بدأت المملكة المتحدة، عهدا جديدا بخروجها من الاتحاد من اﻷوروبي.
وقال مارك كارني، محافظ البنك المركزي البريطاني، إن بلاده دخلت عقدا من التغييرات الهيكلية المحتملة.
وأثار الخروج، ردود فعل مختلفة بين الناس، إذ شعر البعض بالحزن إثر تلك العملية ، وأن هذا التغيير الأساسي سيكون مؤلما وضارا .. لكن هناك فئة آخرى تنظر إلى الخروج على أنه فرصة وليس تهديد.
وأوضحت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن هناك ثلاثة جوانب كامنة خلف ردود الفعل، وتتمثل في أن الاقتصاد البريطاني يعاني من خلل ويحتاج إلى إعادة التشغيل. كما أن أوروبا لا تجدي نفعا ، وسيكون من السهل إجراء التغييرات اللازمة خارج الاتحاد الأوروبي.
وبين انضمامها إلى الاتحاد اﻷوروبي في عام 1973 وخروجها هذا العام، عانت بريطانيا من أربع فترات ركود وثلاثة فترات ازدهار وكساد في سوق الإسكان، وتدهور تدريجي للقدرة التصنيعية، وتلت فترات النمو – الأولى في الثمانينيات وفي التسعينات وفي بداية الألفية الثانية- فترات تباطؤ مؤلمة. كما أن عائدات نفط زيت بحر الشمال قد تبددت.
وتعود المشكلات الهيكلية للاقتصاد البريطاني إلى عقود سابقة. ولكن أصبح من الصعب تجاهل تلك المشكلات منذ اﻷزمة المالية العالمية في 2008.
وخلال المائة العام السابقة للأزمة المالية العالمية، نما معدل إنتاج العامل الواحد بنحو 2% بشكل سنوي في المتوسط، ولكنه تباطأ منذ عام 2010 إلى 0.5% سنويا، ولو واصل هذا المعدل النمو بمعدلاته السابقة لكان الاقتصاد أكبر بنحو 20% مما هو عليه الآن.
نمو المملكة شهد تباطؤا منذ انضمامها إلى الاتحاد اﻷوروبي
وكان النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة، منذ انضمامها إلى ما أطلق عليه المجموعة الاقتصادية الأوروبية آنذاك أبطأ مما كان عليه في العقود السابقة للانضمام، وبالإضافة إلى ذلك تركز هذا النمو في جزء من الاقتصاد، وهو لندن والمنطقة الجنوبية الشرقية من البلاد.
وكان يوم مغادرة بريطانيا للاتحاد اﻷوروبي، مسؤولا عن الحالة المزاجية السائدة بين الكثير من الأعمال التجارية في البلاد بشكل ملحوظ. وبالتأكيد كانت تلك الحالة أكثر تفاؤلا مما كانت عليه طوال عام 2019، عندما أدى عدم اليقين المتعلق بالخروج إلى إعاقة الخطط الاستثمارية.
ووفقا لهذا الصدد، قال أحد قادة الأعمال في المملكة المتحدة، في مؤتمر دافوس الذي انعقد مؤخرا، إن الأمر يبدو وكأنه أخذ قسطا من الراحة، لذا ينبغي الاستفادة من هذه الفترة.
وأفاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن بلاده ستغادر السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، حتى تتمكن من وضع اللوائح الخاصة بها وخفض صفقاتها التجارية.
وأوضحت “الجارديان” أن إنشاء السوق الموحدة في الثمانينات لم يؤد إلى تسارع معدل النمو في أوروبا، ويرجع السبب في ذلك بشكل كبير إلى تسبب توجهات السياسة الاقتصادية المهووسة بالتحكم في معدلات التضخم وعجز الموازنة في تخلف مكانة الدول.
وتحتوي أوروبا على شركات عالمية رفيعة المستوى، ولكن لم يتم إنشاء أي واحدة منهم خلال الثلاثين عاما الماضية.. فلا توجد هناك شركات مماثلة لشركات “فيسبوك” و “أمازون” و “جوجل”. كما أن المملكة المتحدة لجأت إلى عملاق الاتصالات الصيني “هواوي”، لبناء شبكات الجيل الخامس، نظرا لتفوقه على منافسيه اﻷوروبيين وهما “نوكيا” و “إيريكسون”.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن انتظار اتخاذ الاتحاد الأوروبي خطوات فعالة لمواجهة مشاكله العميقة قد تكون عملية طويلة اﻷجل. فلم يتمكن الاتحاد إلا من إحراز تقدم ضئيل في إنشاء اتحاد مصرفي أو وجود موازنة مركزية يمسك بزمامها وزير مالية في الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت نفسه، يعتقد مؤيدو مغادرة الاتحاد اﻷوروبي، أن الخروج يخلق لهم حيزا سياسيا لتجربة أشياء جديدة ومختلفة. فعلى سبيل المثال يمكن للمملكة المتحدة، وهي واحدة من قادة العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، تحقيق ميزة تنافسية بمجرد صياغة لوائحها الخاصة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد مؤيدي الخروج، أن ثمة فرصة أكبر لحل مشكلات بريطانيا طويلة الأجل، منها العجز التجاري الكبير والافتقار إلى القدرة التنافسية وضعف الاستثمار.