التحول الرقمي هو التحول العميق الذي تنتهجه المؤسسات في أنشطتها التجارية والتنظيمية وكذلك العمليات والقدرات ونماذج الأعمال وذلك للاستفادة بشكل كامل من التغيرات والفرص المتاحة لمزيج جديد من التقنيات الرقمية وتأثيرها المتسارع عبر المجتمع.
ولما لهذا التحول من أهمية قصوى فى شتى المجالات، فإننا نرى تسابق كافة البنوك العاملة في مصر فى بذل أقصى طاقاتها فى هذا الاتجاه ويأتي على رأس تلك الجهود ما رأيناه بمشروع قانون البنك المركزي والقطاع المصرفي الموجود حالياً بين أروقة البرلمان لإقراره والذي يضع القواعد المُنظمة لتقديم تلك الخدمات بما يتماشى مع تحديات الواقع والمستقبل وما يواكبها من تقدم متسارع فى كافة أنحاء العالم فى استخدام التكنولوجيا.
وللوصول إلى تحقيق هذا التحول المنشود، فإن البنوك تواجه حالياً العديد من التحديات أبرزها بقطاع التجزئة المصرفية المعني بتقديم الخدمات المالية للأفراد ولعل من أهم التحديات المحافظة على تقديم تجارب عملاء مميزة فى عصر الرقمنة، حيث يتم تعريف تجارب العملاء على أنها تصورات العميل وتوقعاته وإدراكاته والمشاعر ذات الصلة الناجمة عن التأثير سواء المتراكم أو غير المتراكم لتفاعلات العميل مع مؤسسة ما من خلال موظفيها أو أنظمتها أو قنواتها أو منتجاتها.
وتبرز هنا أهمية ما يسمى بإدارة تجارب العملاء فى العديد من القطاعات ولا سيما قطاع التجزئة المصرفية حيث تعتمد هذه الإدارة على توقعات العملاء وكذلك على عنصري الإدراك والتفاعل.
التحدي هنا يكمن فى أن توقعات العملاء الأفراد لم تعد فى الغالب محكومة بالتجارب الملموسة فقط، حيث يتم إعادة تشكيل تلك التوقعات من خلال خبرات رقمية بشكل متسارع وربما بشكل يومي، فعملاء هذا القطاع هم الأفراد وبعضهم يقوم بشراء احتياجاته من خلال مواقع التسوق الإلكتروني والبعض الآخر اعتاد متابعة الأفلام والبرامج من خلال التطبيقات الإلكترونية وهناك البعض يقوم بحجز تذاكر الطيران والفنادق من خلال التطبيقات على التليفون المحمول، وغير ذلك من العمليات.
كل تجربة رقمية يخوضها العميل قد تساهم فى إعادة تشكيل توقعاته لما ينبغي أن يكون عليه التطبيق الإلكتروني أو الوسيط الرقمي للبنك، ومن المعروف عالمياً أن مبادرات التحول الرقمي تأتي فى كثير من الأحيان على حساب تجارب العملاء.
ولحرصنا على إنجاح تلك المبادرات فإننا نرى أنه لإنجاح مبادرات التحول الرقمي للبنوك فى قطاع التجزئة المصرفية لا بد وأن تضع العملاء وإدارة تجاربهم فى قلب دائرة الاهتمام، وألا تنطلق تلك المبادرات بالتركيز فقط على ما سوف يحدثه تطبيق التكنولوجيا من كفاءة فى العمليات والإجراءات دون تقديم قيمة حقيقية ملموسة للعملاء من خلال تجاربهم الرقمية.
ولذا نرى أنه يجب أن تنطلق تلك المبادرات من الإجابة على ما قد يدور فى أذهان العملاء من تساؤلات أساسية حول القيم الرئيسية التي يقدمها لهم هذا الوسيط الرقمي سواء من حيث المال أو الوقت أو حماية البيانات أو غيرها، وفى اعتقادي أن إيرادات وأرباح البنوك ستعتمد فى المستقبل على قدرتها على تقديم تلك القيم لعملائها.
بقلم: أحمد حشيش
عضو الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية