تكافح الصين من أجل التصدى لفيروس كورونا الجديد، الذى أودى بالفعل بحياة عشرات اﻷشخاص، فهو يعتبر مشكلة صحية خطيرة، كما أن منظمة الصحة العالمية وصفته بأنه حالة طارئة بالنسبة للصين، ولكن ليس للعالم على اﻷقل حتى الآن، وبالتأكيد، ستكون لهذا الفيروس الفتاك عواقب اقتصادية، لكن ما مدى شدة تلك العواقب؟ وإلى أى مدى ستنتشر؟
أفادت هيئة الإذاعة البريطانية “بى.بى.سى نيوز” عبر موقعها الإلكترونى، أن خبراء الاقتصاد حذروا للغاية من التنبؤ بأى أرقام اقتصادية فى هذه المرحلة المبكرة من انتشار الفيروس، ولكن يمكن تحديد الشكل الذى سيتخذه التأثير والنظر فى الضرر الاقتصادى الذى تسببت فيه اﻷمور السابقة المماثلة، خصوصاً اندلاع متلازمة الالتهاب الرئوى الحاد، التى عرفت باسم مرض “سارس” عام 2002-2003، والتى بدأت أيضاً فى الصين.
النقل وسلاسل التوريد
سيتأثر الإنفاق الاستهلاكى على الترفيه والهدايا بانتشار هذا الفيروس الفتاك، فمن المؤكد أن كثيرين سيترددون فى المشاركة فى أى أنشطة خارج المنزل، قد تعرضهم للإصابة بالفيروس، وسيلغى العديد من اﻷشخاص خططهم من تلقاء أنفسهم لتجنب مخاطر التعرض للمرض.
ويعتبر التأثير كبيراً بالفعل، فى ظل حقيقة أن مدينة ووهان، المدينة التى بدأ فيها الفيروس، تعتبر مركز نقل هام بالنسبة للعالم.
وتشكل قيود السفر أيضا مشكلة لأى عمل تجارى يحتاج إلى نقل البضائع أو الأشخاص من مكان لآخر، وبالتالى من المؤكد أن سلاسل التوريد الصناعية ستتأثر وربما تتعطل بعض عمليات التسليم، وسيصبح بعضها أكثر تكلفة، كما أنه سيكون هناك نشاط اقتصادى مفقود نتيجة عدم قدرة الأشخاص أو عدم استعدادهم للسفر من أجل العمل.
معدل الشفاء
ستكون هناك تكلفة مالية مباشرة ناتجة عن علاج المرضى الذين يخضعون للعلاج على حساب شركات التأمين الصحى، سواء العامة أو الخاصة، أو المرضى الذين يدفعون نفقات علاجهم بأنفسهم.
وستعتمد كثير من اﻷمور على انتشار المرض خارج حدود الصين، فالآثار ستعتمد إلى حد كبير على مدى سهولة انتقال الفيروس ومعدل الوفيات بين المصابين، ومن المشجع أن كثير من المصابين استردوا عافيتهم بالكامل حتى الآن، رغم وجود استثناءات مأساوية.
احتمالات التوصل إلى لقاح
سجل مؤشر شنغهاى المركب، مستوى أعلى مما كان عليه قبل 6 أشهر، فى ظل هذه اﻷوضاع، التى كان لها بعض الآثار السلبية على أسواق الأسهم، خصوصاً فى الصين، لكن تأثيرها لم يكن كبيراً.
وأوضحت “بى.بى.سى”، أن بعض الشركات بإمكانها جنى مزيد من المكاسب من انتشار فيروس “كورونا”، مثل شركات صناعة الأدوية، مشيرة إلى أن تخفيف أعراض المرض هو اﻷمر المتاح حالياً بشكل فورى. ولكن على المدى الطويل يمكن أن تكون هناك فرصة مربحة في تطوير لقاح مضاد لهذا الفيروس.
وقال كبير المسئولين العلميين فى شركة “جونسون آند جونسون”، بول ستوفيلز، فى تصريحات أدلى بها إلى “بى.بى.سى”، إن فرق عمله قامت بالفعل بالأعمال اﻷساسية لصنع اللقاح، معتوقعا إمكانية إتاحة هذا اللقاح في غضون عام تقريباً.
وكانت هناك أيضاً زيادة في الطلب على الأقنعة والقفازات الطبية اللازمة للحماية من الإصابة بالفيروس، وشهدت أسهم الشركات الصينية التى تعمل على تصنيع الأدوية والمعدات الوقائية، بعض الارتفاع الحاد فى الأسعار.
تعتبر عملية تفشى مرض “سارس” أفضل مثال تاريخى لإعطاء التوجيهات، وأفاد أحد التقديرات بإمكانية وصول تكلفته على الاقتصاد العالمى إلى 40 مليار دولار.
وأشارت الخبيرة الاقتصادية فى مجموعة “كابيتال إيكونوميكس” للاستشارات، جينيفر ماكيون، ومقرها لندن، إلى أن النمو العالمي كان أضعف بنقطة مئوية كاملة في الربع الثانى من عام 2003 عن مستوياته في الوقت الذي لم يكن يعاني العالم فيه من “السارس”، وهو ما يعتبر تأثراً كبيراً آنذاك، ولكن سرعان ما تعافى الاقتصاد بعد ذلك.
وأوضحت أن الصورة معقدة بسبب عوامل أخرى أثرت على النمو العالمي في ذلك الوقت، ولكنها توصلت إلى أنه من الصعب للغاية إيجاد أى أضرار دائمة للناتج المحلى الإجمالى العالمى من السارس.