اندلع خلاف بين بعض أكبر الدائنين الأجانب فى لبنان، حيث تنزلق البلاد نحو إعادة هيكلة عبء ديونها الكبير.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن شركة “أشمور” التى جمعت أكثر من مليار دولار فى السندات قصيرة الأجل فى لبنان، تضغط على بيروت لتسديد سندات بالدولار مستحقة الشهر المقبل على الرغم من الحالة المالية المحفوفة بالمخاطر فى البلاد.
وأثار الضغط الذى مارسته الشركة انتقادات من كبار المستثمرين الآخرين فى الأسواق الناشئة، الأمر الذى أثار غضب المدراء التنفيذين فى حفل عشاء أقامه “بنك أوف أميركا” فى لندن الشهر الماضى.
وقال أحد المستثمرين إن “أشمور” تحاول دعم موقفها فى بلد مفلس فعليًا.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن معظم المستثمرين الأجانب تراجعوا عن سوق الدين اللبنانى حيث انزلق البلد فى أزمة مالية كاملة العام الماضى، لكن “أشمور” يبدو أنها لا تتحرك فى نفس الاتجاه.
وكشفت بيانات وكالة أنباء “بلومبرج” الأمريكية أن شركة “أشمور” التى تتخذ من لندن مقراً لها، والتى يقودها الملياردير مارك كومبز، امتلكت فى بداية شهر يناير الماضى أكثر من ربع السندات البالغة 1.2 مليار دولار والتى سيتم سدادها فى 9 مارس المقبل.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن النمو الاقتصادى فى الدولة الواقعة بالشرق الأوسط كان بطيئاً منذ بداية الربيع العربى فى عام 2011، مما زاد من الضغط المالى على الحكومة.
وأثارت جهود الحكومة الفاشلة لجمع الأموال فى أكتوبر الماضى من خلال فرض ضريبة على مكالمات تطبيق “واتس آب” أكبر الاحتجاجات فى البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يشعر فيه المواطنون بالقلق من أنه إذا سددت الحكومة سندات مارس بالكامل، فسوف تدفع الأوضاع المالية للبلاد إلى ضغوط أكبر فى حين يشعر المستثمرون الأجانب بالقلق من أن ذلك قد يؤدى إلى خسائر أكبر على الديون الطويلة الأجل فى حالة اللجوء إلى عملية إعادة الهيكلة بالكامل.
وتذبذب سعر سندات مارس المقبل بشكل حاد فى الأسابيع الأخيرة، حيث ارتفع فوق 90 سنتًا مقابل الدولار فى أوائل فبراير وسط آمال متزايدة على سداد الحكومة قبل أن تنخفض إلى 75 سنتًا الأسبوع الماضى بعد أن طلبت بيروت مساعدة فنية من صندوق النقد الدولى.
وبشكل جماعى، فإن حاملى السندات الأجنبية فى وضع ضعيف نسبياً، بالنظر إلى أن حصة الأسد من ديون لبنان بالدولار يتحملها مستثمرون محليون.
ويحرص بعض المستثمرين على تقديم جبهة موحدة فى أى مفاوضات قادمة مع الحكومة ولا يشعرون بالارتياح لأن “أشمور” جعل الأمر أكثر صعوبة.
ويأتى التخلف عن السداد فى وقت تسبب فيه نقص المعروض من احتياطيات العملات الأجنبية فى حدوث أزمة سيولة فى لبنان.
بينما يتوقع المحللون أن الحكومة ستدفع سندات مارس المقبل ولكن آخرون أكدوا على أن إعادة الهيكلة أصبحت حتمية على الرغم من أن المستثمرين يرون أن التخلف عن السداد أمراً لا مفر منه.
وتشير نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى للبلاد البالغة 160% إلى أنه ينبغى على المستثمرين الاستعداد للحصول على أقل من 40% من أموالهم وفقًا لتحليل أجرته شركة “أكسفورد إيكونوميكس”.