يتجه العالم الآن وبقوة نحو التحول الرقمي في شتى المجالات، فقد بات تسخير التكنولوجيات الرقمية أحد أهم الحلول التي تضعها الدول المتقدمة والشركات العالمية نصب أعينها بهدف تحقيق التنمية المستدامة.
فالرقمنة تعنى دمج التكنولوجيا الرقمية في استراتيجيات الدول والشركات، مما يؤدي إلى تغييرات جوهرية تساعد على تحقيق الأهداف بإمكانيات أقل مع توفير في الوقت بالمقارنة بما قبل التحول الرقمي، بل وأبعد من ذلك، إنه تغيير ثقافي في مفهوم وطريقة العمل يضع الدول والشركات في تحد مستمر لمواكبة التقدم التكنولوجي المستمر حول العالم، خاصة بعدما أصبحت تكنولوجيا المعلومات المحرك الأساسي للابتكار في جميع المجالات الهندسية والإدارية والمالية.
أصبحت عملية التحول الرقمي ضرورة ملحة لتنفيذ استراتيجية مصر 2030 والنهوض بكافة القطاعات الصناعية والتجارية بالإضافة إلي الخدمات الحكومية كما رأينا في السنوات الأخيرة، وتقف مصر في الوقت الراهن على عتبة مرحلة محورية من التحول الرقمي الهائل في سعيها لأن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة وتداول الطاقة بالمنطقة.
وليس أدل على ذلك الشراكات بين الحكومة المصرية والشركات العالمية لتطوير منظومة العمل في مختلف القطاعات والاستفادة من الفرص التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة. على سبيل المثال وليس الحصر ما تتيحه الشراكات الموجودة بالفعل بين هيئات قطاع البترول وشركائها الأجانب لنقل الخبرة واستخدام أحدث الحلول التكنولوجية الممكنة.
ولقد أدركت شركة شل العالمية منذ زمن بعيد أهمية التحول الرقمي في قطاع الطاقة، لذلك، تربعت على عرش الريادة التكنولوجية منذ ما يزيد على قرن من الزمان حتى أصبحت اليوم أحد أكبر المستثمرين في مجال البحث والتطوير بين شركات النفط والغاز العالمية.
ففي سبيل الوصول إلى هذه المكانة الرائدة، تنفق شركة شل مليارات الدولارات سنوياً على مراكز البحث والتطوير في جميع أنحاء العالم، والتي يعمل بها علماء وباحثون لتطوير الابتكارات الرائدة، وتحويل الأفكار إلى تقنيات ذات جدوى اقتصادية. ففي عام 2018، انفقت شركة شل ما يناهز 986 مليون دولار على البحث والتطوير، مقابل 922 مليون دولار في عام 2017.
وتعمل شل مع الحكومات والأكاديميين العالميين والمختصين في هذا المجال، وتتبادل الأفكار والخبرات مع شركائها داخل وخارج قطاع الطاقة لدفع الابتكار قدما واستخدام تكنولوجيات مبتكرة ومتقدمة للمساهمة في بناء مستقبل مستدام للطاقة.
واستخدمت شل تكنولوجيات رقمية على مدار عقود بداية من استخدام الروبوتات تحت الماء في السبعينيات إلى استخدام أجهزة الكمبيوتر عالية الأداء اليوم لاكتشاف موارد طاقة جديدة تحت سطح الأرض، إلى جانب استخدام تقنية الحقول الذكية للمساعدة في زيادة إجمالي كمية النفط التي يتم استخراجها من الحقل بنسبة تصل إلى 10% والغاز الطبيعي بنسبة 5%.
كما تتبنى شل أدوات التحول الرقمي الذكي في عمليات الإنتاج والتكرير واستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة في تحديد الأعطال مبكرا والتنبؤ بها مما له أثر كبير في تعزيز الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة، وتحقيق الاستفادة القصوى منها. إلى جانب خبراتها الواسعة في العمل داخل المياه العميقة، من خلال عملها منذ 40 عاما في مناطق كثيرة حول العالم منها خليج المكسيك، وهو ما مكنها من تطوير التكنولوجيا التي تعمل بها في الأعماق.
وتعمل شركة شل العالمية على نقل أحدث التكنولوجيات إلى مصر من أجل تعظيم استفادة الاقتصاد المصري من قطاع البترول الذي يعد محركا اساسيا لتحقيق النمو في البلاد بفضل الاكتشافات البترولية الأخيرة، والتي تقدم فرصاً جديدة لقطاع البحث والاستكشاف المصري.
أؤمن بأن التعاون بين الحكومة المصرية ممثلة في وزارة البترول وشركات البترول العالمية العاملة مع الاستفادة من قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سيجعل مصر مركزا إقليميا للطاقة في عصر التحول الرقمي بعدما أصبحت التكنولوجيا قاسماً مشتركاً وعاملاً مهماً للمساهمة في عملية التحول باعتبارها القوة الدافعة نحو المستقبل ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم كل يوم.
المهندس خالد قاسم -رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة شل مصر