مرضت “الصين” الشريك الأكبر بالنسبة لمصر فى الأسابيع القليلة الماضية، متأثرة بانتشار فيروس كورونا، ما أدى إلى اضطراب الحركة التجارية وآثار تخوفات لدى المصنعين فى مصر من تأثر أعمالهم، خاصة مع إعلان بعض المصانع فى الصين وقف أعمالها، وتوقف العديد من المصانع فى الدول الأخرى التى تعتمد على المواد الخام أو مكونات تنتج من بعض المقاطعات فى الصين.
اشتكى مستثمرون مصريون من تأثر أعمالهم الفترة الأخيرة نتيجة تفشى فيروس كورونا فى الصين وقالوا، إن أبرز التأثيرات المبكرة ظهرت على عملية تنظيم المعارض الدولية فى «بكين»، وتم تأجيل عدد من المعارض أبرزها «كانتون فير للجلود»، ومعرضين آخرين لقطاع الأثاث، كما أن الصين ومستوردوها لن يشاركوا فى معرض “جلف فود” الذى يقام فى الإمارات العربية المتحدة خلال أيام.
وتواصلت «البورصة» مع إدارة معرض كانتون بالصين، حول إمكانية إقامة المعرض فى موعدة المقرر (15 أبريل)، وجاء الرد مقتضب: «لا يوجد أى جديد فى هذا الشأن بعد».
قال حسن بلحة، عضو غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، إن التجار ومستوردى الغزول والمنسوجات من البوليستر اتجهوا إلى تعطيش الأسواق من خامات القطاع المستوردة من الصين، تمهيداً لرفع الأسعار خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع ضعف الاستيراد مؤخراً.
أوضح أن تداعيات انتشار فيروس كورونا فى الصين ستنعكس بالتأكيد على تكلفة الإنتاج وأسعار المنتجات فى الأسواق بالزيادة، إذ تعتمد صناعة الملابس والنسيج على الصين بشكل أساسى فى استيراد أنواع الغزول الملونة والبوليستر والإكسسوارات التى تدخل فى الصناعة، كما أن معظم الواردات فى المفروشات من الكوفرتات والبطانيات تأتى من الصين.
وأضاف أن التفكير فى اللجوء إلى منتج بديل سيأتى على حساب السعر بالضرورة، وسترتفع أسعار المنتجات الهندية والباكستانية عن نظيرتها فى الصين، ما يرفع السعر المحلى، وسيؤثر ذلك فى النهاية على التصدير.

أشار إلى أن المفروشات المخصصة للتصدير تعتمد على الأقطان ولا تعتمد على الخامات المستوردة من الصين، لأنها لا تؤهلها للمواصفات المطلوبة عالمياً.
قال مجد المنزلاوى، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن بعض المصانع الصينية المنتجة لخامات القطاعات الهندسية المختلفة، خاصة الأجهزة الكهربائية والمنزلية، عادت للعمل منذ يوم الاثنين الماضى بعد إنتهاء الإجازة السنوية للصين، وذلك لتلبية تعاقداتها، وخلال الأسبوع المقبل سيزداد عدد المصانع التى تعود للعمل.
وأشار مصطفى إبراهيم، نائب رئيس مجلس الأعمال المصرى الصينى، إلى إلغاء معرضين متخصصين فى الأثاث، كان مزمع إقامتهما فى مدينة هونج كونج الصينية، وتوقع أن يمتد شبح إلغاء المعارض إلى معرض كانتون فى أبريل المقبل، إذا لم يظهر علاج للفيروس عاجلاً.
أشار إلى أن 50% من الواردات المصرية عبر الصين تمثل منتجات مواد خام وسلع وسيطة، وتوقف الإنتاج فى عدد من مصانع الصين، سيرفع أسعار تلك المنتجات، وقد يمتد إلى تعطيل العمل فى بعض المصانع المصرية حال استمرار الأزمة.
قال إن الصين هى الأرخص بين كل الدول فى المنتجات التى توفرها للتصدير، واعتبر أن البحث عن أسواق أخرى أمر غير اقتصادى بالنسبة لمصر، وذكر أن معظم مستلزمات تصنيع الأثاث المكتبية والإكسسوارات تستورد من الصين، وأسعار تلك المستلزمات باهظة فى الدول الأخرى.
