تستعد الاقتصادات اﻷفريقية، المعتمدة على الموارد، للتباطؤ وسط تأثير فيروس “كورونا” المميت على الطلب القادم من الصين، أحد أكبر المشترين فى تلك الدول، مما أدى إلى انخفاض أسعار البترول ودفع صندوق النقد الدولى إلى خفض توقعاته للنمو فى نيجيريا، أكبر اقتصادات القارة.
وخفض صندوق النقد الدولى، نهاية يوم الاثنين الماضى، توقعاته للنمو الاقتصادى فى نيجيريا، مسلطاً الضوء على انخفاض أسعار البترول، كما أنه حث أكبر منتج للبترول الخام فى أفريقيا على تنويع اقتصاده الذى يعتمد على البترول، حيث لايزال البترول يشكل أكثر من نصف إيرادات الحكومة النيجيرية و94% من النقد اﻷجنبى فى البلاد.
وأوضحت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن أسعار البترول انخفضت بنسبة 13% تقريباً هذا العام، نظراً لتراجع الطلب الصينى، مما يعكس تباطؤ النشاط الاقتصادى الذى تسبب فيه فيروس “كورونا”.
وقال جون آشبورن، الخبير الاقتصادى لدى شركة “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث فى لندن، إن نيجيريا لا تقوم بتصدير الكثير من البترول إلى الصين، ولكن كل انخفاض بقيمة 10 دولارات فى أسعار البترول يكلف الدولة اﻷفريقية نحو 500 مليون دولار شهرياً من عوائد الصادرات المفقودة.
وقال هارى برودمان، رئيس ممارسة الأسواق الناشئة فى مجموعة “بيركلى للأبحاث”: “كمشترى رئيسى للموارد الطبيعية من القارة السمراء، فإن تأثير تحول المحرك الاقتصادى الصينى نحو الانخفاض بسبب كورونا قد يكون له تأثير عميق على عدد كبير من الاقتصادات الأفريقية”.
وسيشكل تأثير فيروس كورونا ضربة قوية بالنسبة للدول اﻷفريقية، البالغ عددها 21 دولة، والتى يعرفها صندوق النقد بأنها كثيفة الاستخدام للموارد، والتى قال أيضاً، إنها ستشهد تباطؤاً فى النمو بنحو 2.5% فى مراجعته الاقتصادية فى أكتوبر الماضى.
وذكرت “فاينانشيال تايمز”، أن الاقتصاد الصينى المتباطئ أصاب بالفعل التجارة بين أفريقيا والصين، التى نمت بنسبة 2.2% فى العام الماضى لتصل إلى 208.7 مليار دولار، مقارنة بارتفاع قدره 20% فى عام 2018.
وخفض الصندوق، الذى يتخذ من العاصمة اﻷمريكية واشنطن مقراً له، توقعاته لنمو الناتج المحلى الإجمالى النيجيرى هذا العام من 2.5% إلى 2%، ليعكس بذلك تأثير انخفاض أسعار البترول العالمية.
ووفقاً لهذا الصدد، قال الصندوق: “فى ظل السياسات الحالية، فإن التوقعات الاقتصادية تشكل تحدياً”، ويمكن أن تتعرض دول أخرى فى القارة السمراء إلى ضربة أكبر، ففى الوقت الذى تستحوذ فيه الصين على ما يزيد قليلاً عن 1% من بترول نيجيريا، استحوذ المشترون الصينيون على 95% من صادرات البترول الخام فى جنوب السودان و61% من بترول أنجولا فى عام 2017، وفقاً لبيانات مرصد التعقيد الاقتصادى التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وحصلت الصين على 58% من صادرات إريتريا، معظمها من خام الزنك والنحاس، فى حين استحوذت على 45% من صادرات جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومعظم تلك الصادرات جاءت فى شكل شحنات الكوبالت، بالإضافة إلى ذلك، حولت أنجولا، ثانى أكبر منتج للبترول فى القارة بعد نيجيريا، والتى تمتلك علاقات عميقة مع السوق الصينية، بالفعل بعض الشحنات المتجهة إلى البلاد بسبب نقص الطلب.
ووفقاً للبيانات التى جمعها بنك الاستثمار “رينيسانس كابيتال”، تستحوذ الصادرات المتجهة إلى الصين على 23% من الناتج المحلى الإجمالى ﻷنجولا.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الهبوط المطول فى أسواق البترول قد يهدد أحد أكبر برامج صندوق النقد الدولى فى أفريقيا، حيث اعتمدت حكومة الرئيس اﻷنجولى جواو لورنسو على بقاء الأسعار عند مستوى 55 دولاراً للبرميل للمساعدة فى استقرار المالية العامة.
وبالنسبة لجنوب أفريقيا، ثانى أكبر اقتصاد فى القارة السمراء، يبدو تأثير فيروس كورونا صغيراً بالمقارنة بالمشاكل المحلية، مثل انقطاع التيار الكهربائى الذى أصاب قطاع التعدين، كما أن وكالة “موديز” للتصنيف الائتمانى خفضت توقعاتها للنمو الاقتصادى فى البلاد هذا العام إلى أقل من 1%، نظراً لهذا العوامل المحلية وليس كورونا.
وقالت شركة “كومبا”، المملوكة لشركة “أنجلو أمريكان” وأكبر منتج لخام الحديد فى جنوب أفريقيا، يوم الثلاثاء الماضى: “آثار تفشى كورونا ستقابلها قيود على الإمداد التى شهدناها حتى الآن خلال العام الحالى”.
كما قالت شركة “فيرست كوانتوم” الكندية العاملة فى مجال تعدين النحاس فى زامبيا التى تعرف بأنها ثانى أكبر منتج للمعادن فى أفريقيا، إن كورونا أوقف محادثاتها مع شركات صينية لشراء حصة فى عملياتها المحلية.
وقالت تسينيا مكيب، العضو المنتدب للعمليات الأثيوبية لشركة “بيتاردز” البريطانية لتصنيع الملابس والجلود، إن كورونا أثر على سلاسل توريد الشركة، التى تستورد الخيط ومواد التغليف من مصنع فى مدينة تيانجين بشمال الصين، ولكن المصنع هناك لم يستأنف عملياته منذ عطلة العام القمرى الجديد، وأضافت أن الوقت الراهن لا يشهد حدوث الكثير من الأمور، مشيرة إلى أن الجميع متضرر من تفشى فيروس كورونا الفتاك.