تداعى انتعاش سوق الأسهم الأمريكى، حيث توقفت فترة المكاسب التاريخية فى ظل المخاوف المنتشرة بشأن إمكانية وصول فيروس “كورونا” المميت إلى “وول ستريت”.
وسجل المؤشر الأمريكى “داو جونز الصناعى” انخفاضاً كبيراً فى تعاملات يوم الخميس الماضى، كما تراجع مؤشرى “ستاندرد أند بورز” و”ناسداك المجمع” بشكل فاجأ المستثمرين وبعض الخبراء فى “وول ستريت”، حيث سجلت المؤشرات الثلاثة أسوأ أداء منذ الأزمة المالية العالمية فى 2008.
لذا قرر موقع “ماركت ووتش” الاقتصادى العالمى تسليط الضوء على 5 عوامل كامنة وراء انخفاض سوق الأوراق المالية بهذا الشكل، وهى كالآتى:
“كوفيد-19” يؤثر على الثقة
يتزايد الخوف من تأثر الولايات المتحدة بفيروس “كورونا” الجديد، الذى انتشر من مدينة ووهان الصينية نهاية العام الماضى، خاصة أنه بدأ فى التأثير على التجارة والسفر على مستوى العالم والثقة فى الأرباح والنمو الاقتصادى.
ومنذ نحو أسبوع، قال بيتر أوبنهايمر، كبير استراتيجيى الأسهم العالمية فى مصرف “جولدمان ساكس”، فى مذكرة للعملاء: “على المدى القريب، نعتقد أن الخطر الأكبر يتمثل فى احتمالية إساءة تقديرات تأثير كورونا على الأرباح فى أسعار الأسهم الحالية، مما يشير إلى ارتفاع مخاطر التصحيح”، ودعا “جولدمان ساكس” إلى أمر مماثل يوم الخميس الماضى، ولكن هذه المرة كانت من الخبير الاستراتيجى ديفيد كوستين الذى قال إن عام 2020 لن يشهد أى نمو فى اﻷرباح.
واشتدت المخاطر منذ أن قالت الدكتورة نانسى ميسونير، مدير المركز الوطنى للمناعة وأمراض الجهاز التنفسى التابع لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يوم الثلاثاء الماضى، إن تعطيل الحياة اليومية ربما يكون شديداً.
وفشل المؤتمر الصحفى للرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب، الذى عقد الأربعاء الماضى، فى توفير راحة كبيرة للمستثمرين، ويرجع ذلك فى الغالب إلى صعوبة التنبؤ بمدى انتشار الفيروس فى أى مكان فى العالم، كما أن فيروس “كورونا” أثر على أجزاء من قطاع التصنيع فى الصين، وهى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، فى ظل اعتماد شركات التكنولوجيا الأمريكية، مثل “أبل”، بنسبة كبيرة على الإمدادات الصينية.
ولا يدرك المستثمرون إلى أى مدى سيستمر تفشى الفيروس، كما أنه من السابق لأوانه تحديد إلى أى مدى سيضر بأرباح الشركات، ولكن هناك عدد من الشركات، مثل “ماستر كارد” و”إتشى بى”، تعتقد بالفعل أن الفيروس سيلحق الضرر بأرباحها.
انتخابات 2020
يعتقد المحللون والاستراتيجيون، أن حالة عدم اليقين المتعلقة بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية بدأت فى دفع الأسواق، فالبعض منهم يعتقد أن اﻷسهم ستتلقى ضربة قوية إذا فاز السيناتور بيرنى ساندرز، الذى يصف نفسه بأنه اشتراكى ديمقراطى، بترشيح الحزب الديمقراطى للرئاسة وربما حتى بمنصب الرئيس، حيث ينظر البعض له باعتباره مرشح مضاد للأعمال التجارية.
التقييمات المرتفعة
كان ينظر إلى اﻷسهم على أنها مرتفعة، حتى قبل انخفاض السوق هذا الأسبوع، حيث أظهر أحد مقاييس قيم سوق الأوراق المالية أن مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” كان يتداول عند 18.9 ضعف التقديرات الإجمالية المرجحة للأرباح الآجلة بين المحللين ممن شملهم استطلاع للرأى أجراه “ماركت ووتش”، وذلك بارتفاع من 16.2 قبل عام، ليعتبر بذلك عند أعلى نسبة سعر للأرباح للمؤشر القياسى منذ مايو 2002.
سوق السندات
تراجعت عائدات السندات الحكومية بشكل مطرد، فى ظل بحث المستثمرين عن ملاذ آمن، وبالتالى ارتفاع أسعار السندات، وسط شكوك حول النمو الاقتصادى العالمى فى أعقاب تفشى فيروس “كورونا”، وانخفض العائد على سندات الخزانة ﻷجل 10 أعوام إلى ما دون 1.24% ليسجل مستوى قياسى منخفض فى تعاملات يوم الخميس الماضى، وسط مخاوف سرعة انتشار “كورونا” خارج الصين.
مخاوف الركود
يخشى مستثمرو السندات من تسبب “كورونا” فى تباطؤ اقتصادى عالمى مما قد يظهر على الاقتصاد اﻷمريكى كركود كامل.
ووجدت دراسة صادرة عن مكتب الموازنة بالكونجرس اﻷمريكى أن الفيروس قد يؤدى لتأثير قصير المدى على الاقتصاد العالمى مشابه فى العمق والمدة إلى تأثير الركود فى فترة ما بعد الحرب فى الولايات المتحدة، وفى الوقت نفسه، أعلنت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، أن النمو الاقتصادى العالمى سينخفض إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ أكثر من عقد، حيث يؤثر تفشى “كورونا” على الطلب والعرض، مما يشكل تحدياً بالنسبة للبنوك المركزية والحكومات للاستجابة للوضع سريع التغير.
وخفضت المنظمة، ومقرها باريس، من توقعاتها للنمو الاقتصادى لعام 2020 بأكمله إلى 2.4% بعد أن كانت 2.9%، ليعتبر بذلك النمو الأضعف منذ عام 2009، وأشارت المنظمة إلى الحاجة الضرورية لاتخاذ إجراءات سياسية منسقة فى جميع الاقتصادات الكبرى من أجل الرعاية الصحية والحوافز الاقتصادية، وذلك فى حال تفاقم الوضع.