قال بركات صفا، نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية وألعاب الأطفال، إن السوق المصرى لم يعد يعتمد على فوانيس رمضان الصينية منذ قرار وزارة التجارة والصناعة بشأن منع استيراد كل المنتجات ذات الطابع التراثى، وحتى الألعاب الرمضانية غير الفوانيس أضحت تُصنع كلها فى مصر.
أضاف أن ألعاب المصايف هى التى ستتأثر بتوقف الشحن من الصين، خاصة أن موسم استيرادها يبدأ فى مارس من كل عام، وإذا استمر توقفها حتى ذلك الحين، سنواجه نقصاً فى المعروض، مع ارتفاع أسعار المتاح منها.
تابع: جميع الأدوات المكتبية والهندسية الخاصة بالمراحل التعليمية المختلفة، وكذلك الورق والحقائب المدرسية والأحذية المدرسية، يتم استيراد أغلبها من الصين، وهى أيضًا ستتأثر سلبًا، حال استمر توقف الشحن حتى مايو المُقبل.
توقع مواجهة المستوردين بصفة عامة، عقبات فى الاستيراد حال التفكير فى التحول إلى أسواق بديلة، مدفوعة بالقرار رقم 43 لوزارة الصناعة، والذى يستلزم تسجيل المصانع المُصدرة إلى مصر لدى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.

توقف معارض دولية فى الصين بسبب “كورونا “.. وممارسات سلبية من بعض المستوردين
ووجه فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية، دعوة إلى أعضاء الشعبة، بعدم المخاطرة بالسفر إلى حضور معرض كانتون المزمع انعقاده فى الصين 15 أبريل المقبل.
أوضح شريف عبدالمنعم، عضو مجلس إدارة الشعبة، (والذى كان يخطط للذهاب إلى معرض كانتون)، أنه حال استمرار أزمة الفيروس حتى أبريل المقبل، فلن يذهب إلى المعرض، وسيعتمد على التواصل إلكترونيًا فى تلبية تعاقداته مع المصانع القديمة التى يتعامل معها، وسيستورد منتجات تم استيرادها من قبل، ولن يجازف بالتعامل مع مصانع جديدة أو تجربة منتجات لم يستخدمها من قبل.
قال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن القطاع قد يستفيد من أزمة الصين مع فيروس كورونا، حال البدء الفورى فى تصنيع بعض المنتجات التى كانت تستوردها المصانع من الصين، ما يسهم فى تعميق التصنيع المحلى خلال المرحلة المقبلة.
تابع: “توجد بعض المنتجات التى يصعب تصنيعها محليًا لعدم وجود كفاءات فنية وتكنولوجية تمكن المصانع من إنتاجها، ما يضطر المصانع إلى البحث عن استيرادها من دول أخرى غير الصين”.
قال محمد المصرى، نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إن الصين تعد الشريك الاقتصادى الأول بالنسبة لمصر على مستوى الدول، وثانى أكبر شريط اقتصادى بعد الاتحاد الأوروبى.
توقع المصرى، أن يرتفع حجم التجارة مع الصين العام الماضى إلى 14 مليار دولار تقريبًا، لكن الأرقام الفعلية لم تعلن عنها الحكومة بعد، وبالطبع ستتأثر حركة الواردات إذا استمر الوضع الحالى فى الصين.
أوضح أن العبء فى الفترة الحالية على المصانع المصرية المستخدمة للمواد الخام الصينية كبير جداً، إذ أعلنت العديد من المصانع توقفها عن العمل.
أضاف أن منظمة الصحة العالمية أصدرت تقريراً قبل أيام توقعت فيه تأثيرات شديدة السلبية على الاقتصاد العالمى بشكل عام وليس بين مصر والصين فقط.
قال إن التقارير الدولية أشارت إلى انقضاء المصرض مع استقرار درجات الحرارة عند مستويات مرتفعة (30 مئوية)، وذلك مع اقتراب موسم الصيف، لكن لا أحد يسنطيع تقدير الوضع الحقيقى حتى ذلك التوقيت.
