كان هناك سؤال مهم على شفاه المستثمرين لفترة طويلة، يدور حول ما إذا كان هذا العام سيكون العام الأخير الذى تحقق فيه الشركات الأوروبية نمواً فى الأرباح، وكانت التوقعات الصعودية تبعث فى كل مرة حقيقة مخيبة للآمال، خاصة أنه فى الوقت الذى ارتفعت فيه اﻷرباح فى الولايات المتحدة بشكل مطرد خلال العقد اﻷخير منذ الأزمة المالية العالمية، ظلت الأرقام الأوروبية راكدة كما هى.
ولكن الآن، فى ظل ارتفاع الأسهم بالفعل إلى مستوى قياسى واحتمالية تطبيع السياسة النقدية بشكل أكثر من سياسة التيسير النقدى، ربما يكون نمو الأرباح العامل الرئيسى لنجاح أو فشل الارتفاع.
ويتوقع المحللون إمكانية نمو أرباح الشركات المدرجة ضمن مؤشر “ستوكس أوروبا 600” بنسبة 8.2%، مقارنة بالزيادة الضئيلة البالغة 1% فى العام الماضى، كما أنه مستوى يقترب من التوسع المتوقع البالغ 8.6% فى الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يشعر العديد من الخبراء الاستراتيجيين بالشك فى ذلك، معتقدين أن هؤلاء المحللين متفائلين للغاية، ولكن المحللين عادة ما يميلون إلى خفض التقديرات مع مرور اﻷعوام، ولكن لا يبدو أن أى منهما يبشر بإمكانية تحقيق عودة دراماتيكية.
وقال إدوارد بارك، نائب رئيس الاستثمار فى شركة “بروكس ماكدونالد أسيت مانجمنت”: “مع انخفاض التقييم بشكل نسبى فى أوروبا، مقارنة بالولايات المتحدة، يمكن للمستثمرين أن يكونوا أكثر صبراً من أجل تطوير الأرباح فى عام 2020″، وأضاف بارك: “حتى تواصل الأسهم الأوروبية الارتفاع، سنحتاج إلى تحقيق أرباح”.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن الانتعاش الاقتصادى هو اﻷمر الذى بإمكانه تقديم يد العون، وفى الوقت الذى لعبت فيه الأزمات السياسية فى أوروبا دوراً فى إبقاء المستثمرين فى وضع حرج، عانت المنطقة أيضاً من ضعف البيانات الكلية وما يقابلها من نقص فى نمو الأرباح خلال السنوات الأخيرة، كما شهدت البنوك، التى كانت ذات أهمية كبيرة فى الأرباح، انخفاض قوتها وسط بيئة أسعار فائدة منخفضة لفترة أطول، لذا، رغم ارتفاع الأرباح وتراجع سعر التقييم بالقرب من مستوى قياسى، كان أداء مؤشر “ستوكس 600” دون أداء مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.
ولاحظ الخبراء فى “دويتشه بنك”، خلال ديسمبر الماضى، تخلف الأسهم الأوروبية عن نظيراتها اﻷمريكية فى الـ8 أعوام الماضية، بعد 40 عاماً من مواكبة وتيرة النمو.
وقال الاستراتيجيون، إن نمو الأرباح كان متطابقاً، باستثناء الفترة المحيطة بالأزمة المالية الأوروبية والتكيف مع تأثير التخفيضات الضريبية للشركات الأمريكية، كما أنهم يمتلكون وجهة نظر أساسية تفترض انتعاشاً فى النمو الأوروبى والعالمى، تتمثل فى أن نمو ربحية السهم فى المنطقة يتطابق مع نظيره فى الولايات المتحدة خلال عام 2020.
ولا يبدو أن الجميع سيحقق نمواً، حيث يتوقع الخبراء الاستراتيجيون فى بنك “مورجان ستانلى” تحقيق موسم التقارير نتائج متابينة، موضحين أن توقعات الإجماع لعام 2020 متفائلة، ولكنها غير معقولة.
وقال الاستراتيجيون فى مجموعة “جولدمان ساكس”، بقيادة جيلايوم جايسون، إن المحللين يترددون فى خفض توقعات الأرباح بسبب ارتفاع سوق الأسهم وتفوق الأداء الدورى، مما يفسر السبب فى أن تخفيضات الأرباح فى الربع الرابع كانت محدودة بنسبة 1% فقط.
وقال ألان بوكوبزا، كبير المحللين لدى “سوسيتيه جنرال”، فى رسالة بريد إلكترونى: “نحن لا نتوقع أى أخبار مهمة بالنسبة للأرباح فى عام 2020، فى ظل افتراضنا بتباطؤ الاقتصاد العالمى”، مشيراً إلى أن عملية ارتفاع التقييمات لا يمكنها الاستمرار إلى الأبد.
وتتوقع “بلومبرج” تسجيل شركات الاتصالات والتكنولوجيا والتجزئة والمرافق والبترول نمواً مزدوج الرقم هذا العام، أما شركات الإعلام والموارد اﻷساسية والمالية قد تسجل أبطأ وتيرة نمو “أى ما يقل عن 7%”.
ولايزال قطاعا الطاقة والتعدين، اللذان شهدا انكماشاً فى أرباحهما المكونة من رقمين العام الماضى، عرضة لضعف تقلبات أسعار التصنيع والسلع العالمية، أما قطاع البترول فقد شهد بداية متقلبة بشكل خاص فى عام 2020 عقب تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وتعتبر التوقعات أكثر ارتفاعاً بالنسبة لأرباح قطاع التكنولوجيا، فهى مدفوعة بارتفاع مستويات الأتمتة واستثمارات الشركات فى القطاع الذى سيعزز الهوامش.