام المنافسة ربما يدفع التجار للتنازل عن جزء من أرباحهم لخفض سعر السيارات بقيم لا تتجاوز 3% من ثمن السيارة، وذلك لاستقطاب شريحة أوسع من العملاء أو رغبة فى جذب سيولة مالية تسهم في سير العمليات التجارية، وهو ما يحقق فى النهاية مصلحة المستهلك.
وأضاف “السبع”، أن التجار يخفضون أسعار السيارات التى تحظى بإقبال كبير من جانب المستهلكين أو التى لا يتلاءم سعرها المُعلن من قبل الوكيل مع أسعار منافسيها، وشركات توزيع السيارات ذات الملاءة المالية التى تسمح لها بتحمل ركود المبيعات لن تخفض أسعار سياراتها والتنازل عن جزء من ربحها.
وقال نشأت أبوحتة، مدير شركة “أبوحتة “، الموزع المعتمد لعدة علامات تجارية، إنَّ سوق السيارات يشهد حركة بسيطة في المبيعات، ويمر بحال أفضل، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، رغم الركود المعتاد الذى يخيم على السوق فى الأشهر الأولى من كل عام.
وذكر أن التخفيضات السعرية المُعلنة من قبل العديد من شركات السيارات حالياً تعود فى الأساس إلى سياسة التسعير لدى كل شركة؛ حيث تضع كل منها المتغيرات الطارئة على السوق نصب أعينها، وتبدأ إعادة تسعير الوحدات بما يتماشى مع سياستها.
أشار إلى أن تعويض بعض التوكيلات موزعيها بفارق السعر الناتج عن التخفيض من خلال توريد سيارات بقيمة الفارق السعرى أو تخفيض سعر الحصة الجديدة بقيمة الخفض نفسها.
وأضاف “أبوحتة”، أن تراجع الأسعار المتتالى يجعل المستهلك يترقب، وينتظر مزيداً من التخفيضات، ما يؤثر على قرار الشراء لديه لفترة وجيزة، لكن المستهلك الذي يحتاج شراء السيارة لن ينتظر.
وشدد على ضرورة وضع التسعير المناسب للسيارة قبل طرحها للبيع؛ لأن تذبذب الأسعار يخلق حالة من التخبط فى السوق؛ لأن تغير الأسعار يربك الأوضاع عند الموزع أو التاجر، لا سيما فيما يتعلق بإعادة تسعير السيارات الموجودة لديهم، وفقاً للأسعار الجديدة التي أعلن عنها الوكيل، منوهاً بأن التخفيضات السعرية قد تضر بالمستهلك الذي قام بشراء السيارة قبل بضع أيام من إعلان التخفيض، خاصة أن السيارة يعتبرها المستهلك أحد الأصول التي يمتلكها.
وأوضح أن وجود مخزون من السيارات لدى الموزعين أو التجار يدفعهم لخفض أسعار السيارات أو تقديم عروض للتقسيط المباشر، وتمديد فترات التقسيط، وتخفيض أسعار الفائدة على نظم التقسيط، وبعض الوكلاء يتحملون جزءاً من تلك العروض.
وأضاف أن الموزعين يطالبون الوكلاء بتقليص أعداد السيارات في السوق حال وجود ركود فى حركة البيع والشراء؛ منعاً لتكدس مخازن الموزعين والتجار وتكبدهم خسائر نتيجة توقف المبيعات.
وأكد “أبوحتة”، أن شركته تولى اهتماماً بالغاً بإدارة العلامة التجارية، وكيفية تعاملها فى أوقات الأزمات أكثر من اهتمامها بسمعة العلامة ومدى انتشارها، ويرى أن فئة الموزعين والتجار في مصر تعاني بعض الأزمات، لاسيما أن تلك الفئة هي التي تتعامل مباشرة مع المستهلك، وتتأثر بشكل كبير بمتغيرات السوق، ومن ثم فإنَّ اختيار الإدارة الجيدة القادرة على التعاون في حل الأزمات والمعوقات أمر ضروري لاستمرارية نجاح الموزع أو التاجر.
وأوضح أن الخسائر الناجمة عن ركود المبيعات يتكبدها الموزع وحده إذا لم يجد التعاون من قِبل الوكيل المحلى، مشيراً إلى أن تحسن السوق وانتعاش المبيعات السبيل الوحيد لتعويض تلك الخسائر.
وأشاد أحمد الليثى، رئيس مجلس إدارة “الليثى أوتو” بمبيعات يناير الحالى، مقارنة بمبيعات يناير 2019، رغم أن السمة الأساسية للأشهر الأولى من كل عام هى الركود فى المبيعات، واحتدام المنافسة وقلة حجم الطلب على السيارات أسفر عنهما تراجع الأسعار.
ويرى أن اشتداد المنافسة قد يتسبب في ظهور “حرق الأسعار”؛ تنشيطاً للمبيعات أو أن يلجأ إلى تقديم ميزات بنكية لاستقطاب شريحة أكبر من المستهلكين، لكن الموزع هو من يتحمل الفارق السعري الناتج عن العروض الترويجية.
وقال إن “حرق الأسعار” لن يؤثر على الوكيل المحلى لا سيما فى عدم وجود رابط قوى بين عمله وعمليات البيع للأفراد؛ حيث يؤول له استيراد حصة معينة من السيارات، وتحقيق هدف موضوع من قبل الشركة الأم.
وأوضح أن حرق الأسعار يسرى فقط على السيارات واسعة الانتشار والمعروضة بشكل كبير، كما أنها يخضع لآلية العرض والطلب، فكلما زاد الطلب على السيارة لن تتراجع أسعارها، وكلما كان المعروض من السيارات أكبر من حجم الطلب فلابد من خفض في الأسعار.
توقعات بعودة الروح لسوق السيارات بداية من النصف الثانى للعام الجارى
وأضاف أن السيارات التركية عندما انخفضت أسعارها زاد الطلب عليها، ما نتج عنه ظهور ظاهرة “الأوفر برايس” لتلك السيارات؛ نظراً إلى زيادة الطلب عليها، وقلة المعروض منها، على الرغم من انخفاض أسعارها في البداية، فمثلاً ارتفع سعر السيارة “فيات تيبو” بقيمة 7 آلاف جنيه.
ورجح “الليثى”، انتعاش مبيعات السيارة بداية من النصف الثانى للعام الجارى بالتزامن مع بداية فصل الصيف واستقرار الأسعار، ووضوح الأوضاع للعميل المتردد.
ومن جهة أخرى، أكد أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن حركة البيع والشراء داخل السوق طفيفة؛ نظراً إلى أن تلك الفترة تتزامن مع فصل الشتاء ومواسم الأعياد والتي عادة ما تتسم بالهدوء والثبات في حركة المبيعات، إضافة إلى تحسن أداء العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ما أسفر عنه تراجع أسعار السيارات حالياً، الأمر الذى أثر على قرار الشراء لدى العديد من المستهلكين.
وأوضح أن التخفيضات السعرية المتتالية للسيارات ترفع من سقف طموح المستهلك؛ انتظاراً لمزيد من التخفيضات، والمستهلك سيتخذ قرار الشراء عند استقرار أوضاع السوق وتوقف التخفيضات.
واستبعد “أبوالمجد”، التكهن بتوقيت استقرار الأسعار؛ نظراً إلى ارتباطها بأسعار الدولار؛ لأن تحرك أسعار الدولار سيؤدي بالتبعية لتحريك أسعار السيارات، ورجح انتعاش حركة المبيعات فى الربع الثانى من العام الجارى.
وأشار إلى أن شركات توزيع السيارات تطلق بعض العروض الترويجية لتنشيط المبيعات بالاتفاق مع الوكيل المحلي للعلامة التجارية، مشدداً على ضرورة أن يعوض الوكيل فارق السعر للموزع والتاجر عند خفض أسعار السيارات.
وقال منتصر زيتون، عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات، إنَّ ضعف المبيعات فى الفترة الحالية، أمر موسمى ويحدث كل عام، كما أن تطبيق الشريحة الأخيرة من اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا أسهم في تراجع أسعار السيارات تركية المنشأ وتبعها تراجع في أسعار عدة علامات تجارية؛ حفاظاً على المنافسة ما أسفر عنه تأجيل قرار الشراء عند العملاء أملاً في تطبيق المزيد من التخفيضات، مؤكداً أن مبيعات السيارات خلال يناير الجارى أفضل، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.
وتوقع نشاط المبيعات فى مارس المقبل؛ نظراً إلى أن يناير وفبراير شهرا ركود، كما أن جميع الوكلاء يقومون بإعادة تسعير سياراتهم للمنافسة في الوقت الحالي، وهو ما يضع العميل في حالة من الترقب والانتظار لحين استقرار الأسعار.
أوضح أن التجار يحرصون على تقديم عروض بنكية عبر خفض الرسوم الإدارية للسيارة، أو الإقبال على إعطاء وثائق تأمين شامل للسيارة بسعر منخفض أو دون مقابل في سبيل تحريك المياه الراكدة للسوق.
وأوضح “زيتون”، أن حرق الأسعار غالباً ما يحدث في حال احتياج التاجر لسيولة نقدية يصعب تدبيرها من البنوك، لاسيما أن التاجر يحصل على السيارة بسعر أقل من المستهلك، وهو ما يؤهله لطرح السيارة بسعر قد يقل عن الوكيل دون تعرضه للخسارة، وإنما يقتصر الأمر على تقليل هامش الربح أو البيع دون هامش ربح مطلقاً.
وأضاف أن هامش الربح قد يصل إلى 3% من سعر السيارة، والتى تشمل المصروفات والأعباء الضريبية وجميع تكاليف التشغيل التي يحتاجها الموزع أو التاجر، وحال حرق الأسعار قد يتنازل الموزع عن نسبة 1% للمصروفات والضرائب، والاكتفاء بربحية السيارة المباعة عن طريق البنك؛ حيث يحصل التاجر على عمولة بنكية والتي قد يتنازل عنها أيضاً بهدف التخلص من المخزون المتوافر لديه.
كتبت: يارا الجناينى