أوضح أن التأثر سيكون من خلال اعتماد الصناعات الدولية على الصين كمقر رئيسى للتصنيع، واستمرار الوضع ينذر بتأثر حركة الواردات بشكل عام، خاصة أن بعض المنتجات التى تستوردها مصر من أوروبا مثلًأ تم تصنيعها فى الصين.

الصادرات الزراعية لـ«بكين» شبه متوقفة.. ومخاوف من صعوبة توريد الأدوات المكتبية
أضاف أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين الأسبق: “حتى الآن لم تتأثر الواردات بصورة واضحة، إذ أن أغلب التعاقدات التى يتم تنفيذها حاليًا أبرمت فى نهاية العام الماضى قبل ظهور الفيروس، والعديد منها وصل إلى الموانئ المصرية وبعضها مازال قيد الشحن.
أوضح أن الإجازة السنوية للصين التى تبدأ مطلع كل عام انتهت يوم الإثنين الماضى، وأغلب الشركات خارج منطقة الحظر بمقاطعة «ووهان» خاطبت الشركاء فى مصر وأبلغتهم باستمرار الأعمال.
قال شيحة: السيناريو الأسوأ سيكون فى إعلان الكثير من المصانع الصينية توقفها عن العمل بسبب فيروس كورونا، وسيؤثر ذلك مباشرة على السوق المصرى، إذ تستورد مصر منتجات كثيرة ومواد خام من الصين.
أوضح أن الصناعة والتجارة والزراعة المصرية تعتمد بالدرجة الأولى على الصين، لتوفير مستلزمات الإنتاج، وأبرزها، الإلكترونيات بأشكالها المختلفة، والسيارات والملابس والأثاث، وأيضًا المنتجات تامة الصنع.
قال إن الصين هى المصنع الأكبر حول العالم، ولا يوجد لها بديل آخر للاستيراد، إذ أن العديد من الصناعات الأوروبية مقرها الصين، واتضح بعد إعلان مصانع عالمية منها السيارات وقف أعمالها فى الصين، كما أعلنت المصانع فى الدول الأخرى توقف أعمالها لتوقف استيراد المواد الخام التى تستوردها من الصين.
أضاف أن الصين تسعى للسيطرة على الوضع، خاصة وأنها ستؤثر مباشرة على الاقتصاد العالمى بالكامل، إذ تتعامل الصين صناعياً وتجارياً من أغلب دول العالم، خاصة الكبيرة منها.
قال إن حالة الركود الحالية فى البيع محليًا، تحمى السوق من محاولات البعض لزيادة الأسعار، خاصة فى السلع الأساسية، لكن مع استمرار الوضع وتوقف العديد من المصانع فى الصين قد يحدث العكس.
قال وليد محمد، رئيس قطاع سلاسل الإمداد بشركة دهانات ناشيونال، إن نسبة المُكون الصينى فى منتجات الدهانات تبلغ نحو 30% فى المتوسط، وحال استمر توقف الإنتاج الصينى إلى مارس المقبل، ستضطر المصانع المصرية اللجوء للبدائل الهندية والأوروبية، وهو ما سيرفع سعر المنتج.
أوضح محمد، أن الأزمة الحقيقية تكمن فى توقف المصانع الصينية عن الإنتاج وليست فى الفيروس بحد ذاته، حتى أن بعض المصانع الأوروبية التى كانت قد توقفت عن إنتاج بعض الأصناف بسبب صعوبة المنافسة مع الصين، خاطبت الشركات المختلفة بما فيها المصرية أنها قادرة على إعادة إنتاج تلك الأصناف.
قدر عبدالحميد الدمرداش، رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، التراجعات الأولية لصادرات القطاع إلى الصين بين 25 و30%، وأوضح أن حالة التوقف مع الصين شبه تامة ما يقلص فرص جهود فتح السوق الصينى أمام منتجات زراعية عدة فى السنوات الأخيرة، لكن بالتأكيد ستتحسن الظروف مع تحسن الوضع فى «بكين».
أضاف أن مصر فتحت أسواقاً عدة فى السنوات الأخيرة أمام الصادرات الزراعية، وهو ما سيكون الفرصة الوحيدة لتعويض التراجع، خاصة أن الصادرات إلى الصين نمت بوتيرة جيدة السنوات الأخيرة، بلغت نحو 120 ألف طن من جميع المنتجات.