ثمة حاجة ملحة إلى تحولات كبيرة في النظم والسلوكيات الغذائية لضمان الأمن الغذائي، والوصول إلى تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وعرض موقع وقائع الأمم المتحدة تقرير التنمية المستدامة على الصعيد العالمي لعام 2019 بعنوان المستقبل الآن تسخير العلم لتحقيق التنمية المستدامة، “بناء نظم غذائية مستدامة وأنماط التغذية الصحية” كنقطة بداية رئيسية للتحول المستدام.
وقال التقرير، الذي أعدته مجموعة مستقلة من العلماء بتكليف من الأمم المتحدة، إن تمكين التحول نحو نظم الغذاء المستدامة يعتمد إلى حد كبير على نقاط الدخول الخمس الأخرى للتحول وهي “تحقيق إزالة الكربون في الطاقة والوصول الشامل إلى الطاقة”، و”تعزيز التنمية الحضرية وشبه الحضرية المستدامة”، و”التحول نحو اقتصادات مستدامة وعادلة”، و”تعزيز رفاهية الإنسان وقدراته”، و”تأمين المشاعات البيئية العالمية”.
وأوضح التقرير، أن الابتكار التكنولوجي هو شرط أساسي للانتقال إلى نظم الأغذية المستدامة. لكن التكنولوجيا وحدها لا يمكنها تحقيق التحول المطلوب ، وسيتطلب التحول استخدامًا استراتيجيًا للحوافز الاقتصادية وأشكالًا جديدة للحكم وتغييرات في القيم والسلوكيات الحالية.
تابع العلماء في تقريرهم: “نحن بحاجة إلى المستهلكين لتحقيق الهدف وكذلك المشاركة الكاملة لصناعة المواد الغذائية، بما في ذلك شركات إنتاج الأغذية والمنتجين وتجار التجزئة ومقدمي الخدمات على سبيل المثال لا الحصر”.
ولفت التقرير إلى الحاجة لتحريك عدة محاور في ذات الوقت، من ضمنها حاجة البلدان النامية إلى سياسات ودعم متكامل حتى يتم استخدام أكثر الأطعمة المتوفرة تغذيةً خاصة من قبل النساء والأطفال.
ويلزم حدوث تحول في النظام الغذائي خصوصا في العالم المتقدم، ولكن أيضًا بين الطبقة الوسطى العليا في البلدان النامية.
ولم يتسبب الاستهلاك المفرط للحوم في مشاكل مع البيئة فقط، ولكن أيضًا في الصحة خصوصا بسبب السمنة.
أوضح التقرير أن سوء التغذية يأخذ أشكالًا متعددة على مستوى العالم، وبالتالي ينبغي إتاحة الأطعمة المغذية بطرق تتيح الاعتبار الأمثل للأبعاد البيئية والمناخية لكل سياق محدد.
ويلعب التعليم والعمل المدني ودعم الأقران، أدوارًا مهمة في التغييرات السلوكية الغذائية.و لا يمكن تجاهل دور صناعة الأغذية ومنافذ البيع بالتجزئة والمطاعم في تحويل النظم الغذائية.
قال التقرير إن خيارات الطعام محدودة بالنسبة لكثير من الناس في جميع أنحاء العالم.
وتمنع تكلفة الغذاء، وكذلك تأثير تغيّر المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي والمياه ، عدداً متزايداً من الناس من اتخاذ خيارات غذائية سليمة.. وبالتالي، تلعب السياسات دورًا مهمًا لتمكين الناس من الحصول على التغذية الصحية والمستدامة.
وذكر التقرير أن التحول المستدام للنظام الغذائي يتطلب فهماً لقضايا الأمن الغذائي العالمي، فضلاً عن ابتكارات للحلول السياقية الإبداعية بما يكفي لربط مختلف أهداف التنمية المستدامة معًا.
وتعمل بلدان الشمال الأوروبي جاهدة لدمج اعتبارات الاستدامة في مبادئها التوجيهية الغذائية لمكافحة الأمراض المرتبطة بالالتهابات الناجمة عن الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء واللحوم المعالجة.
ويمكن للتغيرات في النظام الغذائي أن تحقق مكاسب في الاستدامة منها تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتقليل الضغط على استخدام الأراضي.
وساعد العمل المشترك في مدينة “بيلو هوريزونتي” في البرازيل بين القطاعات على مستوى البلديات على مكافحة الجوع بنجاح.
وشملت الأدوات المستخدمة مبيعات المواد الغذائية المدعومة، وبرامج الوجبات المدرسية وتنظيم أسواق المواد الغذائية، على سبيل المثال لا الحصر.
والمدن هي الأماكن التي يتم فيها اعتماد أنماط حياة جديدة بسرعة.. وبالتالي فهي تفضي إلى الابتكار والتجريب مع تحول نظام الأغذية.
وأوضح أن الطفولة المبكرة هي المرحلة التي يتم فيها تحقيق المكاسب طويلة الأجل بشكل أكثر فعالية. ويبدأ هذا باستهلاك الأطعمة المغذية ، ويمكن تعزيزه من خلال التعليم والتغيرات في عادات تناول الطعام.
وتابع: “هناك مشاريع قيد التنفيذ في جميع أنحاء العالم، من بنغلاديش إلى فنلندا، لتعليم الأطفال تناول الطعام الصحي بشكل مستدام. ويمكن للأطفال أيضًا إحضار معارفهم المكتسبة إلى والديهم.. وبالتالي تعريف عائلاتهم بأساسيات الأمن الغذائي والتغييرات الضرورية في السلوك.
ولفت التقرير إلى أن الفشل في تحقيق الإطار الكامل لأهداف التنمية المستدامة سيؤدى لمعاناة أكثر من 600 مليون شخص من سوء التغذية، وترك كوكبنا غير آمن وغير عادل، وحرمان سكانه من فرصة لعيش حياة مستدامة ومزدهرة.